Advertisement

صحافة أجنبية

قراءة جنائية في إفادة حمود لمحكمة لبنان

Lebanon 24
21-05-2015 | 21:53
A-
A+
Default-Document-Picture.jpg
Default-Document-Picture.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
إذا كان رئيس تحرير «المستقبل» الزميل هاني حمود قد نجح، في الاستجواب الرئيسي، في مد الجسور الرابطة بين إفادات غالبية شهود مرحلة الدافع السياسي لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، فإنه بهدوئه ووضوحه ونزاهة وقائعه، وفق ما أكده المراقبون، نجح في الاستجواب المضاد في قلب الأدوار، فبدل أن يسقط هو في «فخ اللامصداقية»، وفق ما رسم له المحامي فيليب لاروشيل المدافع عن المتهم الفار حسين عنيسي، سجل رئيس غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان دايفيد راي، سقوط لاروشيل في هذا الفخ، باعتماده على داتا الاتصالات، بعد يوم واحد على إجازة الغرفة، بناء على طلبه هو بالذات، استئناف قرار أصدرته يقضي بقانونية الطريقة التي استحصل عليها الادعاء العام على هذه الداتا من شركتي الهاتف الخلوي في لبنان. وكان لاروشيل الذي استقصى، بواسطة هذه الداتا الاتصالات التي أجراها الشاهد حمود بأشخاص آخرين تربطه بهم علاقات مهنية، في أثناء تواجده في قبرص من أجل الإدلاء بإفادته الاستنطاقية في خريف العام 2005، قد اعترض على قبول الغرفة للداتا، على اعتبار أنها وردت من دون موافقة قاضٍ مما يناقض، وفق مزاعمه، الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، وبالتالي يجب إهمالها من قائمة الأدلة. وعلق راي على إمعان لاروشيل في الاعتماد على قائمة اتصالات حمود، راسماً ابتسامة صفراء على ثغره: «يبدو أنك مسرور بقائمة الاتصالات التي حصلت عليها من شركتي الخلوي في لبنان.» وبعيداً عن هذه المسألة المهمة التي ستقوي قضية اعتماد داتا الاتصالات، وهي أساسية في ملف الاتهام، فإن كل المحاولات التي تولاها لاروشيل للتشكيك بإفادة حمود، بالإيحاء أنه نسقها مع أشخاص آخرين، ليؤثر على قوتها وتأثيراتها الإيجابية على توضيح الحقائق، سقطت بالمسار الثابت في الأجوبة الدقيقة لحمود التي توجها بالنفي رداً على سؤال محوري طرحه القاضي اللبناني عليه: «هل أخبرك المحققون عن المواضيع التي ينوون استجوابك عنها، قبل وصولك الى قبرص؟«. وكان تركيز لاروشيل على مسألتين. أولاهما، رواية الوزير السابق الياس المر عن مخطط لاستهداف الحريري بانتحاريين أدخلتهم سوريا الى لبنان، على أساس أنهم تكفيريون، وثانيتهما الكلام التفصيلي عما سمي بـ»برتوكول دمشق» في إشارة الى المحظورات التي فرضها بشار الأسد على الحريري في اجتماعه به في آخر العام 2003 بحضور غزالي وغازي كنعان ومحمد خلوف. وإذا كان فريق الدفاع عن عنيسي تولى المحاولة الفاشلة الهادفة الى المس بصدقية الشاهد(وهذه المهمة تولاها هذا الفريق مع غالبية الشهود ومن بينهم النائب وليد جنبلاط) فإن المحامي ايان ادواردز الموكل بالدفاع عن المتهم الفار مصطفى بدر الدين، تولى محاولة المس بالقوة الثبوتية لما رواه حمود عن رسالتين «تحذيريتين» من مغبة عدم الخضوع لمطالب رئيس النظام السوري نقلهما الزميل الراحل نصير الأسعد للرئيس الشهيد الحريري عن لسان مسؤولين في «حزب الله«. وهذه مهمة غالية على ادواردز لأن وكيل الادعاء العام، وفي ضوء ما جمعه من إفادات شهود الدافع السياسي، يتقدمهم حمود، كشف عن أنه نجح في ربط «حزب الله» الذي ينتمي اليه المتهمون الخمسة بالنظام السوري مصدر التهديدات المتتابعة للرئيس الحريري. وأراد ادواردز أن يوحي بوجوب الاعتماد على الشاهد مصطفى ناصر في ما يختص بعلاقة «حزب الله» بالحريري وليس على نصير الأسعد، ولكنه لم يتمكن من المس بثبات حمود على إفادته، ولا بصدقية ما رواه، ما دفع المحامي - وهو من أبرع محامي الدفاع في هذه القضية- الى الانتقال الى التخفيف من معانيها، بالإشارة الى أن من يخطط للقتل لا يمكن أن ينبه المستهدف بالتخطيط، ولكن حمود الذي ابتعد كلياً عن الكلام في السياسة على امتداد إفادته التي انتهت أمس، وقف عند تفسير الحريري نفسه لهاتين الرسالتين: «شو عم يخوفوني، ما بيمشي الأمر.» وقد تعمد كاميرون قبل إعلان اختتام الاستماع الى حمود أن يطرح سؤالاً أخيراً ووحيداً، استتبع بجواب يكرر فهم الحريري نفسه لهاتين الرسالتين. وكانت الرسالتان اللتان نقلهما الأسعد الى الحريري تحذرانه من عواقب رفضه لطلبي بشار الأسد، لجهة إعادة «الودائع النيابية» الى لوائحه الانتخابية، ولجهة فض تحالفه الذي يتعمق مع «المعارضة المسيحية«. تجدر الإشارة الى أن صدقية رواية هاني حمود هذه، كانت قد تعززت بما سبق ورواه مصطفى ناصر للمحكمة عن أن اللقاء الأخير الذي جمع الحريري بحسين خليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله- صاحب إحدى الرسالتين اللتين حملهما الأسعد- تضمن هذين المطلبين اللذين طرحهما بتهذيب، وفق ما قال الحريري في وقت لاحق للأسعد، كما أكد حمود. وفي وقت حاول ادواردز أيضاً أن يخفف من مصلحة «حزب الله» في اغتيال الحريري، بالإشارة الى أن الحريري لم يكن ينوي استعمال القوة ضد «حزب الله»، أشار حمود جازماً الى أن الحريري لم يكن في وارد استعمال القوة لا مع «حزب الله« ولا مع أي فصيل آخر، في إشارة الى سلوكيات الحريري الحوارية. ولم يشذ المحامي دايفيد يونغ بوكالته عن المتهم الفار أسد صبرا، عن المسار الاستراتيجي لفريقه، فأبقى تركيزه على الشخصيات الرئيسة في النظام الأمني اللبناني- السوري، كأصحاب مصلحة أساسية في اغتيال الحريري، لأسباب تتصل بالمحافظة على نفوذهم السلطوي في لبنان. وركز يونغ في الاستجواب المضاد مع حمود حول دورين لعبهما الرئيس السابق اميل لحود ورئيس المخابرات السورية في لبنان رستم غزالي. وأثار يونغ مع حمود موضوع مقابلة مع خالد خضر آغا بثتها قناة «الجزيرة» في آخر العام 2004، حيث نسب زوراً الى الحريري أنه زار بطائرته إسرائيل حيث حط في نهاريا وعقد اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين. وقد أكد حمود، بناء على أسئلة يونغ، أن تحريات الرئيس الحريري أثبتت أن لحود طلب شخصياً من مسؤولين قطريين بث هذه المقابلة التي رتبها مستشاره فادي آغا، بعدما امتنعت «الجزيرة» عن بثها لافتقادها للصدقية وللجدية المفترضة. وحاول يونغ الاستفادة مما قاله حمود في إفادة سابقة له حول الموضوع من أن هدف لحود من ذلك كان قطع الطريق على إمكان تحسن علاقة الحريري ببشار الأسد. ويريد الدفاع عن صبرا التأكيد أن الجريمة مرتبطة بشخصيات النظام اللبناني السوري بعيداً من إرادتي بشار الأسد و»حزب الله». لكن مشكلة هذا المقصد، تجلت في تأكيدات سبق وقالها حمود، ومفادها أن الأسد، سبق له وحسم الموضوع، عندما قال للحريري، يوم «أمر التمديد»: لحود أنا وأنا لحود. كما تطرق يونغ الى ما قاله الوزير السابق الياس المر لحمود عن أن رستم غزالي تدخل وعلي الحاج للحيلولة دون تمكن قوة من الأمن الداخلي من مصادرة كمية كبيرة من المتفجرات كانت موجودة في حديقة غزالي في عنجر، ومخصصة لمخطط تفجير السفارة الايطالية في وسط بيروت. ووفق إفادة حمود، فإن المر قال له بعد محاولة اغتياله بفترة، إنه في ضوء ما حصل، بات يظن بأن غضب غزالي عليه، يعود الى أنه أحبط مخططاً كان يستهدف اغتيال الحريري وليس السفارة الايطالية. وفي مناقشة كيفية تجلي غضب غزالي، أشار حمود الى أن المر، أقصي من وزارة الداخلية، عند تشكيل أول حكومة بعد هذا الحدث. تجدر الإشارة الى أن رستم غزالي، وفق الأدلة المجمعة، يرتبط بكل من بشار الأسد و»حزب الله»، فبشار الأسد سلمه الشأن اللبناني كاملاً وأبعد الجميع عنه، كما أن صورة تسليم حسن نصرالله» بندقية المقاومة» له، كانت تتردد قبيل هذا السؤال في قاعة أنطونيو كاسيزي. انتهت إفادة هاني حمود، في ثلاثة أيام، ولكن تداعياتها سوف تستمر على امتداد استمرار هذه المحاكمة، لأنها قدمت، من جهة معطيات في غاية الأهمية، ورسخت من جهة ثانية الفهم الكامل لكل ما أثير من وقائع على امتداد مرحلة الدافع السياسي.
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك