Advertisement

لبنان

لقاء برّاك - بري "الأهمّ": قراءات "متناقضة" وتكهّنات بالجملة!

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
23-07-2025 | 06:00
A-
A+
Doc-P-1395462-638888683590764870.jpeg
Doc-P-1395462-638888683590764870.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لا تزال زيارة الموفد الأميركي توم برّاك تتصدّر المشهد السياسي، على الرغم من انخفاض الرهانات على اعتبارها "مفصليّة وحاسمة"، في ظلّ الانطباع الأولي الذي تكوّن لدى المراقبين، عن أنّها لن تفضي نتائج فعليّة، وأنّها تندرج في سياق الضغوط المستمرّة على لبنان من أجل إحراز تقدّم على خط تطبيق بند "حصر السلاح بيد الدولة"، بما يفتح بابًا للاستقرار ليس في لبنان فحسب، بل في المنطقة برمّتها، وفق وجهة نظر واشنطن.
Advertisement
 
وفي هذا السياق، اتّجهت الأنظار في الساعات الأخيرة نحو عين التينة، وتحديدًا إلى اللقاء الذي جمع برّاك برئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي اعتبرته معظم الأوساط السياسية "الأهمّ" في جولة المبعوث الأميركي. فبري لا يُنظر إليه فقط كرئيس للسلطة التشريعية، بل كممرّ إلزامي في أيّ مفاوضات غير مباشرة مع "حزب الله"، نظرًا إلى العلاقة العضوية والتاريخية التي تربطه بالحزب، ودوره المعروف كمفاوض سياسي باسمه في أكثر من محطة.
 
وإذا كان من الصعب حتى الآن الجزم بما حمله برّاك في جعبته، خصوصًا في ظلّ تكتم رسمي واسع، فإنّ ما تسرب من أجواء عين التينة، كما من كلام الموفد نفسه، يوحي بأن اللقاء لم يكن اعتياديًا، وقد وصفه برّاك بـ"الممتاز"، فيما تحدّثت مصادر عين التينة عن "تقدّم للإيجابية على السلبية"، وصولاً إلى حدّ اعتبار اللقاء دحضًا لكل الروايات المتشائمة التي سبقت الزيارة، فهل يعني ما تقدّم أنّ نافذة أمل فُتِحت عبر هذا اللقاء، ولماذا تشكّك المعارضة بذلك؟!
 
قراءات "متباينة"
 
بأجواء "تفاؤلية"، خرجت إذًا التسريبات حول اللقاء بين برّاك وبرّي، بما يناقض الأجواء التي سُرّبت في اليومين السابقين، علمًا أنّ مصادر عين التينة حرصت على تأكيد "وحدة الموقف الرسمي" اللبناني، مشيرة إلى أنّ ما سمعه الموفد الأميركي من برّي، هو نفسه ما سمعه قبل ذلك من رئيس الجمهورية جوزاف عون، وكذلك رئيس الحكومة نواف سلام، وقوامه الإيجابيّة والجدّية، ولكن أيضًا التركيز على خطوات مطلوبة من إسرائيل أولاً.
 
في المقابل، يقرأ البعض هذا التفاؤل بحذر، ويعتبر أنّ واشنطن تسعى لتضخيم الإشارات الإيجابية لتبرير استمرار جهودها الدبلوماسية، رغم إدراكها لتعقيدات الملف اللبناني، لا سيّما حين يتصل بسلاح "حزب الله". فالواضح أن ملف "نزع السلاح" لا يزال في صلب الأولويات الأميركية، حتى وإن غُلّف بعبارات السيادة والتهدئة وتجنّب الحرب الشاملة، ما يجعل أيّ تجاوب لبناني، ولو محدودًا، بمثابة "نقطة إضافية" في رصيد واشنطن.
 
في هذا السياق، لم يغب عن المشهد الصوت المعارض، الذي برز مجددًا عبر بيان شديد اللهجة لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي انتقد صراحة موقف الدولة اللبنانية، معتبرًا أنه يتماهي مع موقف "حزب الله"، باستثناء بعض العبارات التجميلية، منبّهًا إلى أنّ "ما يحصل يعيدنا، ويا للأسف، سنوات وسنوات إلى الوراء، ويعرِّض لبنان لمخاطر جمة، ولمزيد من المآسي والويلات"، وفق تعبيره.
 
احتمالات وسيناريوهات
 
قد لا يكون موقف جعجع معزولاً، إذ يعبّر عن موقف شريحة من اللبنانيين، يعتبرون أنّ المطلوب من لبنان التجاوب مع الطروحات والمقترحات الأميركية، من دون مماطلة قد تُفسَّر كرفض مبطّن، وبالتالي قد تؤدّي إلى خسارة الفرصة المُتاحة اليوم من خلال الوساطة الأميركية، ويرى هؤلاء أنّ مصلحة "حزب الله" قبل غيره أن يستثمر هذه الفرصة، تجنّبًا لجولة قتالية أخرى لا يبدو جاهزًا أو مستعدًا لها على الإطلاق، خصوصًا أنّ السلاح الذي يتمسّك به لم يؤمّن الحماية له في الحرب الأخيرة.
 
لكنّ ما يقوله المؤيّدون لهذا الرأي، وجلّهم من "السياديّين"، يصطدم بموقف قوى أخرى، تعتبر انّ "المعضلة" فيه أنّه يدفع اللبنانيين إلى الخضوع لإملاءات الخارج، من دون أيّ مقابل، ويسأل هؤلاء عن "العِبرة" من حديث برّاك مثلاً عن عدم قدرته على تقديم ضمانات، وإيحائه بأنّ واشنطن عاجزة عن إرغام إسرائيل على فعل شيء، علمًا أنّ المستغرَب أنّ بيان جعجع مثلاً تجاهل هذه النقطة، تمامًا كما تجاوز طلب وقف الاعتداءات الإسرائيلية، ولو من باب رفع العتب.
 
وبين تفاؤل البعض الذي عكسه لقاء عين التينة، من جهة، والتحذير المعارض الذي عبّر عنه جعجع، من جهة أخرى، يبقى المشهد اللبناني مفتوحًا على كل الاحتمالات. فبين من يراهن على اختراق ما في جدار الأزمة، ومن يشكك في النوايا والأهداف، تُطرح علامات استفهام عديدة حول ما إذا كانت زيارة برّاك ستثمر فعلًا نتائج ملموسة، أم ستكون حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الضغوط الأميركية التي تتكيّف مع التوازنات، من دون أن تغيّر فيها.
 
في المحصّلة، لا يزال الملف مفتوحًا على جميع السيناريوهات، في ظلّ غياب مؤشّرات حاسمة، وتباين في القراءات بين من يرى في جولة برّاك خطوة يمكن البناء عليها، وبين من يتعامل معها كامتدادٍ طبيعيّ لمسار الضغوط الأميركية التي لن تُترجم إلى نتائج ملموسة قريبًا. أما التحدّي الأبرز فيبقى قدرة الدولة اللبنانية على التماسك خلف رؤية موحّدة، تحفظ سيادتها من جهة، وتحول دون انزلاق جديد إلى المواجهة من جهة أخرى.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa