هل دخل البلد مرحلة حرق فرنجية وعون رئاسيًا؟

بعد أيام من إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري تبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لانتخابات رئاسة الجمهورية، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، دعم فرنجية في انتخابات رئاسة الجمهورية رسمياً، والالتزام بنصاب الثلثين في الجلستين الأولى والثانية، مؤكداً عدم انتظار الخارج والرهان على تسوية إقليمية، مشددا على حاجة لبنان إلى التهدئة والحوار والتّواصل. رسم الأمين العام لحزب الله قواعد اشتباك جديدة في الملف الرئاسي، فدعمه فرنجية كمرشح طبيعي للثنائي الشيعي لكون المواصفات التي يأخذها الثنائي في الاعتبار تنطبق عليه، سيفرض على القوى السياسية الاخرى في البلد التعاطي مع العامل المستجد بجدية، لا سيما وان المعركة الرئاسية ما بعد اطلالة السيد نصر الله عصر الاثنين انتقلت الى مرحلة جديدة تقوم على معادلة واحدة أساسها: دعم الحزب لفرنجية ودعوة الجميع الى الحوار في شأنه، او الفراغ الطويل.

ورغم ذلك، ترك الأمين العام لحزب الله متنفسا يمكن من خلاله ان يتفاهم مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على حضور الجلسة من دون تصويت، فبالتوازي مع إصراره على أهمية نصاب الثلثين في الدورتين الأولى والثانية لانتخاب الرئيس فما يهمه بالدرجة الاولى تأمين الميثاقية المسيحية لجلسة الانتخاب وهذا يعني أن حزب الله سيبقى ملتزما بالشراكة الوطنية في البلد لطمأنة حليفه المسيحي البرتقالي في الوقت نفسه، في حين أنه رمى الكرة في ملعب رئيس حزب القوات سمير جعجع وحزب الكتائب وبعض قوى التغيير، بتحميلهم مسؤولية تعطيل الجلسات الانتخابية بعد ما رشح عنهم من مواقف تصعيدية، وهذا يعني أن السيد نصر الله نجح في جعل خصومه "يلعقون" مواقفهم خاصة وان هؤلاء اتهموا حزب الله بتعطيل البلد على مدى سنتين ونصف السنة لانتخاب حليفه في العام 2016.

وفق المقربين من الرابية، لم يكن ما اعلنه السيد نصر الله من دعم لفرنجية أمراً مفاجئا، لكن ربطاً بالتباعد بين التيار الوطني الحر وحزب الله الى درجة، يخشى حقيقة على ما يسمى وثيقة التفاهم. لكن الثابت، ان الحزب عندما يقرر ويعلن شيئا بهذه الأهمية كدعم ترشيح فرنجية للاستحقاق رئاسي بهذا المنسوب العالي، يعني أننا وصلنا الى محطة جديدة، علما ان تجربة الرئيس العماد ميشال عون لن تتكرر، لأن بيك بنشعي ليس الجنرال عون الذي كان مرشحا طبيعيا حينذاك ، وكانت غالبية الشعب اللبناني تنتظر وصوله، هذا فضلا عن ان المشهد الراهن اليوم دقيق وحرج على كل المستويات والصعد، والمطلوب رئيس رؤيوي وقادر على معالجة أسباب الأزمة وربط لبنان بالمنظومات العالمية السياسية أو المالية أو الاقتصادية وإعادة الثقة العربية والدولية بلبنان.

مما لا شك فيه، أن مرحلة ترشيح النائب ميشال معوض طويت إلى غير رجعة، ودخل البلد مرحلة أشد خطورة، بحسب قطب سياسي مخضرم، لأنها مرحلة الانتهاء من ترشيح فرنجية المدعوم من حركة أمل وحزب الله وبعض القوى السياسية و قائد الجيش العماد جوزاف عون من بعض دول اللقاء الخماسي، من خلال حرقهما رئاسياً، لذلك يمكن الجزم أن هذه المرحلة ستطول وستكون أكثر حدة واحتداما، بانتظار الوصول إلى ترشيح أسماء أخرى لن تكون من الصف الأول وهذا ما تسلم به القوتان المسيحيتان( التيار الوطني الحر، وحزب القوات) رغم خلافهما على الأسماء. ففي النهاية سيسلم الجميع بضرورة انتخاب رئيس يلعب الدور التهدوي ويحوز على ثقة حزب الله ويبدد هواجسه، ويكون على تفاهم مطلق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لا سيما في مجال التعاون بين الرئاسة الاولى والثانية، ويحظى بغطاء من بكركي التي يبدو أن سيدها البطريرك بشارة الراعي وبعد استقباله السفير السعودي وليد البخاري صباح أمس وقراءته السياسية لخطاب السيد نصر الله أصبح أكثر اقتناعا أن الحل الرئاسي لا يزال بعيدا ولسنا على باب قوسين من انتخاب الرئيس، وان كان هناك توافق بين بكركي والمملكة على المواصفات التي يجب أن يتحلى بها الرئيس.

يقول مصدر سياسي ان ظروفا خارجية حتمت دعم حزب الله رسميا لفرنجية، لكن في المقابل ثمة من يقول ان ليس هناك من تقاطعات دولية واقليمية يمكن الرهان عليها لمصلحة فرنجية، مع اقتناع سياسي بارز أن لبنان أمام شهرين حاسمين سيحددان مسار الأمور انتخابا أو فراغا طويلا.