في خطوة طال انتظارها، استأنفت سلطة النقد
الفلسطينية، اليوم الأحد، العمل في عدد من فروع البنوك في
قطاع غزة بعد انقطاع طويل فرضته الحرب
الإسرائيلية المدمّرة، في مؤشر أولي إلى بداية استعادة النشاط المالي في القطاع المنكوب.
غير أن هذه العودة جاءت منقوصة، إذ لا تزال أزمة السيولة النقدية تحول دون استئناف خدمات السحب والإيداع.
فقد أعلن بنك فلسطين عن إعادة فتح فرعيه في دير البلح والنصيرات، فيما فتح بنك القدس والبنك الإسلامي العربي فرعيهما في النصيرات لتقديم خدمات مصرفية محدودة. كما استأنف البنك الإسلامي الفلسطيني العمل في فرعه
الرئيسي بغزة، مع استقبال العملاء ضمن ساعات عمل مختصرة.
وأوضح مدير عام البنك الإسلامي الفلسطيني، عماد السعدي، في حديث مع
الجزيرة نت، أن "الخدمات المصرفية المتاحة تشمل معظم العمليات باستثناء السحب والإيداع، بسبب غياب السيولة النقدية"، مؤكداً أن "الأولوية الآن هي تسهيل وصول العملاء إلى حساباتهم إلكترونياً، ريثما تتم معالجة الأزمة النقدية".
وأشار السعدي إلى أن "توفير السيولة لا يدخل ضمن صلاحيات البنوك التجارية، بل يعتمد على الجهات النقدية المسؤولة عن توريد الأموال إلى القطاع"، مشدداً على أن “ضخ السيولة شرط أساسي لاستعادة
الدورة الاقتصادية".
وبحسب تقديرات المؤسسات الدولية، فإن نحو 95% من البنية المصرفية في غزة تضررت أو دُمّرت بفعل القصف
الإسرائيلي، في حين يضطر المواطنون اليوم إلى اللجوء إلى السوق السوداء، حيث تُفرض عمولات تتراوح بين 20 و30% للحصول على السيولة النقدية.
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر أن "إعادة الإعمار المالي لا يمكن أن تقتصر على فتح الفروع المصرفية"، داعياً إلى "خطة شاملة تضمن وصول النقد وتشغيل الصرافات وتوسيع أنظمة الدفع الإلكتروني"، محذراً من أن "غياب النقد سيُبقي الاقتصاد مشلولاً ويعمّق الاعتماد على القنوات غير الرسمية".
وبينما عدّ موظفون وتجار عودة البنوك إلى العمل "بارقة أمل" نحو التعافي، اعتبر آخرون أن الخطوة تبقى "شكلية" من دون حلول عملية لأزمة السيولة.
من جهتها، أكدت سلطة النقد الفلسطينية أنها تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية لتأمين إدخال النقد إلى القطاع ومعالجة الأزمة تدريجيًا، موضحة أن "مرحلة إعادة التشغيل تُدار بخطة مرحلية تجمع بين الإجراءات الميدانية والرقابية لضمان عودة الخدمات المالية بشكل منظم وآمن".
ويجمع الخبراء على أن ضخ السيولة النقدية هو المفتاح الحقيقي لإحياء الاقتصاد الغزي، وأن استمرار غياب النقد يعني بقاء القطاع رهينة الشلل المالي، رغم كل محاولات إعادة التشغيل.