سجّل الذهب هذا العام أكبر قفزة سعرية له منذ أزمة النفط عام 1979، بعدما ارتفعت أسعاره بنحو 64%، مدعوماً بتزايد الإقبال عليه كملاذ آمن في ظل تصاعد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى مجموعة عوامل، أبرزها تنامي الطلب على الذهب كأداة تحوّط مع تصاعد المخاوف من السياسات الأميركية واستمرار الحرب في
أوكرانيا، إلى جانب ارتفاع مشتريات البنوك المركزية والمستثمرين.
كما عزّز دوره التقليدي في التحوّط من التضخم وتراجع قيمة العملات من جاذبيته خلال الفترة الحالية.
وفي هذا السياق، أوضح الاستراتيجي في بنك "أوف أميركا»
مايكل ويدمر أن موجة الشراء الراهنة تعود إلى التوقعات بمواصلة تحقيق مكاسب إضافية، فضلاً عن سعي المستثمرين إلى تنويع محافظهم في ظل اتساع العجز المالي الأميركي، ومحاولات معالجة عجز الحساب الجاري، واعتماد سياسة الدولار الضعيف.
وتشير تقديرات المحللين إلى استمرار المسار الصاعد للذهب خلال عام 2026، وإن تباينت التوقعات بشأن حجم الارتفاع. إذ يتوقع "مورغان ستانلي" وصول سعر الأونصة إلى 4500 دولار بحلول منتصف 2026، بينما يرجّح «جي بي مورغان» أن يتجاوز متوسط الأسعار 4600 دولار في الربع الثاني، وأكثر من 5000 دولار في الربع الرابع من العام نفسه.
بدورها، تتوقع مؤسسة «ميتال فوكس»، بحسب المدير الإداري فيليب نيومان، أن يبلغ سعر الذهب 5000 دولار للأونصة، مشيرة إلى أن الدعم
الرئيسي للأسعار يأتي من المخاوف المتعلقة باستقلالية الاحتياطي
الفيدرالي الأميركي، إضافة إلى النزاعات الجمركية والتوترات الجيوسياسية.
في المقابل، تبنّى بعض الاقتصاديين نظرة أكثر تحفظاً، إذ قدّر محللو «ماكواري» وتيرة صعود أبطأ، مع متوسط أسعار يُتوقع أن يبلغ نحو 4225 دولاراً في عام 2026، في ظل احتمال تباطؤ مشتريات البنوك المركزية وتراجع تدفقات الأموال إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب.
وفي ضوء هذه المعطيات، أشار بنك التسويات الدولية إلى أننا أمام ظاهرة نادرة لم تُسجّل منذ نحو نصف قرن، تتمثل في تزامن ارتفاع أسعار الذهب مع صعود أسواق الأسهم، ما يثير تساؤلات بشأن المرحلة المقبلة. ولفت محللون إلى أن شراء الذهب هذا العام جاء في إطار التحوّط من تصحيحات حادة محتملة في أسواق الأسهم، إلا أن المخاطر لا تزال قائمة، إذ غالباً ما تؤدي التصحيحات العنيفة إلى عمليات بيع تشمل حتى أصول الملاذ الآمن. (سكاي نيوز)