بدأ الحديث في الساعات الأخيرة يدور أكثر فأكثر عن مرحلة جديدة ستُعلن رسميًا في وقت قريب، وبدأت ملامحها تظهر من خلال تصريحات سياسية وأمنية متفرقة.
هذه المرحلة تقوم على حصر السلاح شمال
نهر الليطاني، في إطار محاولة إعادة ترتيب المشهد الحدودي وفرض قواعد اشتباك أكثر صرامة. غير أن هذا المسار لا يبدو عابرًا أو بسيطًا، إذ تشير المعطيات إلى أنه قد يفتح الباب أمام كباش سياسي كبير هو الأوسع منذ نهاية الحرب، نظراً لما يحمله من أبعاد داخلية وإقليمية متشابكة.
الضغوط على
الدولة اللبنانية تتزايد، سواء من بوابة
المجتمع الدولي أو عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية المختلفة. البعض يرى أن
بيروت قد تُدفع دفعًا إلى اتخاذ خطوات عملية شمال
الليطاني، تحت عناوين تبدأ بالأمن والاستقرار ولا تنتهي عند الضرورات الاقتصادية والمالية. إلا أن هذا التوجه يصطدم مباشرة بموقفٍ صارم من
حزب الله، الذي يرفض أي إجراء من هذا النوع مهما كان الثمن، معتبرًا أن القضية تتجاوز الجغرافيا لتصل إلى جوهر دوره ومعادلته الأمنية.
ومن منظور" الحزب"، فإن أي خطوة عملية شمال الليطاني لا تُقرأ إلا في سياق تنفيذ القرار الحكومي المتخذ في ٥ آب الفائت وتحديدًا ما يتعلق بحصر السلاح في تلك المنطقة، وهو ما يرفضه بشكل كامل. هذا الرفض قد يتحول إلى اشتباك سياسي واسع داخل البلد، وربما يتخذ طابعًا شعبيًا إذا شعر جمهور "الحزب" بأن هناك محاولة للمساس بدوره أو فرض وقائع لا يقبل بها. ومع ازدياد التوتر الإقليمي، يصبح أي تطور داخلي أكثر حساسية، لأنه يرتبط تلقائيًا بحسابات تتجاوز
لبنان نفسه.
صحيح أن أحدًا في الداخل لا يرغب في مواجهة مباشرة مع "الحزب"، إلا أن الضغط الخارجي قد يدفع الأمور إلى خيارات صعبة. وفي المقابل، تبدو
الولايات المتحدة وإسرائيل الطرفين الأكثر استعدادًا للذهاب بعيدًا في هذا المسار، بينما تعتمد الدول الإقليمية لغة مختلفة تميل إلى المهادنة وتجنب التصعيد. بل إن بعض هذه الدول يعتبر أن إضعاف "الحزب" في هذه المرحلة قد يخلّ بتوازنات دقيقة، خصوصًا في ظل ما يُوصف بتغوّل السياسات
الإسرائيلية في المنطقة.
وسط هذا المشهد المتشابك، يقف لبنان أمام مرحلة دقيقة: كيف يوازن بين الضغوط الدولية والحسابات الداخلية؟ وهل يمكن السير في مسار ضبط السلاح شمال الليطاني دون انزلاق البلد إلى مواجهة سياسية أو أمنية أوسع؟ الأسابيع المقبلة قد تحمل الإجابات، لكن المؤكد أن أي قرار لن يمر بهدوء.