في إطار المشاورات على خط بعبدا، عين التينة والسرايا بشأن إمكانية عقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء بعد عاشوراء، لمناقشة خطة تهدف إلى حصر السلاح بيد الدولة ، زار رئيس الحكومة نواف سلام رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة وتناول اللقاء تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية على ضوء مواصلة إسرائيل خرقها لاتفاق وقف إطلاق النار واعتداءاتها على لبنان وآخرها العدوان الجوي الاسرائيلي الذي استهدف أمس منطقة النبطية.
وكما بات معلوماً، فإن الخطة تتضمن ثلاثة محاور: سلاح
حزب الله، الإصلاحات، والعلاقات
اللبنانية -
السورية. وفي حال التوافق بين بعبدا وعين التينة والسرايا، تطرح الورقة على طاولة الحكومة تمهيداُ لاقرارها على أن تسلّم إلى الموفد الأميركي توم باراك خلال زيارته لبنان لنقل مضمونها إلى إسرائيل وسوريا في ما يخص الجوانب المرتبطة بهما.
وتشير أوساط سياسية إلى أن باراك، يمثل سياسة أميركية أكثر تركيزاً على استقرار لبنان عبر تعزيز سيادة الدولة وضبط السلاح بيدها حصراً. وبالتالي، فإن الورقة الجاري البحث فيها داخلياً قد تكون محاولة لتقديم مبادرة لبنانية استباقية تتماشى مع المطالب الأميركية، خاصة أن باراك نفسه قد ينقلها لاحقاً إلى كل من إسرائيل وسوريا، في سياق ترتيب إقليمي أوسع.
وفي تصريح أوضح رئيس الحكومة أن التعامل مع المقترحات الأميركية الأخيرة يتم انطلاقاً من مصلحة لبنان السيادية، لا بوصفها إملاءات خارجية، فالأفكار المطروحة، كما أشار، تدرس ضمن سياق تفاهمات سابقة تم التوصل إليها في نوفمبر الماضي بوساطة فرنسية–أميركية، والهدف منها هو وقف العمليات العدائية على الحدود واستعادة الاستقرار، لكن من منطلق لبناني خالص.
وتقوم المعادلة التي يطرحها سلام ، بحسب مصادر سياسية، على توازن واضح: انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها، في مقابل
التزام الدولة اللبنانية ببسط سلطتها على كامل أراضيها، واحتكارها وحدها لقرار السلم والحرب. هذا التوازي يعكس رفضاً ضمنياً لمنطق المقايضة أو التسلسل في تنفيذ الالتزامات، ويؤكد أن السيادة لا تُجزأ، وأن لا جدوى من الجدل حول أيّ الخطوات يأتي أولاً، بل المطلوب تنفيذ شامل ومتزامن يكرّس منطق الدولة ويُنهي حالة الالتباس القائمة.
وفيما أشار رئيس الحكومة إلى الحاجة لوضع آلية تنفيذية لهذه التفاهمات، تعرض لاحقاً على
مجلس الوزراء باعتباره المرجعية الدستورية لاتخاذ القرار، أكد كذلك أن التواصل مستمر مع مختلف المكونات السياسية لضمان أوسع توافق ممكن، من بينها رئيسا الجمهورية والبرلمان. إلا أن سلام لم يخف أن بعض جوانب النقاش لا تزال معلقة، في إشارة واضحة إلى انتظار موقف حزب الله من بعض البنود المطروحة.
واللافت في كلامه كان التأكيد على أن المطالب المتعلقة بحصرية السلاح وبسط سلطة الدولة ليست استجابة لضغوط دولية فحسب، بل هي أولاً حاجة لبنانية مُلحّة. فمن دون دولة قوية تُحكم بالقانون، لا يمكن للبنان أن يخرج من دوامة العنف والتفكك. بهذا الموقف، يطرح الرئيس سلام رؤية تُوازن بين متطلبات السيادة الوطنية وضرورات الاستقرار الإقليمي، وتعيد توجيه البوصلة نحو مشروع الدولة كمرجعية وحيدة لكل اللبنانيين، كما تقول المصادر.
الى ذلك، حمل
الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الدولة مسؤولية العدوان الذي يحصل، وقال إن "العدوان على النبطية وعلى الناس ومن يعمل في الصيرفة مرفوض وعلى الدولة أن تقوم بواجبها".
وردّ على من يقولون "أنتم تحرّشتم بإسرائيل" بالقول "تحرّشنا بإسرائيل، وفعلنا شيئًا لم يعجبكم، وصلنا إلى الاتفاق، هذا الاتفاق خلق مرحلة جديدة اسمها مسؤولية الدولة"، معتبراّ أن حزب الله "نفذ الاتفاق بالكامل، ولا يستطيع
الإسرائيلي أن يجد علينا ثغرة واحدة، ولا الأميركي، ولا أحد من الداخل يستطيع أن يجد ثغرة".
وعن المطالبة بتسليم السلاح، سأل قاسم: "هل هناك من لديه عقل ويفكّر بشكل صحيح أن يلغي عوامل القوة لديه فيما الإسرائيلي لا يطبق الاتفاق ويواصل اعتداءاته؟".
وإذ أكد قاسم الالتزام بوقف إطلاق النار، فيما الإسرائيلي لم يلتزم، قال في كلمة ألقاها خلال المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه "حزب الله" في مجمع سيد
الشهداء، إن "على الدولة أن تضغط، على الدولة أن تقوم كل واجبها.، أمام الاعتداءات
الإسرائيلية". وقال "يجب أن تعرفوا أن هذا أمر لا يمكن أن يستمر، هي فرصة، الآن يقولون وكم هي الفرصة؟ نحن نُحدد كم هي الفرصة، لكن هل تتصورون أننا سنبقى ساكتين إلى أبد الآبدين؟ لا، هذا كله له حدود".