فيما تتصاعد حدّة التوتر مع
الولايات المتحدة، كشفت مصادر سياسية فنزويلية رفيعة عن أن كراكاس أعادت تفعيل تشكيلات شعبية مسلّحة بوصفها قوة رديفة للجيش الوطني، ضمن استعدادات دفاعية لمواجهة أي سيناريو عسكري محتمل يستهدف البلاد.
وأكد المصدر، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن السلطات وضعت خطة عمل متكاملة تقوم على تنظيم مجموعات شعبية مسلّحة ومدرّبة، يجري توزيعها جغرافيًا في المدن والأحياء كافة، لتكون سندًا مباشرًا للقوات المسلحة في حال تنفيذ الولايات المتحدة عملية عسكرية أو إنزال
بري على الأراضي الفنزويلية.
وأوضح أن هذه التشكيلات تخضع حصريًا لإشراف الجيش وتنظيمه، ضمن آليات رقابة صارمة تضمن عدم الإخلال بالأمن الداخلي.
وبحسب المصدر، فإن هذه القوة الرديفة ليست مستحدثة، بل تعود جذورها إلى عهد الرئيس الراحل هوغو تشافيز قبل أكثر من 15 عامًا، حيث أُسست كمجموعات شعبية مدرّبة وجاهزة للقتال عند الضرورة. وأشار إلى أن السلاح المستخدم يُدار ضمن نظام تدوير ومتابعة دقيقة من قبل الجيش، بما يمنع أي استخدام خارج الإطار الدفاعي المحدد.
ولفت إلى أن إدارة هذه التشكيلات وخططها الاستراتيجية محصورة بالقيادة
العليا للدولة، وتُتابَع مباشرة من الرئيس نيكولاس مادورو وقيادة الجيش، مشددًا على أن طبيعة التسليح دفاعية بحتة، ولا تتضمن قدرات هجومية تشكل تهديدًا لدول الجوار.
وفي هذا السياق، أوضح المصدر أن حجم الإنفاق العسكري الفنزويلي يبقى محدودًا مقارنة بدول أخرى في أميركا الجنوبية، إذ تحتل كراكاس مرتبة متأخرة من حيث نسبة التسليح إلى الناتج القومي، خلف دول مثل البرازيل وكولومبيا وتشيلي وبيرو، ما يؤكد الطابع الدفاعي للعقيدة العسكرية الفنزويلية.
ورغم ذلك، أقرّ بامتلاك فنزويلا قدرات دفاعية معتبرة، لا سيما في مجال الدفاع الجوي، حيث تعتمد منظومتها على معدات وصواريخ روسية حديثة مشابهة لتلك المستخدمة في الحرب
الأوكرانية. واعتبر أن هذا الجانب تحديدًا يشكّل عامل ردع تأخذه الولايات المتحدة بالحسبان في أي حسابات عسكرية محتملة.
وكانت حكومة كراكاس قد أعلنت، في وقت سابق، بدء عملية واسعة لتوزيع السلاح على المواطنين والتنظيمات الشعبية، في خطوة وصفتها بأنها إجراء استباقي لمواجهة ما تعتبره تهديدًا أمريكيًا يهدف إلى إسقاط النظام والسيطرة على الثروات النفطية، مع السعي لتحويل الأحياء والمناطق إلى نقاط دفاع يصعب اختراقها.
من جهته، قال عادل الزعير، عضو لجنة الدفاع والأمن السابق في
البرلمان الفنزويلي والمستشار الأسبق في مجلس الدفاع الوطني، إن توزيع السلاح يتم على مواطنين قادرين ومدرّبين، استنادًا إلى ما يتيحه
الدستور للدفاع عن البلاد. وأكد أن هذه التشكيلات الشعبية تعمل بالتنسيق مع الدولة، ليس فقط لمواجهة أي عدوان خارجي، بل أيضًا للمساهمة في حفظ الأمن الداخلي.
وأشار الزعير إلى أن هذه المجموعات لعبت دورًا سابقًا في مكافحة تهريب المخدرات داخل مناطق عدة، لافتًا إلى أن فنزويلا تُعد من أقل دول أميركا اللاتينية استهلاكًا للمخدرات، رغم محاولات العصابات الإجرامية في دول الجوار، خصوصًا كولومبيا والبرازيل وبيرو، تهريب هذه المواد إلى الداخل الفنزويلي.
وختم بالقول إن كراكاس، رغم استعداداتها، لا ترصد حتى الآن مؤشرات مباشرة على هجوم وشيك، في ظل غياب انتشار عسكري أمريكي واسع في الدول المجاورة، مع الإشارة إلى احتمالات نظرية باستخدام قواعد أمريكية في الإكوادور أو
جزيرة ترينيداد وتوباغو، من دون دلائل عملية على قرب تنفيذ مثل هذا السيناريو.