أقرت الحكومة إنشاء وزارة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحلّ مكان "
وزارة الدولة لشؤون التكنولوجيا" الحالية، التي تتداخل مهامها مع وزارة المهجرين، ويتولاها الوزير كمال شحادة.
ويهدف هذا المشروع إلى تحويل وزارة الدولة إلى وزارة كاملة الصلاحيات، مزوّدة بميزانية مستقلة ومخصّصات خاصة شأنها شأن سائر الوزارات.
وبذلك تُسجَّل هذه الخطوة كأول استحداث لوزارة جديدة منذ عام 1993 بعد إنشاء وزارة المهجّرين. لكن ما الدوافع وراء إنشائها؟ وما هي مهامها وأهدافها والتحديات التي ستواجهها؟
في حديث لـ"
لبنان 24"، أوضح
مدير مكتب وزير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، جاد منيمنة، أنّ إنشاء الوزارة الجديدة جاء استجابةً لحاجة ملحّة لوجود جهة رسمية متخصّصة في
لبنان، تكون قادرة على دعم القطاعين العام والخاص ومواكبة التطورات العالمية.
ولفت إلى أنّ لبنان يملك طاقات بشرية كبيرة في هذا المجال، إلا أنّ غياب المظلّة الحكومية كان يحول دون الاستفادة منها بالشكل المطلوب.
وبيّن منيمنة أنّ مهام الوزارة ترتكز على أربعة محاور أساسية: تبدأ بوضع التشريعات والقوانين الخاصة بالقطاع، مرورًا ببناء منظومة رقمية موحّدة تتيح للوزارات والمؤسسات الرسمية مكننة خدماتها وإطلاقها عبر منصة واحدة سهلة الاستخدام، وصولًا إلى الاستثمار في الموارد البشرية عبر تمكين مختلف الفئات العمرية من استخدام الأدوات الرقمية وتطوير مهاراتهم، وانتهاءً بدعم بيئة الأعمال من خلال مساندة الشركات الناشئة وتشجيع الاستثمارات لإعادة تنشيط القطاع بعد التراجع الذي سبّبته الأزمات.
وأشار إلى أنّ للتكنولوجيا دورًا محوريًا في مستقبل لبنان، فهي لا تقتصر على مواكبة التطورات العالمية فحسب، بل تمثّل أيضًا مدخلًا أساسيًا للإصلاح الإداري من خلال تقليص المحسوبيات والرشاوى وتعزيز الشفافية. وأوضح أنّ مكننة الخدمات تحدّ بشكل كبير من التدخلات الفردية وتقلّص فرص العرقلة.
وعن المشاريع المنجزة، كشف منيمنة أنّ الوزارة باشرت التعاون مع عدد من الوزارات، من بينها
وزارة العدل التي جرى ربط مدفوعاتها بوزارة المالية، ووزارة السياحة التي أطلقت تطبيقًا ذكيًا يتيح للمواطنين استكشاف المواقع السياحية والتخطيط لزياراتهم بسهولة. وأكد أنّ العمل متواصل مع وزارات أخرى في مجالات المكننة وتطوير حلول
الذكاء الاصطناعي.
وأضاف أنّ الوزارة تركّز على هدفين أساسيين، هما دعم القطاعين العام والخاص وجذب الاستثمارات.
فبين عامي 2011 و2019 استقطب لبنان نحو 250 مليون دولار في مجال الشركات الناشئة، لكن الرقم تراجع بعد الأزمات إلى ما بين 30 و40 مليون دولار فقط.
وتسعى الوزارة اليوم إلى رفع حجم الاستثمارات إلى 500 مليون دولار بين عامي 2025 و2030، بما يوفر فرص عمل جديدة للشباب ويعيد تنشيط الاقتصاد الرقمي.
أما في ما يخص التحديات، فأكّد أن أبرزها التمويل، وهو عائق يواجه معظم الوزارات.
لكنّه أشار إلى قرض من
البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار قد يُقر قريبًا لدعم مشاريع أساسية من ضمنهم الوزارة، إلى جانب اهتمام جهات دولية وإقليمية أخرى بالاستثمار في هذا القطاع.
وذكّر بأن المشروع ليس وليد اللحظة، إذ سبق أن أُقرت استراتيجية عام 2022 لمكننة القطاع العام، غير أنّ التسارع الكبير في التطور التكنولوجي خلال السنوات الأخيرة يفرض تحديثها.
وأكّد أنّ العقبات الأخرى، سواء كانت إدارية أو لوجستية، ليست مستعصية ويمكن تجاوزها عبر خطط مدروسة تتيح للبنان استعادة موقعه على خارطة التطور التكنولوجي العالمي.
في الختام، أصبح واضحًا أنّ التكنولوجيا عمومًا، والذكاء الاصطناعي بشكل خاص، لم تعُد ترفًا بل حاجة يومية تمسّ كل القطاعات. ومن هنا تبرز أهمية إنشاء وزارة متخصّصة تُعنى بهذا المجال الحيوي، في محاولة لإدماج لبنان في مسار التطورات العالمية. فهل ستكون هذه الوزارة بوابة لجذب الاستثمارات وضخ الملايين في لبنان؟