لم يعد المشهد غامضاً بعد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس حيث أوضح بصورة قاطعة أن "محور المقاومة" سيرد وأن هذا الرد سيكون رداً حقيقياً ومدروساً. ويفهم من عبارة حقيقي أنه سيكون رداً مؤلماً لإسرائيل وليس شكلياً ولا يهدف إلى إنقاذ ماء الوجه بقدر ما يهدف إلى التوازن مع الجريمة التي اقترفها العدو الاسرائيلي باغتياله للقيادي العسكري في حزب الله فؤاد شكر في لبنان ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران، بما يعيد إنتاج قواعد الردع مع إسرائيل. أما كلمة الرد المدروس فيفهم منها دلالات عدة وهي:
1- مراعاة حسابات ومصالح محور المقاومة في إدارة المعركة على نحو الذي لا يؤدي إلى توسع مفتوح في الحرب الدائرة.
2- اختيار الهدف الملائم الذي يأخد بعين الاعتبار ما عدده السيد نصر الله مراراً من أن إسرائيل استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية وأنها ضربت بناءً في منطقة مكتظة وأودت بحياة سبعة شهداء وأكثر من سبعين جريحاً وأنها استهدفت قائداً أساسياً في المقاومة.
كرر السيد نصر الله أن بين المقاومة وبين الإسرائيليين الأيام والليالي والميدان، ويفهم من كلمتي الليالي والأيام أن الضربة ليست وشيكة وأن المقاومة تتريث في الإقدام عليها لأسباب ميدانية وتقنية لكن التنفيذ من حيث المدى الزمني لن يأخد أسابيع أو أشهر وأن اختيار اللحظة المناسبة متروك للقادة الميدانيين بعد اكتمال التحضيرات التي تتصل باختيار الهدف وبفعالية الاستهداف.
أشار السيد نصر الله أيضاً إلى أن إسرائيل حائرة ما إذا كان الرد سيأتي من الشمال أو الجنوب أو ما إذا كان متفرقاً أو متزامناً ، ويبدو أن الأمين العام لحزب الله تقصد الغموض وعدم الوضوح لترك إسرائيل في حالة إرباك وقلق، كما بهدف مفاقمة الذرع والهلع الذين يسودان المجتمع الإسرائيلي، لكن إذا جرى الأخد بعين الاعتبار تصريح مرشد الثورة الإيرانية السيد علي الخامنئي الذي أوجب الرد على إسرائيل ومن ثم المواقف التي تتالت من الحرس الثوري الإيراني عبر بيانه الذي أشار إلى رد من قبل جبهة المقاومة وموقف زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي وخطاب السيد نصر الله أمس، فإن ذلك يغلب أرجحية أن يكون الرد متزامناً بما يتضمن الساحة العراقية أيضاً.
إن الرد المتزامن من جهات جغرافية مختلفة يعقد، بحسب مصدر سياسي مقرب من حزب الله، قدرات المنظومات الدفاعية الإسرائيلية ويعطي وزناً زائداً لأداء المحور بوصفه جبهة متراصة وتتحرك بتنسيق مشترك وهذا ما يفهم من التسريبات الإيرانية التي أشارت إلى اجتماعات تنسيقية عقدت في طهران وشارك فيها ممثلون لمختلف قوى المحور من لبنان والعراق واليمن وفلسطين إلى جانب ايران.
بالإضافة إلى كل ذلك، أشار السيد نصر الله في خطابه إلى أن المواجهات الدائرة بعد عمليتي الاغتيال تجاوزت وظيفة الإسناد لغزة وباتت جبهات كبرى مفتوحة وهذا ما عبر عنه بدخول المواجهة والمنطقة في مرحلة جديدة. ويبدو أن سمة المرحلة الجديدة هي التصعيد لكن دون بلوغ مستوى الحرب الإقليمية المفتوحة.