في إنجاز علمي واعد، نجح باحثون يابانيون في حذف كروموسوم زائد من خلايا بشرية نمت في المختبر، ما يفتح آفاقاً جديدة لتطوير علاجات مستقبلية لمتلازمة داون باستخدام تقنيات التعديل الجيني الحديثة.
تحدث متلازمة داون نتيجة وجود ثلاث نسخ من الكروموسوم 21 بدلاً من نسختين، وهو ما يؤدي إلى اضطرابات في نمو الدماغ، وصعوبات تعلم، إضافة إلى مشاكل صحية متعددة.
واستخدم فريق بحثي من جامعة ميي
اليابانية تقنية "كريسبر-كاس9" (CRISPR-Cas9)، المعروفة بـ"المقص الجزيئي"، لإزالة الكروموسوم الزائد بدقة. وتمكّنت الأداة من التفريق بين الكروموسوم الإضافي والنسختين الموروثتين من الأبوين، مما سمح بالحفاظ على النسخ الطبيعية فقط.
أظهرت الخلايا بعد عملية التصحيح سلوكاً جينياً أكثر توازناً، خصوصاً في المسارات المرتبطة بتطور الدماغ، ما يشير إلى تحسن محتمل في الوظائف الحيوية.
ورغم النتائج المشجعة، أكد العلماء أن الأبحاث ما تزال في مراحلها الأولى، وأن التطبيق العلاجي على البشر يحتاج إلى سنوات طويلة من الدراسات والتجارب.
إلى ذلك، أوضح الدكتور روجر ريفز من
كلية الطب بجامعة
جونز هوبكنز أن إزالة كروموسوم إضافي من خلية واحدة ممكنة منذ أكثر من عقد، لكن تقنية "كريسبر" حسّنت من دقة هذه العملية. إلا أنه لفت إلى أن جسم الإنسان يحتوي على تريليونات الخلايا التي تحمل هذا الكروموسوم الزائد، مما يجعل تطبيق التقنية كعلاج شامل أمراً غير واقعي حالياً.
اختبر الفريق التقنية على نوعين من الخلايا: خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات أعيدت برمجتها من أنسجة بالغة، وخلايا ليفية جلدية. واعتمد الباحثون على قطع عدة مواقع في الكروموسوم 21 الإضافي، مما أجبر الخلية على التخلص منه. ولزيادة فرص النجاح، جرى كبح نظام إصلاح
الحمض النووي في الخلايا.
ورغم ذلك، فقدت نسبة صغيرة فقط من ملايين الخلايا الكروموسوم الإضافي بعد التحرير. ويرى الخبراء أن التحدي لا يزال كبيراً، إذ إن تطبيق العلاج على كامل الجسم يتطلب إزالة الكروموسوم من مئات الملايين من الخلايا، وهو أمر غير ممكن حالياً تقنياً.
وتبقى أمام الأبحاث عقبات تقنية وأخلاقية، مثل المخاوف من عواقب غير متوقعة، إضافة إلى احتمالية إساءة استخدام التقنية لصنع "أطفال مصممين".
مع ذلك، يعتبر الباحثون أن هذا الإنجاز خطوة هامة تمهد الطريق لدراسة متلازمة داون على المستوى الخلوي وتفتح آفاقاً لعلاجات مستقبلية.