ربما تجد نفسك تفقد المتعة في ممارسة هواياتك أو لقاء أصدقائك، بينما تمضي ساعات طويلة على وسائل التواصل الاجتماعي دون أن تشعر بالرضا. في هذه الحالة، قد تكون المشكلة مرتبطة بمستويات "الدوبامين" في دماغك.
الدوبامين هو ناقل عصبي يُنتجه الدماغ، ويؤدي دورًا محوريًا في تنظيم دوائر المكافأة والتحفيز والمتعة. تعمل هذه الدوائر كشبكة كهربائية دقيقة تنقل الإشارات بين الخلايا العصبية، وتحدد مدى شعورنا بالفرح أو الرغبة في تكرار سلوك معين.
لكن في عالم اليوم، تتعرض هذه الدوائر لتحفيز مفرط عبر سلوكيات ومواد مثل وسائل التواصل، الأطعمة المُعالجة،
الكحول، والمخدرات، ما يؤدي إلى إفراز مفرط للدوبامين دفعة واحدة، ويدفع الدماغ إلى تقليل إنتاجه بشكل تدريجي. النتيجة تكون حالة من "نقص الدوبامين المزمن"، حيث يصعب علينا الاستمتاع حتى بأبسط الأمور، ونُصبح بحاجة إلى جرعات أقوى من المتعة، ليس للشعور بالسعادة، بل للهروب من الشعور بالفراغ أو الانزعاج.
هذا الخلل في التوازن يؤدي إلى ما يُعرف بالإدمان، وهو لا يقتصر فقط على المخدرات أو الكحول، بل يشمل أنماطاً جديدة من الإدمان السلوكي، مثل الإفراط في استخدام الإنترنت أو استهلاك السكر. فكلما سهُل الوصول إلى مصدر المتعة، زادت احتمالات الإدمان.
للتعامل مع هذه الحالة، يُنصح بتجربة الامتناع عن السلوك أو المادة المُسببة للإدمان لمدة 30 يوماً. خلال هذه الفترة، يعيد الدماغ ضبط مسارات المكافأة، وغالباً ما يبدأ الشخص بالشعور بالتحسن بعد الأسبوع الثاني. بعد الانقطاع، إذا أراد الشخص العودة للسلوك أو المادة، يجب أن يضع خطة واضحة للكمية، التكرار، والرقابة الذاتية.
الهدف ليس تجنّب المتعة، بل استعادة التوازن، حتى تعود المتع البسيطة إلى منحنا شعوراً حقيقياً بالرضا. وقد يساعد في ذلك "الربط الذاتي"، أي وضع حواجز تُقلل من سهولة الوصول إلى مصادر المتعة السريعة، سواء عبر تقليل تخزين الأطعمة المعالجة، أو الحد من استخدام الشاشات، أو اختيار محيط اجتماعي معتدل في سلوكياته.
نحن نعيش في عالم يُروّج للاستهلاك كطريق للسعادة، لكن استعادة التوازن النفسي قد تبدأ بالابتعاد عن هذا التدفق المستمر للمتعة السهلة، والعودة إلى مصادر الرضا العميق.