بدأ المبعوث الأميركي
توم براك محادثاته في
بيروت وسط أجواء إعلامية مشبعة بالتوتر والتهويل، على وقع التصعيد المستمر في الجنوب اللبناني والمخاوف من اتساع رقعة المواجهة. إلا أن مصادر متابعة ترى أن ما يُضخ إعلامياً لا يعكس بدقة حقيقة الموقف الأميركي ولا طبيعة المهمة الحالية، بل يندرج في إطار الضغوط السياسية التي تسبق أي مفاوضات.
فبحسب المصادر نفسها، فإن الجانب الأميركي لا يزال منفتحاً على الحوار، ويُدرك تماماً تعقيدات الساحة
اللبنانية والواقع الإقليمي المتأزم. وتشير إلى أن جزءاً من ديناميكية التفاوض، خصوصاً في الملفات الشائكة، يتطلّب تصعيداً خطابياً من الأطراف المختلفة، وهو أمر لا يُترجم بالضرورة إلى توجه فعلي نحو الحرب، بل إن التصعيد الكلامي قد يكون أداة ضرورية لتهيئة الظروف نحو التسوية، من خلال رفع سقف المواقف تمهيداً للهبوط الآمن.
وبحسب المعلومات، فإن زيارة
براك هذه المرة تتجاوز الطابع الاستطلاعي أو التشاوري، وتحمل في طيّاتها نية واضحة للدفع نحو تفاهمات ميدانية محددة، من شأنها خفض التوتر وضمان استقرار نسبي على الحدود. وتُرجّح المصادر أن يطرح المبعوث الأميركي خلال لقاءاته اليوم في بيروت تصورات تشمل نوعاً من "الضمانات" للبنان من اسرائيل، وإن كانت هذه الضمانات جزئية ومحدودة الطابع، لكنها قد تشكّل أرضية لمقاربة مختلفة في المرحلة المقبلة.
وتؤكد أوساط متابعة أن هدف
الأميركيين لا يزال محصوراً في منع انزلاق الوضع إلى مواجهة واسعة، وأن
واشنطن لا تزال ترى في التهدئة مصلحة استراتيجية، سواء بالنسبة لـ"إسـرائيل" أو للبنان، خصوصاً في ظل اقتراب المحادثات غير المعلنة بين واشنطن وطهران.
مع ذلك، لا يمكن إنكار أن التصعيد الميداني يبقى احتمالاً قائماً، خصوصاً إذا تعثّرت المساعي السياسية، أو وقع حادث أمني مفاجئ يشعل الأرض مجدداً. فالمشهد لا يزال مفتوحاً على كل الاحتمالات، وإن كانت زيارة براك تشكّل في توقيتها ومضمونها فرصة ثمينة لفرملة الانزلاق نحو الحرب، ووضع خطوط حمراء تُجنّب المنطقة الأسوأ.