كتبت" الانباء
الكويتية": يعاد اليوم فتح هذا الملف الشائك انطلاقا من سلاح المخيمات
الفلسطينية، لاسيما تلك الواقعة جنوب
نهر الليطاني، مثل الرشيدية والبرج
الشمالي والبص، حيث لاتزال كميات من السلاح المتوسط والثقيل بيد مجموعات فلسطينية، بعضها تحت مظلة الفصائل المعترف بها، وبعضها خارج السيطرة تماما. اللافت أن زيارة الرئيس الفلسطيني
محمود عباس الأخيرة إلى
بيروت، والتي طغت عليها عبارات التضامن والتنسيق، لم تفض إلى تحديد أي جدول زمني لتسليم السلاح، ما اعتبر فرصة مهدورة لإحداث اختراق جدي في هذا الملف. إلا أن الجانب اللبناني، وخصوصا خلال اجتماع
اللجنة المشتركة اللبنانية الفلسطينية في السرايا الحكومية، أعاد طرح المسألة بقوة، معتبرا أنه من غير المقبول استمرار هذا الواقع إلى ما لا نهاية.
الطرح اللبناني جاء واضحا، بحسب المعلومات، إذا كانت الدولة ممثلة بالجيش اللبناني تعمل على تفكيك منصات الصواريخ والمنشآت التابعة لـ «حزب الله» جنوب
الليطاني، تطبيقا للقرار 1701. وإذا كانت الدولة نفسها تحرص على بسط سلطتها على كل شبر من أراضي الجنوب، فإن هذا المبدأ يجب أن يسري على جميع القوى المسلحة، بما فيها التنظيمات الفلسطينية داخل المخيمات، التي لاتزال في كثير من الأحيان تشكل خاصرة رخوة أمنيا، وتستخدم من وقت لآخر لإطلاق صواريخ باتجاه الحدود الجنوبية، سواء عن سابق إصرار أو عبر مجموعات خارجة عن السيطرة.
هذا الواقع لم يعد مقبولا في ظل التوتر المتصاعد على الحدود، ولا يمكن للدولة أن تتساهل مع أي مصدر تهديد يستخدم كمنصة للرسائل الإقليمية.
الطلب اللبناني لم يكن تعجيزيا، بل واقعيا ومنطقيا، وتشير المعلومات إلى أنه يقوم على قاعدة التدرج في تسليم السلاح، بدءا من الثقيل والمتوسط وتثبيت
سلطة الدولة في تلك المخيمات، دون المس بالوجود المدني والإنساني للفلسطينيين أو المساس بحقوقهم.
لكن الشرط الأساسي يبقى في التنسيق مع
السلطة الفلسطينية الرسمية، وتحديد جدول زمني واضح لإنهاء هذا الملف، وعدم تركه رهينة الحسابات الفصائلية أو التجاذبات الإقليمية التي يدفع
لبنان ثمنها منذ عقود.
المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، فإما أن تنجح اللجنة اللبنانية الفلسطينية في تحويل هذا الطرح إلى خطة تنفيذية قابلة للتطبيق، مدعومة بإرادة سياسية من الطرفين، وإما أن يستمر السلاح خارج الدولة كعامل تفجير دائم. والأمل يبقى في أن يكون نجاح الانتخابات مدخلا لاستعادة
القرار الوطني الكامل، وأن تكون بداية مسار لاستعادة السيادة الشاملة بدءا من الجنوب.