في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت وتيرة التحركات العسكرية
الإسرائيلية على الحدود الشمالية مع
لبنان، وتحديدًا بعد بدء الحرب الاسرائيلية
مع ايران، وكذلك على
الجبهة الشرقية المتاخمة لسوريا. حشود عسكرية، تحليق مكثّف للطائرات، ونشر قوات بشكل غير اعتيادي بعد سحب الألوية من غزة، وسط حالة تأهب كبير. هذا التصعيد يطرح علامات استفهام كبيرة حول دوافعه وتوقيته، خاصةً في ظل انشغال
إسرائيل بمعركة مفتوحة ضد
إيران على أكثر من جبهة.
الظاهر أن إسرائيل لا تبحث عن حرب شاملة مع لبنان أو
سوريا في هذه اللحظة، لكنها تحضّر لكل السيناريوهات الممكنة. من جهة، هناك خشية إسرائيلية من تحرّك مفاجئ قد يقدم عليه حـزب الله أو أحد الحلفاء الإقليميين لطهران في حال تطورت المعركة مع
إيران باتجاه خسائر استراتيجية كبيرة، ومن جهة أخرى، قد تكون هذه الحشود مجرد رسائل ردع لمنع أي طرف من التفكير في فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل.
لكن الواقع يقول إن إسرائيل ليست بحاجة فعلية اليوم إلى فتح حرب مع لبنان، تحديدًا في ظل ما يبدو أنه انكفاء تكتيكي من "
حزب الله" عن الدخول المباشر في الحرب الدائرة. فالحزب، على الرغم من تصعيده المحدود على الحدود، لا يزال يحرص على عدم تخطي عتبة الانفجار الشامل، في ظل تقدير دقيق للواقع الإقليمي والميداني.
في حال خرجت إسرائيل منتصرة عسكريًا على إيران، ولو نسبياً، فإن الحلفاء الإقليميين لطهران، وعلى رأسهم"حزب الله"، سيجدون أنفسهم في موقع أكثر حرجًا، وقد يخسرون القدرة على فرض أي معادلة جديدة في المنطقة. أما إذا خرجت إسرائيل مهزومة أو متضررة بشكل استراتيجي، فقد تفكر حينها في تصعيد مع حلفاء إيران – سواء في لبنان أو سوريا – لمحاولة تعويض خسائرها السياسية والمعنوية، أو لإعادة ترتيب ميزان الردع في المنطقة.
التحليل الواقعي يشير إلى أن هذه الحشود العسكرية الإسرائيلية هي جزء من تكتيك "الاستعداد بلا نية فورية"، أي تحضير الميدان لأي تطورات مفاجئة، من دون الدخول الفعلي في الحرب الآن. وهذا ما يجعل الحدود الشمالية تعيش على حافة الانفجار، من دون أن تنزلق مباشرة إلى الحرب، بانتظار ما ستؤول إليه المواجهة الكبرى بين
طهران وتل أبيب.
في هذه اللحظة، كل الجبهات مترابطة، وكل قرار عسكري يخضع لحسابات إقليمية دقيقة.