اعلن شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى "الرفض المطلق لحصار محافظة السويداء منذ بدء الاحداث الدموية الأليمة التي حصلت"، مقدراً الجهود المبذولة في هذا المجال ومعتبرا "ان الدولة
السورية تتحمل مسؤولية تغلغل التطرّف تحت عباءة الأمن العام، وان الصراع اليوم هو بين التطرف والاعتدال وليس بين السنة والدروز، الذين تمكنوا معا وبتضافر الجهود من وأد الفتنة"، مشددا على "وحدة الموقف الداخلي في السويداء، وعلى التعاون من اجل فك الحصار وعودة المختطفين وهذا هو الاهم".
كلام شيخ العقل جاء في خلال مقابلة خاصة مع "تلفزيون
لبنان"، وردا على سؤال حول من يتحمل مسؤولية الدم الذي أهرق في السويداء، قال:"المشهد مؤلم وقلما حصل مثله في تاريخنا، بالشكل الذي حصل، وهو يعيد خلط الأوراق، ويطرح السؤال الكبير: لماذا لم يتم التوصل الى اتفاق بين الدولة ومكونات الشعب السوري؟! ولماذا لم تستطع الدولة احتضان شعبها؟ هذا ما أكدنا عليه دائماً بانها مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى بان يطمئن الناس في كنفها الى مصيرهم، هذا واجبها، وكان الأجدر بالدول الراعية للثورة ان ترعى بناء الدولة وصياغة عقد اجتماعي بين مكوناتها".
اضاف: "المنطق اليوم غير منطق الأمس بالنسبة الى السلاح، أولم يكن الأجدر العمل على السعي لاتفاق قبل اراقة الدماء؟ لا يجوز ان يكون الشعب في حالة عداء مع الدولة والعكس صحيح، وقد تبيّن الاحتضان العربي لها، لقد كان هناك مؤتمر استثماري قبل اكثر من يومين، وكانت
المملكة العربية السعودية حاضرة بقوة".
وحول سؤال عن نصرة الدروز الاسرائيليين لأخوانهم في
سوريا وبالتالي تخوين الدروز كطائفة لها تاريخها الوطني والعربي الناصع، قال الشيخ ابي المنى: "السويداء اصواتها وطنية واصوات عروبة وإسلام، وليست اصوات خيانه، فلم نسمع أصواتا تنادي بالانفصال عن سوريا، باستثناء بعض اصوات الانفعال والتحدي، وكانت مرفوضة لدى المسؤولين والكبار. هناك لعبة أمم واضحة، وربما نصل الى وقت ترضى فيه الاطراف بالأمر الواقع المرتبط بالدولة، ولكن نحن لسنا دولة مستقلة، كي نرتبط باي مشروع مع دولة اخرى. لذا، فلتعط الدولة المجال والفرصة ولتثبت قدرتها، واذا كان هناك من اتفاق سلام فالأمر يتعلق بالدول ونحن بالنتيجة نخضع للقرارات الدولية، اما ان نسعى نحن الى اتفاقات وتطبيع فهذا الامر مرفوض، وان كنا نتطلع لكي يحل السلام المنشود، فهذا يحتاج الى حوار وتفاهم. ونكرر ما قلناه سابقا نحن لسنا ضد السلام في المنطقة، لكننا ضد الذل والخنوع".
ورداً على سؤال يتعلق بالذين هاجموا السويداء، هل هم تحت غطاء الدولة، وهل انتم نادمون على زيارة
الشرع؟ قال: "لتدرس هذه الظاهرة، وكان هناك خلط كبير بين ما هم من عناصر الدولة ومن هم متطرفون وعشائر، ولكن المسؤولية تقع في النهاية على الدولة. وبالنسبة للزيارة فاننا لسنا نادمين على زيارة الشرع، لقد فرحنا بانتصار الانتفاضة في السويداء وفي كل سوريا، وعبرنا عن ذلك بزيارة دمشق لنفتح صفحة جديدة مع عهد جديد، وكنا نرغب نجاح الدولة في احتضان ابنائها. ما حصل مؤخرا كنا ننبّه اليه مع وليد بك، وقد اشار الى ذلك في مقابلته على العربية وقدم كتابا عما حصل في دمشق سنة 1860. اظن انهم فهموا الرسالة، وبأن عليهم ان يحاسبوا من ارتكب المجازر والبشاعات بحق السويداء والأبرياء".
اضاف: "ان الصراع اليوم هو بين سوريا الاسلام المعتدل وبين سوريا التطرف، فماذا يختار الرئيس الشرع؟ وماذا يختار الشعب السوري؟ سوريا الاعتدال والحداثة ام سوريا التطرف والارهاب والمجازر والقتل على الهوية؟! عندما نختار سوريا التطرف فكأننا نعطي لاسرائيل جواز سفر للتدخل، وهذا خطأ يجب ان يصحح. من هنا نقول، فلنعط فرصة للدولة لتثبت نفسها، ولتزيل هذا التناقض بين المشهد الراقي باطلاق الهوية البصرية وبين مشهد الدم في السويداء، وهي تحتاج أيضا إلى اعادة النظر بمفهوم وعقيدة الدولة وبعناصرها الامنية، لا سيما الأمن الداخلي والامن العام ".
تابع: "انا لم اقطع التواصل مع شيوخ العقل في سوريا، ولن نصمت على هذا الحصار المفروض على السويداء، ونأمل ان يبدأ بالانفراج رويداً رويدا. ونسعى مع المنظمات الدولية والمحلية للمساعدة، وقريباً ستزورنا منسقة
الأمم المتحدة في لبنان بهذا الاطار. المطلوب اليوم الوحدة الداخلية في السويداء، والبطولة والشجاعة التي اعتدنا عليها من اهلنا في جبل العرب، تكون اليوم في جمع الشمل وفي وحدة الصف والموقف".
وعن اسلامية الموحدين الدروز، قال: "المسلمون الموحدون الدروز هم اصحاب مسلك توحيدي عرفاني، دخلوا في عمق حقيقة الاسلام ويسعون في مسلكهم التعبدّي الى تحقيق الغاية من فرائضه الملزمة، وذلك هو الاحسان الذي قال عنه الرسول الأكرم بعد القول عن الاسلام والايمان، بانه عبادة الله كما تراه، اي العيش مع الله بصدق، الموحدون في قلب الاسلام، وان تميزوا بجهادهم الايماني، فالعقل خلق ليجتهد، دون خروج عن الاصول وعن وحدة الجماعة، التي يجب ان تكون فوق كل اعتبار".
وختم شيخ العقل: "لقد تمكنا مع وليد "بك" ومع سماحة مفتي الجمهورية والمفتين وفخامة الرئيس ودولة الرئيس والشخصيات السنية من ان نمنع تسلل الفتنة الى لبنان ولن نسمح لها، ولدينا في لبنان طاولة حوار ومحبة ورحمة منعقدة باستمرار".