Advertisement

لبنان

على هامش زيارة لاريجاني.. كيف تُقرَأ الاعتراضات عليها؟

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
13-08-2025 | 06:15
A-
A+
Doc-P-1404182-638906872964979618.jpg
Doc-P-1404182-638906872964979618.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
تشكل زيارة أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى لبنان محطة جديدة في مسار العلاقات اللبنانية - الإيرانية، فهي تأتي في ظرف سياسي إقليمي ودولي شديد التعقيد والحساسية. لكنّ المفارقة أنّ هذه الزيارة لاقت اعتراضات بارزة قبل حدوثها، حتى إنّ تسريبات "شبه رسمية" نقلت عن وزير الخارجية يوسف رجّي، الذي لم يطلب منه لاريجاني موعدًا، قوله إنه لو طلب، لما كان في وارد استقباله أساسًا.
Advertisement
 
في المقابل، برزت دعوات لاستقبال جماهيري للمسؤول الإيراني، وإن افتقرت إلى تبنّي أيّ جهة سياسية رسمية أو بارزة، ما يعكس عمق الانقسام السياسي العمودي في لبنان في هذه المرحلة، على وقع اشتداد حدّة السجال في البلاد حول سلاح "حزب الله"، خصوصًا بعد جلستي الحكومة الأسبوع الماضي اللتين أطلقتا بصورة أو بأخرى، مسار "حصر السلاح بيد الدولة"، مع تبنّي مجلس الوزراء لأهداف ما سُمّيت بـ"الورقة الأميركية".
 
وتأتي زيارة لاريجاني بعد أيام من تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، حيث شدد على أن خطوات الحكومة اللبنانية نحو نزع سلاح حزب الله ستبوء بالفشل، مما أضاف مزيدًا من الحدة على المشهد السياسي اللبناني، فهل يمكن وضع الاعتراضات على زيارة لاريجاني في خانة "الردّ" على ولايتي، وهل ثمّة من يريد وضع لبنان في خانة المحور الغربي، في مواجهة مطلقة مع المحور الإيرانيّ؟!
 
من يرفض زيارة لاريجاني ولماذا؟

 
يرى المعترضون على زيارة لاريجاني، وفي مقدّمهم حزب "القوات اللبنانية"، أن إيران لا تزال تتدخل بوضوح في الشؤون السيادية اللبنانية، وأن مواقفها الأخيرة تجاوزت حدود اللياقة السياسية، خاصة تجاه قرارات اتخذتها الحكومة اللبنانية، ما اعتُبر استفزازًا غير مبرر. ويقول هؤلاء إن لبنان لم يتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، حتى في الملف النووي الحساس، متوقعين من طهران نفس الاحترام المتبادل الذي تعامل به الدولة اللبنانية.
 
لكنّ هؤلاء يعتقدون أن الزيارة، في الشكل والتوقيت، تشكل إشارة مباشرة لاستمرار إيران في فرض نفوذها وتأثيرها على مسار القرار اللبناني، في محاولة لتكريس حالة من التبعية السياسية، لطالما جسّدها "حزب الله" في رأي هؤلاء، الذين يعتبرون أنّ لبنان دفع ما يكفي من الأثمان نتيجة لذلك، وهو الذي خاض الحروب بالنيابة والوكالة عن طهران، لتكون النتيجة وقوع المحظور، بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة عليه.
 
وفي السياق، تُظهِر هذه الفئة غضبها من التناغم الواضح بين مسؤولين إيرانيين من درجة عالية، وبين حزب الله، الذي يرون أنه لم يأخذ العِبَر بعد كما ينبغي، خصوصًا مع التصريحات الأخيرة التي حملت رسالة واضحة بضرورة بقاء السلاح خارج أي نقاشات جادة في إطار السياسة اللبنانية. ولذلك يرى هؤلاء أنّ هذه الزيارة تؤكد أن إيران مستمرة في تعميق سيطرتها، وتعمل على إعاقة أي محاولة جادة للسيادة الوطنية أو تصحيح المسار اللبناني المستقبلي.
 
خلط المفاهيم ودعوات الاستهداف السياسي
 
في المقابل، هناك فريق سياسي آخر يرى أن الاعتراضات على زيارة لاريجاني تنم عن خلط واضح في المفاهيم السياسية والمصالح الوطنية، إذ كيف يستقيم الحديث عن "تدخل إيراني" بسبب زيارة شخصية رسمية إيرانية إلى البلد، وذلك من قبل من فاخروا بإقرار "ورقة أميركية" في مجلس الوزراء، وبعد زيارات متكرّرة للموفد الأميركي توم براك، وصل به الأمر إلى حدّ توجيه ما يشبه "الإنذار"، بقوله إنّ "الكلمات لا تكفي".
 
من وجهة نظر هذا الفريق، هناك ازدواجية في المعايير تعكس أزمة داخلية عميقة تتعلق بكيفية التعامل مع النفوذ الإقليمي والدولي. ويشير هؤلاء إلى الدعوات التي أطلقها رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، لعقد جلسات طارئة في مجلس جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، بهدف مناقشة ما وصفه بالتهديد الإيراني للبنان، بالإضافة إلى التوجه بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي، معتبرين أن إيران تمارس ضغوطًا وتتهدد لبنان مباشرة وربما تخطط للتدخل العسكري.
 
وفي حين يقول هؤلاء إنّ الموقف السياسي لجعجع وغيره معروف، إلا أنّه لا يبرّر برأيهم الذهاب إلى هذا الدرك، خصوصًا أنّ الاعتراض على حديث إيران عن الحقّ المشروع بالمقاومة مثلاً، لا يقترن بخطوات ملموسة لردع العدوان، حتى إنّ الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على السيادة اللبنانية، والمجازر التي تحدث بين الفينة والأخرى، ما عادت تشغل هؤلاء ولا تثير قلقهم، أو تدفعهم لإصدار أيّ موقف، ما يمكن أن يثير الشبهات، وليس فقط القلق.
 
قد تكون الاعتراضات على زيارة لاريجاني إلى لبنان مجرّد عيّنة أخرى لحالة الانقسام العميق داخل الطبقة السياسية اللبنانية، ليس فقط تجاه إيران ودورها في لبنان، بل تجاه كل الملفات بلا استثناء. لكنّها تثير في أوساط كثيرة أسئلة من النوع "الثقيل"، فإذا كان التدخل الإيراني مرفوضًا بطبيعة الحال، فهل يكون التدخل الأميركي والفرنسي مثلاً مقبولاً، ومن يحقّ له تصنيف التدخلات الخارجية، بين مقبول ومرفوض؟!
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa