في صلب الأزمات اللبنانية المتتالية والمتنوعة، وفي خضم انحباس انفاس المواطن ومعاناته المتعددة، تطل على المجتع اللبناني وعلى المواطنين جمعيات المجتمع المدني اي ما بات يعرف بالـ "NGO"، والتي في غالبها على ارتباط وثيق مع مؤسسات وجهات دولية، وهذا ما يمكن اعتباره غنى للحياة الاجتماعية المحلية بحال تم استخدامه أو العمل به بهدف تطوير المجتمع والسير نحو ما يعرف بالتنمية المستدامة.
لكن، اطلالة هذه الجمعيات في الأيام الأخيرة ضمن حملة دفاعها عن ما اعتبرته تمييزا بحق اللاجئين السوريين جراء أزمة الخبز المستمرة منذ أسابيع، غير موفقة وموجهة في الاتجاه الخاطىء.
فالحملة المدنية التي رفعت شعار "النازح مش عدوك"، نسيت ان المجتمع اللبناني كان خير من استضاف النازحين، مقدما لهم أكثر مما يستطيع بكثير، فتحولوا بشكل تلقائي وبغض النظر عن جنسيتهم الى عبىء على الحياة الاقتصادية اللبنانية التي دخلت منذ أكثر من سنتين في نفق مظلم من الاضطرابات.
وجراء هذه الأزمات وازمة الرغيف المستمرة، باتت الاشكالات المتنقلة بين بعض اللبنانيين وبعض النازحين السوريين أمرا واقعا لا يمكن غض النظر عنه.
لذلك لا بد من التساؤل عن مصير هذه الاشكالات وامكانية توسع رقعتها، وعن الحلول الممكنة لوضع حد لها.
في هذا الاطار تحدث وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال الدكتور هيكتور حجار لـ"لبنان 24" مؤكدا ان " الأزمة الحاصلة في موضوع الرغيف والخبز والطحين، اظهرت الى العلن مجموعة من المشاكل المتنقلة بين المواطنين اللبنانيين وبعض النازحين السوريين، وللحقية لا بد لنا هنا من العودة الى المثل الشعبي الذي يقول (القلة بتولد النقار)، ولا بد لنا من ان نعبّر عن تخوفنا من بعض الاشكالات المتنقلة التي قد تؤدي الى تفلت امني في البلاد مبني على التدهور الاجتماعي الحاصل.
وهذا التخوّف كنا قد نبهنا منه وبحثناه مع مختلف الجهات الدولية المانحة والفاعلة في ملف النازحين السوريين منذ تسلمنا مهام وزارة الشؤون الاجتماعية".
وأضاف " امام هذا الواقع ندعو اولا الى التهدئة، كما ندعو القوى الأمنية الى ان تأخذ المبادرة وتقوم بتنظيم عملية توزيع الخبز على المواطنين، اذ ان الازمة التي نتمنى ان نتنهي اليوم قبل الغد قد تتجدد في أكثر من مكان ولأكثر من سبب.
لكن موضوع تنظيم توزيع الخبز، يبقى ضمن اطار الحلول الجزئية او المؤقتة لأن الحل الأنسب والأسلم هو في تنظيم عودة النازحين الى بلادهم وذلك على مراحل متعددة ومختلفة، اذ ان بقاء المواطن السوري الذي يتمكن من زيارة ذويه في سوريا كل شهر أو كل أسبوع في لبنان تحت مسمى نازح غير منطقي وغير مقبول.
وفي هذا السياق، التشاور قائم مع الجهات المعنية للوصول الى عودة آمنة للنازحين الى ديارهم، لكن لا يخفى على احد ان هذا الموضوع بالتحديد يحتاج الى قرار سياسي دولي وليس محليا فقط".
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية انه "ولحين بلوغ الحلّ الشامل، تقوم الحكومة اللبنانية بكل ما هو متاح امامها لمحاولة تطويق اي اشكال ممكن، وللغاية تم تأليف لجان وزارية مشتركة تتواصل في ما بينها كما تقوم بالتواصل مع الامم المتحدة والجهات الدولية المانحة التي على الرغم من رفضها تقديم اي مساعدة مادية في مجال دعم الخبز، سنستمر في دعوتها للجلوس على طاولة واحدة والبحث الجدي بهذه الأزمة وبسواها من الازمات والعمل على ايجاد الحلول التي من شأنها ان تجنب المجتمع اللبناني والنازحين السوريين على حد سواء المزيد من المشاكل والتحديات والصعوبات".