Advertisement

لبنان

مطمر الناعمة "قنبلة موقوتة" على وقْع تقاذف المسؤوليات

Lebanon 24
28-11-2021 | 23:10
A-
A+
Doc-P-891338-637737636459593630.jpg
Doc-P-891338-637737636459593630.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كتبت كارين عبد النور في نداء الوطن:
 
 
هي أزمة النفايات من جديد. فمنذ اندلاع الاحتجاجات الاعتراضية العام 2015 من ضمن حملات "طلعت ريحتكم" و"بدنا نحاسب" وسواهما، والتواريخ تعيد نفسها إن لناحية تكرر بلوغ المطامر سعتها القصوى وتجدد تراكم النفايات في الشوارع، أو العجز الرسمي الفاقع عن إدارة سليمة لأزمة بهذا الحجم.
Advertisement
 
فساد وصفقات ومحاصصة

إعتبر رئيس الحركة البيئية اللبنانية، السيد بول أبي راشد، أنّه لو تمّ تطبيق العقد المبرم مع شركة "سوكومي"، لما حصلت أزمة العام 2015 ووصل الأمر إلى مطمري برج حمود والكوستابرافا. مؤكداً في حديث إلى "نداء الوطن" أن الحلّ موجود لكن هناك نية من قبل المسؤولين للاستمرار بعمليات ردم البحر بهدف القيام بمشاريع استثمارية عقارية لكسب المال والأراضي. ففي شباط 2017، أعلن رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت المهندس جمال عيتاني عن فوز ائتلاف يضم شركتي "رامكو للتجارة والمقاولات" و"ألطاش" التركية، بعقد مدته خمس سنوات وبقيمة 70.89 مليون دولار مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة (30.9 دولاراً كلفة جمع ونقل الطن الواحد). وشمل العقد أعمال الكنس والشطف وتنظيف الشواطئ وجمع النفايات يومياً ونقلها إلى مركز الفرز في الكرنتينا. وأرفق العقد بخطة أطلقها عيتاني تهدف إلى تخفيف حجم النفايات قبل التخلص النهائي من الكميات المتبقية، وذلك من خلال فرزها من المصدر. خطة مثالية لو طبقت، بيد أن مشكلة العقود في لبنان مع ما يشوبها من ضبابية لناحية القيمة والتنفيذ حالت دون وصول الخطة إلى خواتيمها المرجوة.

التقاعس عن وضع خطة شاملة وجذرية وتنفيذها مستمر. إذ على الرغم من الحلول التي قدمتها الحركة البيئية وبعض الأحزاب اللبنانية ولم تلق تجاوباً، يجد لبنان نفسه اليوم أمام 7 مكبات رئيسية، ستة منها تشكل خطراً يهدد حياة المواطنين وصحتهم (طرابلس – عمشيت – بعلبك – الكرنتينا – زحلة – الناعمة وصيدا). هذا إضافة إلى 735 مكباً عشوائياً في المناطق الريفية النائية. أما معامل الفرز، فقد بلغ عددها 19 معملاً، يخضع 16 منها لإدارة وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ويعمل 7 منها فقط بقدرة استيعابية تتراوح بين 10 إلى 40 طناً، فيما المعامل الستة الأخرى متوقفة عن العمل وتصل قدرة استيعابها إلى 150 طناً. وتجدر الإشارة إلى أن 3 معامل تخضع لإدارة مجلس الإنماء والإعمار وهي: معمل الكورال المتوقف كلياً، معمل العدوسية ومعمل الكرنتينا الذي ينقل النفايات مباشرة إلى مطمر برج حمود من دون فرز ولا معالجة.

ولنا هنا أن نتخيل حجم الهدر الذي يلحق بالمال العام نتيجة المكبات العشوائية وغير الصحية كما معامل الفرز المتوقفة عن العمل. فقد قدرت دراسة أجراها البنك الدولي تكلفة التلوث البيئي الناجم عن الطمر والحرق بـ10 ملايين دولار سنوياً، في حين تبلغ كلفة التدهور البيئي بسبب سوء إدارة النفايات الصلبة حوالى 66.5 مليون دولار سنوياً.

ويضيف أبي راشد: "إن الحل في ملف النفايات بسيط وغير مكلف، لا بل يعود على البلديات كما على الدولة بالأرباح، إلا أن السلطة الحاكمة تريد تكلفة عالية لتوسيع دائرة الفساد والصفقات". فالمراحل التي تنقسم إليها الخطة المستدامة هي: المرحلة الأولى حيث يتم تقليص كمية النفايات عبر الفرز من المصدر وذلك بمؤازرة من البلديات. أما المرحلة الثانية، فتقوم على التسبيخ إذ إن 50% من نفايات المنازل هي عضوية ويمكن استخدامها كعلف. مع العلم هنا إلى أن سعر طن الكومبوست المستورد يبلغ 200 دولار، في حين أن كل طن نفايات يحتوي على 500 كغ من الطعام، 60% منها للاستخدام (أي 300 كغ). أما المرحلة الثالثة، فترتكز على التدوير إذ إن 35% من النفايات قابلة للتدوير، في حين تقوم المرحلة الرابعة على استخدام ما تبقى لإنتاج الطاقة الكهربائية بدل التخلص منها حرقاً".
 
 
لإنفجار آتٍ لا محالة

مع بلوغ مطمر الجديدة - برج حمود قدرته الاستيعابية القصوى العام الماضي وعودة النفايات للتراكم على الطرقات وفي الشوارع، ارتأى مجلس الإنماء والإعمار مجدداً أن الحل يكمن في توسيع المطمر تفادياً لإعادة مشهد أزمة العام 2015. وهكذا تمّ. فقد قرر توسيع مساحة 50 ألف متر مكعب تستوعب كمية نفايات لسنة أخرى كاملة.

توجهنا بالسؤال إلى النائب المستقيل الياس حنكش للاستفسار عن الحلول الترقيعية تلك، فأجاب بأن "طريقة معالجة الملف منذ 30 سنة وحتى اليوم، من خلال توسيع المطامر في حين أن الخطة البديلة موجودة ومللنا من طرحها مراراً وتكراراً، تؤكد على أن ثمة مافيا مستفيدة مباشرة من الملف وهي تقوم بتمويل حركتها السياسية من خلاله". وأضاف أن "المشكلة الأكبر حالياً تكمن بالمسؤولين أنفسهم، فهم لا يملكون الخبرة الكافية لإدارة ملفات من هذا النوع، والحل يكون في تنحيهم وإفساح المجال لأصحاب الاختصاص في إيجاد الحلول". هذا ونوّه حنكش ببعض البلديات مثل بلديتي بكفيا وبشري لاعتمادها خطط الفرز ولا تزال بالرغم من أنها تموّل السياسات البديلة من اللحم الحي. فهذه المبادرات الفردية بحاجة إلى دعم لتتوسع وتنطلق لتشمل البلديات والأراضي كافة، كما أنها تتطلب توعية المواطنين وحثهم على الالتزام بعملية الفرز مقابل دفع غرامة على كل كيس نفايات غير مفروز أسوة بالبلدان المتقدمة.

أما عن الأزمة المستجدة بين "سيتي بلو" ومجلس الإنماء والإعمار، والتي سحبت الشركة على أثرها عمالها من مطمر الناعمة ودعت كافة العمال للاضراب عن العمل إلى حين تحقيق المطالب، قال حنكش: "لقد حذرنا كثيراً من أن الانفجار آتٍ لا محالة، إذ أثبتت السلطة أن لا قدرة لها على المعالجة الجذرية لهذا الملف، ما سينتهي على شاكلة ما وصلت إليه ملفات الاستشفاء والدواء والتعليم وغيرها… وما أزمة مطمر الناعمة المتجددة الآن سوى خير دليل على ذلك".
 
مطمر الناعمة وضياع المسؤوليات

للوقوف عند أسباب توقف شركة "سيتي بلو" عن العمل، كان لنا اتصال مع رئيس مجلس إدارة الشركة، السيد ميلاد معوض، الذي أوضح أنه، وبعد انتهاء عقد العمل مع شركة "سوكلين"، تركت هذه الأخيرة عشرة موظفين يعملون في مطمر الناعمة. لكن، ولأسباب خاصة عادت الشركة لتسحب موظفيها. عندها حاول مجلس الإنماء والإعمار إجراء مناقصات على وجه السرعة، لكن أحداً لم يتقدم. وبعد جهد جهيد، اتفق المجلس منذ شهر تقريباً مع المتعهد عماد الخطيب على استلام أعمال مطمر الناعمة، إلا أن الأخير أرسل كتاب اعتذار في اللحظة الأخيرة. عندها تواصل مجلس الإنماء والإعمار مع معوض وطلب منه إمداد المطمر بكميات من المازوت بحكم العلاقة التي تربط الطرفين وهكذا حصل. كما عاد المجلس وطلب من "سيتي بلو" تسديد أتعاب شخص كانت مهمته نقل مواد مضرة للبيئة في حال تسربها، فتجاوبت الشركة مع الطلب. وحين تعذر على المجلس إيجاد من يقوم بأعمال الصيانة وقص العشب وتنفيس الغازات إلى ما هنالك من أعمال في المطمر، طلب في 11 تشرين الثاني من "سيتي بلو" التوجه إلى المطمر وتقديم عرض للقيام بالأعمال المطلوبة لفترة شهر بما يسمى بـ"عرض إنقاذ" إلى حين توافر بديل. وأردف معوض: "أنهت الشركة دراستها وقدمت عرض أسعار إلى المجلس الذي طلب منا انتظار موافقة مجلس الإدارة للمباشرة بالعمل، ولم تأت الموافقة حتى الساعة"، ليؤكد أن "لا عقد أو اتفاق يلزم الشركة بمطمر الناعمة. جل ما في الأمر أننا نقوم بدفع مستحقات العاملين هناك، لكن لا يمكن للشركة الاستمرار في تقديم هذه الخدمة بعد نهاية السنة الحالية".

وبالنسبة لإضراب عمال الشركة عن جمع النفايات من الطرقات، أشار معوض إلى أن "المطالبة بتعديل الأسعار نظراً لانهيار قيمة الليرة هو السبب المباشر. فقرار تعديل الأسعار يقرّه مجلس الإنماء والإعمار الذي لا يجتمع، في حين أنه لا يمكننا الاستمرار في تكبد الخسائر". وختم بالقول: "المشكلة ليست بطريقة الدفع، أكان بالليرة أو بالدولار، إنما في تعديل الأسعار بما يتلاءم مع الواقع الحالي. فالشركة ستقوم بإرسال كتاب خطي خلال يومين، يضع المجلس أمام خيارين: إما تعديل الأسعار أو شراء الآليات من الشركة والبحث عمن يديرها".
 
تراشق الحجج على أشده. وبين التبريات والتبريات المضادة، يبقى ملف النفايات عدواً يقض مضاجع كل بيت وشارع ومنطقة. إذ يكفي أن يكون مسبب 80% من حرائق الغابات التي نشهدها مؤخراً هو المطامر والغازات المنبعثة منها، بحسب ابي راشد. هذا ولم نأت بعد على ذكر تزايد الإصابات بالأمراض السرطانية، تلوث مياه البحر، تهديد الثروة السمكية، انبعاث الغازات المتفجرة وتسرب عصارة النفايات التي يوازي حجم تلوثها 100 مرة حجم تلوث مياه الصرف الصحي.
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك