Advertisement

لبنان

العبسي في تكريم البروفسور فايز الحاج شاهين: عطاءاته أسهمت في تنوير وتطوير الفكر القانونيّ والإنسانيّ

Lebanon 24
31-05-2025 | 03:33
A-
A+
Doc-P-1368536-638842844839677872.png
Doc-P-1368536-638842844839677872.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
ترأس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي حفل تكريم البروفسور فايز الحاج شاهين في اوتيل قادري الكبير، تقديرا لعطاءاته في مجاله بمشاركة مطارنة وحضور نيابي وسياسي ورسمي ونقابي واجتماعي واعلامي اضافة الى ممثلين عن الاسلاك العسكرية والامنية والقضائية والديبلوماسية. 
Advertisement

وقال العبسي في كلمة القاها للمناسبة : "فرحتي في هذه الأمسية أضمّها إلى الفرحة التي تشملكم جميعًا وإلى فرحة الذين سبقوني وتكلّموا عن الأخ والصديق المحبوب البروفسّور فايز الحاجّ شاهين، محاولين كلّنا معًا أن نَفيه ولو بعضًا ممّا يستحقّه من الثناء والتقدير والعِرفان بالجميل نظرًا لما قدّمه سَحابةَ سنوات للوطن والمجتمع والكنيسة في مجال القانون والمحاماة والقضاء والتدريس خاصّة والفكر عامّة. فرحتنا اليوم هي بنوع خاصّ فرحة زحلة تنضاف إلى ما سبقها من فرحات بأبنائها الذين رفعوا رأسها عاليًا في شتّى الميادين في الداخل وفي الخارج". 

اضاف: "لدى مطالعتي السيرة الذاتيّة، كما يقال، للبروفسّور فايز الحاجّ شاهين، التي أبدع المحاضرون في وصفها وتعداد مآثرها ومديح إنجازاتها، استشفّيت من خلفها الروح التي كانت تحييها والتي يجدر بنا أن نكشف عنها في هذه المناسبة التي نحتفل بها وفي الظرف الذي نعيش فيه في آن واحد، روحًا مبنيّة على الإنجيل وتتجلّى في أكثرَ من مجال، عنيتُ بها روح المسالمة والمصالحة، أودّ أن أشارككم فيها". 

وتابع: "يقول السيّد المسيح في إنجيل متّى (5: 23-25): "إن قدّمتَ قربانك على المذبح وتذكّرت هناك أنّ لأخيك عليك شيئًا فدع قربانك هناك أمام المذبح وامضِ أوّلاً فصالح أخاك وعندئذ ائتِ وقدّم قربانك". من كلام السيّد المسيح نرى أنّ المصالحة لا تأتي من الخارج، لا تُفرض بقوّة القانون أو بقوّة أخرى، إنّما تنبع من الداخل، من القلب، من القناعة الذاتيّة، من الالتزام الإنجيليّ، من الشعور بأنّنا لسنا في المحبّة التي يطلبها منّا السيّد المسيح إن نحن لم نتصالح ولم نتسالم، إن نحن بقينا على البغض أو الحقد أو الخصومة. تأتي المصالحة من شعوري وقناعتي معًا بأنّني لا أستطيع أن أكون في حضرة الله وأنا في خصام مع أخي أو قريبي لأنّي إذّاك أكون كاذبًا كما ينبّهنا القدّيس يوحنّا الإنجيليّ: "إن قال أحد إنّي أحبّ الله وهو يُبغض أخاه فهو كاذب" (1يو4: 20-21). هذه المصالحة تنتهي بالمسامحة، بالغفران. ويتابع السيّد المسيح كلامه يقول: "بادر إلى الاتّفاق وخصمَك ما دمت معه في الطريق لئلاّ يسلمك هذا الخصم إلى القاضي والقاضي إلى الشرطيّ فتُلقى في السجن" (متّى5: 25). هنا أيضًا نرى أنّ المصالحة التي يدعو إليها السيّد المسيح هي المصالحة النابعة من الذات، حتّى مع الخصم وليس فقط مع الأخ كما ابتدأ وقال، أي مصالحة يعقبها وئام وسلام بين المتخاصمين أنفسهم، مصالحة تزيل الخصومة".

وقال: "قد تجري مصالحات بين أخصام لكنّها لا تزيل الخصومة، لا تُحِلّ الوئام والسلام بين المتخاصمين، مصالحات مبنيّة على المصالح الشخصيّة، وليس على الرغبة في الوئام والسلام، على الرغبة في تجاوز الأنانيّة والتكبّر والبغض، فيبقى كلّ خصم يتربّص بالآخر ولا يَني كذلك حتّى تذرُ الخصومة من جديد. المصالحة القائمة على المصلحة لا تنتهي بالمسامحة، بالغفران". 

وتابع: "في خطّ السيّد المسيح سار أيضَا القدّيس بولس. ففي الرسالة الأولى إلى أهل كورنثس يخاطب الذين بينهم خلاف أو خصومة بقوله: "أيجترئ أحدكم، وله دعوى على آخر، أن يحاكمه لدى الخطأة لا لدى القدّيسين؟ [...]. فإن كانت لكم إذن دعاوٍ في شؤون هذه الحياة فأجلسوا للقضاء فيها مَن لا شأن لهم في الكنيسة! أقول هذا لإخجالكم. أفهكذا ليس فيكم حكيم ولا واحد يستطيع أن يكون حكمًا بين إخوته بل يتحاكم الأخ وأخوه وذلك لدى غير المؤمنين! وعلى كلّ حال فإنّه لَعيب عليكم أن يكون في ما بينكم دعاوٍ. لماذا لا تحتملون بالحريّ الظلم؟ لماذا لا تصبرون بالحريّ على السلب؟" (1كور6: 1-8). في تفكير القدّيس بولس درجتان من التفكير. الدرجة الأولى هي رفضه أن يتقاضى المسيحيّون لدى غيرهم، لدى غير المؤمنين. بل عليهم أن "يحلّوا مشاكلهم" بعضهم مع بعض وأن يجدوا لذلك "حكيمًا" يكون هو الحكم بين الأخ وأخيه. نلاحظ أنّ بولس يتكلّم أوّلاً عن حكَم حكيم لا عن حكم قاض، أي إنّه يبحث أوّلًا عن حلّ مبنيّ على المصالحة لا على القانون، على المحبّة لا على القوّة، لأنّ القانون والقوّة قد يحلّان المشكلة هنا أيضًا لكن من دون أن تحصل مصالحة ومن دون أن يلي المصالحة مسامحة وغفران. ويتكلّم بولس ثانيًا عن الأخ وأخيه، محيلًا إلى كلام يسوع: "إن كان لأخيك عليك شيء"، ولا يتكلّم عن خصم وخصم، أي إنّه يتكلّم عن أشخاص تربطهم أواصر الأخوّة ولو كانوا مختلفين بعضهم مع بعض، لأنّهم أعضاء في جسد المسيح الواحد، لأنّهم جميعًا اعتمدوا بالمسيح ولبسوا المسيح. وهذا ما جعل القدّيس بولس ينتقل إلى الدرجة الثانية في تفكيره وهي أنّه يجب ليس فقط أن يتقاضى المؤمنون فيما بينهم بل أن لا يكون  يما بينهم دعاوٍ على الإطلاق، على مبدأ الصبر بعضهم على بعض وتحمّل بعضهم بعضًا، ومحبّة بعضهم لبعض، ومسالمة بعضهم بعضًا، انسجامًا مع قول السيّد المسيح "إن خطئ إليك أخوك فَلُمه، وإن تاب فاغفر له. وإن خطئ إليك سبع مرّات في اليوم ورجع إليك سبع مرّات قائلاً أنا تائب فاغفر له" (لوقا17: 3-5). في الواقع يدعونا القدّيس بولس إلى أن نحُلّ مشاكلنا على مبدأ المصالحة النابعة من كوننا تلاميذ السيّد المسيح نسير بمبادئه، على قاعدة إيمانيّة أساسيّة، على قاعدة المصالحة التي أحلّها الله بينه وبين البشر وبين البشر بعضهم مع بعض التي تكلّم عنها القدّيس بولس بقوله: "أمّا الآن في المسيح يسوع فأنتم الذين كانوا قبلاً بعيدين قد صرتم قريبين بدم المسيح، لأنّه هو سلامنا، هو الذي جعل من الشعبين واحدًا [...]، ليكوّن في نفسه من الاثنين إنسانًا واحدًا جديدًا بإحلال السلام [بينهما] ويصالحهما مع الله كليهما في جسد واحد بالصليب الذي به قتل العداوة، فلقد جاء وبشّر بالسلام، بالسلام لكم، أنتم البعيدين، وبالسلام للّذين كانوا قريبين" (أف2: 13-17).".

أضاف: "المصالحة. وإذا لم تحصل المصالحة؟ الجواب عند السيّد المسيح أيضًا ولو قاسيًا: " بادرْ إلى الاتّفاق وخصمَك ما دمت معه في الطريق لئلّا يسلمك هذا الخصم إلى القاضي والقاضي إلى الشرطيّ  فتُلقَى في السجن" (متّى 5: 25)". 

وقال: "اشكر حضرة البروفسّور فايز الحاجّ شاهين على عطاءاته الكثيرة الكبيرة التي أسهمت في تنوير وفي تطوير لا فقط الفكر القانونيّ بل الفكر الإنسانيّ الشامل أيضًا. نحتاج إلى مثل هذا الفكر الذي أخذ الفكر التخصّصيّ المفرط يقضي عليه. حاجتنا هي أن نرى الأشياء من أكثر من زاوية وأن نرى الأشخاص بأكثر من عين. حاجتنا إلى الثقافة الشاملة والتربية الشاملة. نهنّئ البروفسّور فايز الحاج شاهين ونهنّئ لبنان وزحلة والكنيسة. نهنّئ عائلته وكلّ زملائه وأقربائه ومعارفه".

وختم: "ان نكرّم شخصًا لا يعني أن نكرّم ماضيًا وحسب، بل يعني خصوصًا أن نتطلّع إلى المستقبل وأن نشجّع أبناءنا على أن يقتدوا، من دون أن يقلّدوا ويردّدوا، بمن سبقهم لتستمرّ شعلة الفكر والأدب والعلم مضيئة بل ليزداد ضوؤها ضوءًا. البروفسّور فايز الحاجّ شاهين بفكره أنشأ مدرسة سوف تحمل بلا شكّ هذه الشعلة".
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك