ليس للأحزاب السياسية قانون خاص بها، بل تخضع لقانون الجمعيات لجهة التسجيل والتنظيم، الصادر في العام 1909، ولا يزال يُطبّق لغاية تاريخه، وقانون الانتخابات لجهة المشاركة في الانتخابات. في حين أنَّ بعض القوانين العائدة لموضوعات مختلفة جرى تعديلها وتحديثها.
وكتبت
دوللي بشعلاني في "الديار": ولهذا تأتي الدعوات اليوم، من جهات كثيرة، في ظلّ ورشة الإصلاح التي انطلقت مع عهد الرئيس
جوزاف عون وحكومة نوّاف سلام، من قبل قانونيين ومفكّرين وأكاديميين، ومن ضمنهم تجمّع "مقيمون ومنتشرون من أجل
لبنان"، المطالبة بالعمل على وضع قانون خاص بالأحزاب السياسية، سيما وأنّها كثيرة في لبنان، وتحتاج بالتالي إلى قانون يُنظّم عملها ووجودها، ودورها الوطني، ووجوب سعيها إلى تعزيز قُدرات
الدولة اللبنانية واستقلاليتها.
تقول مصادر سياسية مطلعة بأنّ فكرة وضع قانون حديث وخاص بتنظيم الأحزاب السياسية في لبنان تعود لسنوات، وهي مطبّقة في سائر الدول المتطوّرة. وتعود إلى الواجهة اليوم كون لبنان مطالبا من الداخل والخارج بإجراء الإصلاحات وإعادة بناء دولة المؤسسات. من هنا، لا بدّ وأن يشمل القانون تحديد شروط تأسيس الأحزاب، وآليات تمويلها، وتنظيمها الداخلي وواجباتها، وعلاقتها بالدولة والمجتمع. كما آليات الرقابة على الأحزاب والجزاءات المترتبة على مخالفتها.
وعدا عن أنّ إصدار قانون للأحزاب السياسية هو واجب وطني، لتغيير مفهوم الولاءات والانتماءات الطائفية السائدة حالياً في مجتمعنا، ومواكبة قوانين الاصلاح في الدولة والقضاء ومحاربة الفساد، على ما تؤكّد المصادر، فإنّ الحاجة ماسّة وملحّة أيضاً لضمان الشفافية والمساءلة، وتعزيز الديموقراطية، وتوحيد العمل السياسي، والحدّ من النفوذ الخارجي، وتأطير عمل الأحزاب ضمن إطار قانوني واضح. وثمّة مقترحات عدّة موضوعة لتنظيم الأحزاب في لبنان، على الوزراء المهتمين والمعنيين تفعيلها من خلال دراستها وطلب وضعها على جدول أعمال
مجلس الوزراء، ليُصار بعد ذلك إلى مناقشة مشروع القانون في مجلس النوّاب.
وتتضمّن مقترحات القانون هذه بنوداً عديدة، تتعلّق بشروط التأسيس والتمويل والتنظيم الداخلي وواجبات الأحزاب، وعلاقة هذه الأخيرة بالدولة والمجتمع والرقابة والجزاءات. ولعلّ أهمّ ما يجب أن يكون في القانون الخاص للأحزاب، على ما تلفت المصادر، التمويل فضلاً عن مراقبة أنشطتها ومحاسبتها على المخالفات المحتملة. فاليوم تستفيد الأحزاب السياسية من
قانون الجمعيات، للحصول على تمويل خارجي. في حين أنّه على القانون الخاص بها أن يُوفّر معلومات واضحة عن مصادر التمويل، سواء كانت داخلية أو خارجية، ووضع آليات للرقابة على الأموال، وتحديد سقف التبرّعات، ما يُقلّل من احتمالية التأثير الخارجي عليها وعلى أدائها، وعلى قراراتها السياسية. الأمر الذي يضمن الشفافية والمساءلة.
ويطمح المعنيون، على ما تشير المصادر، إلى أن يضمن القانون مساءلة الأحزاب أمام
القضاء، لا سيما في حال ارتكابها المخالفات أو الجرائم، ما يُعزّز سيادة القانون ويحقق العدالة. فضلاً عن تعزيز أسس الديموقراطية من خلال تنظيم الحياة الحزبية ، وتوحيد الجهود السياسية ومنعها من الإنقسامات، ما يُعزّز فعالية العمل السياسي. وينطلق هذا المقترح من كون غالبية الأحزاب في لبنان قد تعرّضت إلى التشرذم بسبب بعض الخلافات السياسية، ما أدّى إلى ضعف موقفها وعملها السياسي. ويتمّ بالتالي، اقتراح أن تضمّ الأحزاب "النخبة"، ما يضمن لها مشاركة فعّالة، وعادلة وشفّافة في الإنتخابات.
كذلك فإنّ
قانون الأحزاب، تضيف المصادر ينظّم وجود أكبر عدد ممكن منها، ويمنع احتكار السلطة من قبل حزب واحد، أو مجموعة أحزاب تنتمي إلى الخط السياسي نفسه، والمهم أن يساهم القانون في تعزيز التعددية السياسية، وحماية حقّ المواطنين في اختيار ممثليهم بحرية وشفافية، ومن دون أي ضغوطات.
وبما أنّ قانون الجمعيات يسمح لدول الخارج بمدّ يدّ المساعدة لها على الصعيد المالي والمادي وسواهما، لا بدّ من أن يساعد قانون الأحزاب على وضع الضوابط والخطوط الحمراء، لتدخّل الدول الخارجية في
الشؤون الداخلية اللبنانية.
ويساهم هذا الأمر في حماية استقلالية القرار السياسي، ويمنع استغلال الأحزاب لخدمة مصالح أجنبية.