في مناسبة الزيارة المرتقبة للبابا لاوون الرابع عشر الى لبنان بين 30 تشرين الثّاني و2 كانون الأوّل 2025، والتي أعلن الكرسي الرسولي برنامجها الاثنين، يفتح "لبنان 24" أرشيف الزيارات البابوية التي شهدها لبنان.
وهنا الحلقة الاولى عن زيارة البابا بولس السادس في العام 1964.
عند الثامنة و17 دقيقة صباحًا، تاريخ 12 كانون الاول 1964، حيث كانت السماء ممطرة وعاصفة، لامست طائرة بوينغ 707 مدرج مطار بيروت الدولي. على متنها البابا بولس السادس، القادم من فيوميتشينو قرب روما، في زيارة غير رسمية، ومعه الفريق البابوي وصحافيون ومصوّرون. كانت زيارة "ترانزيت" بنكهة احتفال وطني: بروتوكول مختصر، ومشهد جماهيري هادر، ولبنان على موعد سريع مع لحظات ستستقر طويلًا في ذاكرته.
المشهد الأول: المطار يتحوّل إلى منصّة وطنية
السفير البابوي المنسنيور جيتانو اليبراندي، كان قد أعلن الخبر للجهات الرسمية، وزارالمراجع المختصة في الحكومة اللبنانية، وابلغها الخبر واتفق معها على الترتيبات المقتضاة، ثم نشر في الصحف بلاغا بهذا الخصوص قال فيه: "ان صاحب القداسة سيقوم بزيارة خاطفة إلى لبنان، وهو في طريقه الى بومباي لحضور المؤتمر القرباني الدولي". فأذاعت المراكز الروحية في لبنان هذا البلاغ، داعية رعاياها الى الاشتراك في الاستقبال، وطلبت البطريركية المارونية ان تقرع الكنائس اجراسها ابتهاجا في ذلك الموعد، وحثت الجميع على الاحتشاد في المطار ترحيبا بصاحب القداسة والتماسا لبركته. وشرعت الحكومة في اتخاذ الترتيبات اللازمة بأبلغ ما يكون من الاهتمام؛ وشوهد في المطار بعض رجالها يشرفون على اقامة الزينة وحسن تنظيمها وإلباس المطار بابهى حلة. فرفعت على مشارفه وفوق مدارجه ورحباته الاعلام اللبنانية والبابوية. وللمرة الأولى نُصب سرادق عريض في الساحة الرئيسية خُصّص للرسميين والنواب والدبلوماسيين وكبار المستقبلين، وإلى جواره منصّة لرجال الصحافة اللبنانيين والأجانب، وأماكن للشرفات خُصصت لرجال الدين والراهبات وطلّاب المدارس. أُوقفت الحركة الجوية، وأُخلي المدرج الكبير من الطائرات والسيارات، واصطفت على جانبيه وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي.وجهز المطار في كل زواياه بمكبرات الصوت، وطلب الى الاذاعة اللبنانية ومحطتي التلفزيون المحليتين، نقل وقائع الاستقبال مباشرة، وربط شبكاتها الاذاعية بشبكات الاذاعات الاوروبية، لتتمكن من ان تنقل بدورها وقائع الاستقبال العظيم.
وضعت الحكومة برنامجا للاستقبال بيّنت فيه كيف يجري، ومن هم اصحاب المقامات الذين سيشتركون فيه الى جانب صاحب الفخامة الرئيس شارل حلو، وفي اية ساعة تصل الطائرة، ومتى يكون اقلاعها، وان ضيق الوقت لن يسمح لقداسة البابا ورئيس الجمهورية من مصافحة المستقبلين. وفي آخر البرنامج طلب الى المستقبلين الرسميين ان يكونوا في اماكنهم قبل الساعة السابعة والدقيقة الثلاثين من صباح يوم الزيارة. واتخذت الحكومة تدابير اخرى لاستكمال مظهر الاستقبال، منها: اجتماع قادة قوى الأمن الداخلي في مكتب وزير الداخلية، واقرارهم اتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة لتوفير الأمن والهدوء والنظام خلال زيارة صاحب القداسة. ولتحقيق ذلك عُنيت بتنظيم حركة السير، فمنعت وقوف السيارات على طول طريق المطار وامام مدخله العام، الا بمعرفة رجال السير وارشاداتهم التي تعطى في حينها تسهيلا لمهمة المسؤولين. واقامت في داخل المطار وعلى مدارجه والطريق المؤدية اليه صفوفا من رجالها للحفاظ على النظام، ومنع اية حركة تخلّ بالأمن. ونشرت اعلانات تطلب فيها من المستقبلين غير الرسميين ان يكونوا في الاماكن المخصصة بهم قبل الساعة السابعة والربع؛ واذا تأخروا عن هذا الموعد فسيجدون الطريق مقفلة. في صباح يوم الاستقبال ومنذ ساعات الفجر الاولى من صباح يوم الاربعاء كانت الساحات المحيطة بالمطار تغص بجماهير غفيرة من المواطنين ووفود الطلاب والطالبات والكهنة والراهبات والرهبان، وكان بعضهم قد قدموا في المساء من مختلف المناطق اللبنانية، وقضوا الليل في السيارات او في العراء بانتظار وصول صاحب القداسة. وحوالي الساعة الخامسة اخذت شرفات المطار وباحاته تمتلئ بالوافدين، وفي الساعة السادسة وصلت الى ساحة المطار الكبرى فرقة من الحرس الجمهوري وثلة من الجيش، واخذت مراكزها لاداء التحية.
وصول الموكب الرسمي… فالضيف الاستثنائي
ابتداءً من السادسة والنصف توافد الوزراء والنواب وأركان الدولة وكبار الضباط ورؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، وصولًا إلى بعثة رسمية اتت من سوريا للمشاركة في الاستقبال. حضر لاحقًا رئيس الوزراء المرحوم الحاج حسين العويني، ورئيس مجلس النواب المرحوم صبري حمادة، وقائد الجيش اللواء عادل شهاب، والسفير البابوي المنسنيور جِيتانو أليبراندِي. ومن القيادات الروحية: البطريرك الماروني مار بولس-بطرس المعوشي، البطريرك مكسيموس الرابع (روم كاثوليك)، الكاردينال مار اغناطيوس جبرائيل تبّوني (سريان كاثوليك)، والمتروبوليت إيليا الصليبي (مطران بيروت الأرثوذكسي). وقبل الثامنة بدقائق وصل رئيس الجمهورية شارل حلو وسط مراسم كاملة. وما إن أُعلن دخول الطائرة الأجواء اللبنانية حتى تولّت ثلاث نفاثات من سلاح الجو اللبناني مواكبتها.
الهبوط… وتصفيق يشقّ السماء
عند الثامنة والعشرين تقريبًا حطّت الطائرة. تقدّم الرئيس حلو يحيط به رؤساء السلطات والبطاركة والمطارنة والسفير البابوي. وما إن فُتح الباب وأطلّ البابا حتى دوّى التصفيق والهتاف. رفع يده بالتحية والبركة، وتقدّم السفير البابوي لاستقباله على السلّم. صافح رئيسَ الجمهورية عند أسفل السلّم بحرارة، وتوالت المصافحات. عُزف السلام البابوي ثم النشيد اللبناني، واستُعرض الحرس الجمهوري وفرق الجيش قبل الانتقال إلى سرادق الاستقبال.
وقف البابا ورئيس الجمهورية أمام مكبّرات الصوت. ألقى الرئيس حلو كلمة ترحيب بالفرنسية عبّرت عن معنى الزيارة للبنان وكل الشرق، وجاء فيها:" أيها الأب الأقدس. على هذه الأرض التي تآلفت فيها الطوائف المتعددة يجمع ما بينها ايمان واحد بالله، وتعلق بأولوية الروح، ورغبة مشتركة في حياة أخوية هانئة، نرحب جميعا، دون تفريق في المعتقدات والمذاهب، بشخصكم السامي، يحل بيننا حلول البركة ونتلقى زيارته تلقي الرجاء الكبير. ان قداستكم، بقبولكم دعوتنا وتوقفكم في ارضنا واختلاطكم بنا، تعربون عن اهتمام هو في هذه الظروف، بالنسبة الى لبنان وسائر العالم العربي، عربون ظاهر للعدل وللتفهم الابوي. واننا لندرك على الاخص، ان لبنان المربوط مصيره، بحكم رسالته وتقاليده، بمصير الحق في العالم، والذي يؤكد بذلك مفهوم كيانه الوطني، ودوره الاقليمي والدولي، لعزيز على الكرسي الرسولي، الذي تشده اليه اوثق الروابط. وان ما تولونا اياه من عواطف سامية، تجلت في ظروف مختلفة، يفتح امامنا على الدوام مجالا فسيحا لما ندافع عنه من قضايا راهنة محقة. وانه ليسعدني في هذه الصبيحة موعدي مع قداسة البابا نفسه، صبيحة التلاقي المباشر والفرحة الشاملة، وفيما تعود بي الذكرى الى ما لقداستكم من التفاتات، وبينما امحضكم الترحيب في هذا الموقف، ان اعلن مدى ما تكنه الأسرة اللبنانية جمعاء من اجلال واحترام لذلك المؤمَّن على القيم الاخلاقية التي نقدر كلنا عظم ما لها من نبل وضرورة. وفي الأمس القريب حيث العالم المسيحي والاسلامي معا في هذا الشرق يحتفي برسول السلام والاخاء يطلع عليه بزيارته الخالدة للأرض المقدسة، وقد تكرّم ووجّه الينا وهو يعبر سماء لبنان رسالة ستظل مطبوعة على اعمق صفحات قلوبنا. واليوم فيما تطأ قداستكم الأرض اللبنانية فتتلقاكم هذه الأرض بالبهجة والعرفان، تترك زيارتكم في الشرق العربي عامة، وهو يمر بتجربة من تجاربه، ابقى الاصداء واعمقها. واننا، ونحن نتقدم من شخص قداستكم ومن عهدكم بأحر دعاء، نعرب عن ايماننا بأن النعم السماوية التي تستنزلونها علينا بحضوركم وصلواتكم تزيد في تمكين ثقتنا بأنفسنا وبمصيرنا".
وردّ البابا بكلمة فرنسية شكر فيها لبنان رسميًا وشعبيًا، وحيّا تقاليده الدينية ورسالة مؤسساته ووفرة هيئاته التربوية والرسولية، مؤكدًا مكانة البلد "النبيل الجميل" وعلاقته الوطيدة بالكرسي الرسولي، وجاء في كلمته: "نشكر من صميم قلبنا فخامة الرئيس شارل حلو الذي نعرفه من مدة طويلة، والسادة اعضاء الحكومة والنواب واصحاب السلطات الدينية والمدنية، وجميع الذين شاؤوا الاتيان لاستقبالنا في هذا المطار. لقد شاءت العناية الالهية ان تتيح لنا تلبية الدعوة التي لم نتمكن من استجابتها خلال رحلتنا الى الارض المقدسة، والتي تكرمت السلطات اللبنانية بتكرارها الينا هذه المرة. وانه ليسرّنا ان تتاح لنا الآن هذه الفرصة للاتصال مباشرة ببلد عزيز علينا بصورة خاصة، وله مع الكرسي الرسولي علاقات كانت على وجه عام ودية. ومما يسعدنا قوله في هذا المكان ان لبنان يحتل بكل شرف مكانته المرموقة بين الدول، ويمكننا الاستطراد ان تاريخه وثقافته وطبيعة سكانه المسالمة تكسبه تقديرا وصداقة عامين. وتبدو لنا تقاليده الدينية العريقة الجليلة جديرة فوق كل شيء بأن نذكرها بثناء، ولا يسعنا ان ننسى خاصة كل ما يمثل ذلك للكنيسة في ايمان المسيحيين اللبنانيين، وما يتجلى في تنوع الطوائف المنسجمة، وفي وفرة الهيئات الدينية والرهبانية، وفي تعدد النشاط الرسولي والتربوي والثقافي والخلقي. ان الكنيسة تقدر وتشجع كل هذه الجهود التي يبذلها ابناؤها الطيبون في لبنان، ويسعدنا ان نتمكن من الاعراب لهم عن هذه الشهادة هنا بحضور رؤسائهم الدينيين. ونحيي ايضاً بمنتهى الود جميع الذين ارادوا، من دون تمييز بين الطوائف والمذاهب، ان يعربوا بوجودهم هنا عن تقديرهم القيم الروحية المؤتمنة عليها الكنيسة، وعن اريحيتهم نحو شخصنا المتواضع. لقد اظهر العالم العربي الذي ينتمون اليه نفسه لنا خلال رحلتنا الى الارض المقدسة بصورة عفوية، الترحيب والفرحة الشعبية الحماسية والتكريم الديني، تلك المظاهر بقيت وستبقى دائماً مطبوعة في ذاكرتنا. وعلى ذلك فاننا نوجه، بشعور من المحبة الحارة، تحياتنا الى جميع الذين شاؤوا الحضور اليوم الى هنا من مسيحيين وغير مسيحيين، للترحيب بنا، ونستمطر عليهم وعلى سلطاتهم الزمنية والروحية وعلى وطنهم لبنان النبيل الجميل الممثل برئيس جمهوريتهم اكرم تمثيل، النعم الالهية الوافرة".
بعد البركة الرسولية، قدّم البابا أربع ميداليات تذكارية رمزية لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، وقدّم ميداليات مماثلة للأحبار. ثم سلّم شيكًا بقيمة 20 ألف دولار لتوزّع على الأعمال الخيرية؛ ويُسجَّل أنّ الرئيس حلو خصّ بها بنك الدم التابع للصليب الأحمر اللبناني دعمًا لخدمة جميع اللبنانيين.
في صالون الشرف قُدّم الوفد السوري برئاسة وزير الإعلام مشهور زيتون. نقل رسالة شفوية من الفريق أمين الحافظ، تضمنت الترحيب والتطلع إلى تأييد الفاتيكان للحق العربي في فلسطين. شكر البابا سوريا شعبًا ورئيسًا وحكومةً، وأبدى تقديره لمصاعبها وتمنياته لها بالتقدم والازدهار وللدول العربية عمومًا. وبقي صاحب القداسة في قاعة الشرف زهاء خمس دقائق قُدمت له فيها المرطبات، وتبادل حديثاً خاصاً مع الرئيس الحلو.
إطلالة السطح… و"عاش لبنان" ثلاثًا
انتقل البابا بمصعد المطار إلى السطح لتحية الحشود التي قُدّرت بنحو ربع مليون. شكر اللبنانيين "من صميم القلب"، وجدّد محبته للبنان وتمنياته لازدهاره، وتمنّى أن يبقى "أمينًا لرسالته الحضارية وإيمانه بالمسيح"، مؤكدًا السعادة لجميع أبنائه "من مسيحيين وغير مسيحيين".
وارتجل الاب الاقدس امام الميكروفون على السطح كلمة قال فيها: "يا ابنائي اشكركم من صميم قلبي، واؤكد لكم تكراراً محبتي لبلدكم لبنان وتمنياتي لاستمرار تقدمه وازدهاره. واتمنى خاصة، كما سبق لي ان قلت لرئيسكم يوم كان يمثل بلدكم لدى الكرسي الرسولي، ان يظل لبنان دائماً اميناً لرسالته الحضارية، وايمانه بالمسيح، واتمنى كذلك السعادة لكل ابناء لبنان من مسيحيين وغير مسيحيين. واخيراً يا بناتي وابنائي، قبل ان استأذنكم بالسفر، استودعكم قلبي". ومن ثم منح البركة الرسولية وختم بالهتاف بالإيطالية ثلاث مرات: "عاش لبنان! عاش لبنان! عاش لبنان!"، فبلغت الحماسة ذروتها وتعالت الهتافات باللغات العربية والإيطالية والفرنسية.
ووقف البابا امام الطائرة يستمع الى فرقة الجيش تؤدي له التحية العسكرية على عزف الموسيقى، ثم تقدم فصافح مرافقيه وضابط الجيش مودعاً، وصعد الى الطائرة. وعند بابها التفت الى الجماهير رافعاً يديه، مباركاً، فدوّت باحات المطار وشرفاته بالتصفيق والهتاف، وسُمع كثيرون يقولون: "مع السلامة! الله يحرسك!"
بازدحام إنساني مهيب، حاول كثيرون لمس يدي البابا أو ثوبه طلبًا للبركة، فيما جثا الكهنة والراهبات والطلاب أمامه. ثم توقّف للحظة أمام الطائرة على أنغام الموسيقى العسكرية، ثم تقدم فصافح مرافقيه وضابط الجيش مودعاً، وصعد السلم مودّعًا، فدوّت باحات المطار وشرفاته بالتصفيق والهتاف، وسُمع كثيرون يقولون: "مع السلامة! الله يحرسك!".
عند التاسعة و15 دقيقة تحرّكت الطائرة وأقلعت، ترافقها ثلاث نفاثات من سلاح الجو اللبناني حتى تخوم الأجواء. ظلّ البابا يلوّح من النافذة، والأيدي مرفوعة على الأرض بالتحية.
من الجوّ، بعث البابا إلى الرئيس حلو معبّرًا عن "التأثر البالغ بالحفاوة"، شاكرًا "الوطن اللبناني النبيل الحبيب ورئيسه". فأجابه حلو باسم اللبنانيين مؤكّدًا أثر "المرور السريع" في النفوس وتمنياته لنجاح "رسالة المحبة والسلام والعدالة"، حيث قال:" إلى قداسة البابا بولس السادس إن مرور قداستكم السريع في أرض وطننا قد أثّر بالغ التأثير في نفوس اللبنانيين على اختلاف طوائفهم، الذين عبّروا عن فرحتهم وتقديرهم لشهادة الصداقة والمحبة البينة. فباسم الشعب اللبناني وباسمي شخصيا أتوجه إلى قداستكم بأحر تمنياتي لنجاح رسالة المحبة والسلام والعدالة، هذه الرسالة النبيلة التي تمثلها رحلة قداستكم".
وكان مكتب الصحافة التابع للكرسي الرسولي أعلن عند الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم بتوقيت روما (الواحدة ظهرا بتوقيت بيروت) البرنامج الرسمي للزيارة الرسولية التي سيقوم بها الحبر الأعظم البابا لاون الرابع عشر الى لبنان بين 30 تشرين الثاني و2 كانون الأول 2025، لمدة ثلاثة ايام، آتيا من تركيا، بعد المشاركة في إحتفالات الذكرى 1700 سنة لإنعقاد مجمع نيقية المسكوني.