ما قيل عن سلاح "
حزب الله" قد قيل. ويبقى الأهمّ مما قيل أو سيُقال هو الكلام، الذي لا يُقال عادة في العلن. وهذا الكلام الباقي طي الكتمان هو ما يعوّل عليه العاملون على إنضاج تسوية يمكن أن تحفظ ماء وجه الجميع. وهذا ما يُعمل عليه قبل انعقاد جلسة
مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل. فإذا نجحت هذه المساعي في إيجاد أرضية مشتركة بين ما أعلنه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في عيد الجيش وبين المواقف القديمة – الجديدة للأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم
قاسم قبل ساعات من خطاب اليرزة فيكون
لبنان قد تجاوز قطوعًا كان من المرجّح أن يصل إليه، آجلًا أم عاجلًا، في حال تعطّلت لغة الكلام والتواصل بين "
بعبدا" و"حارة حريك". وبهذا التعطيل، في حال حصوله، سيوضع لبنان مرّة جديدة أمام اختبار مصيري فيأتي إليه من يحمل معه أكبر من المشروع الذي حمله معه الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك، الذي يمكن أن يحلّ محلّه. وقد ينتقل لبنان مع هذا الخيار، بين السيئ والأسوأ، إلى مرحلة لا تعود تنفع معها المراوغات في "شراء" وقت لن يعود ليعمل لمصلحة فئة لبنانية محدّدة، بل يكون عاملًا سلبيًا على وحدة البلد وهويته.
المعطيات المتوافرة وغير المعلنة حتى الساعة تشي بأن الأمور تسير في الاتجاه، الذي يمنع حصول أي اهتزاز سياسي أو أمني. وتؤكد هذه المعطيات، التي ستبدأ تتمظهر في صيغة حلّ مقبول نسبيًا لموضوع حصرية السلاح بموافقة جميع المكونات السياسية، التي يتألف منها مجلس الوزراء، على رغم أن ما يجمع بينها أقّل بكثير مما يفرقّها.
فالبلاد التي تشهد حركة سياحية ناشطة لم تشهدها السنوات الماضية يكفيها ما فيها من مشاكل عالقة منذ سنوات، ولم تجد بعد طريقها إلى الحلّ. وهذا الحلّ لن تكون بدايته، كما يراها بعض المحللين، إلاّ من خلال ما يمكن أن يتمّ التوافق عليه في جلسة الثلاثاء.
وفي الاعتقاد فإن هذه الجلسة ستكون مفصلية بين القبول بمنطق الدولة أو السير وفق الاملاءات الخارجية، التي لم تكن يومًا من الأيام متلائمة مع ما تقتضيه المصلحة الوطنية وفق أولويات تختلف ظروفها مع اختلاف التوجهات غير المتقاربة مواقيتها مع عقارب الساعة
اللبنانية.
وتعترف أوساط حكومية بأن المهمّة صعبة. وأن ما يُعمل عليه قد يسهّل عملية التوصّل إلى ما يشبه الحلّ لإنقاذ الحكومة من فرط عقدها قبل أوانها أولًا، وللمحافظة على ما تبقّى من ماء وجه مكوناتها غير المتوافقين في السياسة على أمور كثيرة ثانيًا. ولعل أهم الفوارق بين وزراء حكومة "الإنقاذ والإصلاح" هي أن ما يباعد بينهم مسافات تُقاس بالأميال وليس فقط بالأمتار.
وما يبدو متاحًا حتى اليوم قد يصبح في الغد متعذّرًا، مع خشية متصاعدة من أن تتحّول هذه الحكومة من حكومة "انقاذ البلد" إلى حكومة لا همّ لديها سوى انقاذ نفسها من الانهيار قبل أوان رحيلها الطبيعي.
الحلّ الانقاذي لجلسة الثلاثاء لن يكون خارج كلمة رئيس الجمهورية في عيد الجيش، الذي لم يكتفِ بالحديث فقط عن حصرية السلاح بيَد الجيش والقوى الأمنية، بل أشار الى النقاط الاستراتيجية، التي تضمّنتها الورقة اللبنانية. وهي تتجسّد في وقف الاعتداءات
الإسرائيلية، وانسحاب
إسرائيل خلف الحدود الدولية، وإعادة الإعمار، واستعادة الأسرى والمفقودين، ودعم الجيش، وحل مسألة النازحين، بالتوازي مع جدولة زمنية لسحب سلاح "حزب الله" والسلاح الفلسطيني وأي سلاح آخر. وهذا يعني أنّ الحلّ الممكن والمعقول والمتاح جاءت بوادره من خلال ما طرحه عون في كلمته المكّلة لخطاب القسم من خطة متكاملة، والتي لا تقتصر على بندٍ واحد ووحيد. وأغلب الظن أن ما جاء في الكلمة الرئاسية المسؤولة والواعدة لا يمكن أن يلقى رفضًا مطلقًا من قِبل "حزب الله"، الذي لم يعّلق حتى الساعة على هذا الكلام لا سلبًا ولا إيجابًا، بل هو يأخذ وقته كالعادة قبل اتخاذ أي موقف وقبل أن يُجري اتصالاته مع "الأخ الأكبر" الرئيس
نبيه برّي، للوصول إلى توافق ضمني بين وزراء "
الثنائي الشيعي" على صيغة لمعادلة سيُعمل عليها خلال عطلة الأسبوع، والتي ستتوج بزيارة مرتقبة سيقوم بها رئيس المجلس النيابي لرئيس الجمهورية لوضع النقاط على الحروف، وذلك قبل الاقدام على أي خطوة يُخشى أن تكون ناقصة.