Advertisement

لبنان

المطران عودة في عيد السيدة: الموت جسر إلى الحياة الأبدية

Lebanon 24
15-08-2025 | 05:31
A-
A+
Doc-P-1405002-638908581926243845.webp
Doc-P-1405002-638908581926243845.webp photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده خدمة قداس عيد رقاد السيدة مريم، في كنيسة نياح السيدة – رأس بيروت، في حضور حشد من المؤمنين.
Advertisement

بعد قراءة الإنجيل المقدس، ألقى عوده عظة قال فيها: "يا أَحِـبَّـة، نَحْـتَـفِـلُ الـيَـوْمَ بِعـيدِ رُقـادِ والِـدَةِ الإِلَهِ الدَّائِمَةِ الـبَـتُـولِـيَّةِ مَـرْيَم، ونَجِـدُ أَنْـفُـسَـنا أَمامَ سِـرٍّ يَـفُـوقُ العَـقْـلَ لأَنَّـهُ يَجْمَعُ بَـيْـنَ بَهاءِ الـمَجْـدِ وعُـمْـقِ الـتَّـواضُع. الكَـنِـيـسَةُ، بِـوَحْيِ الـرُّوحِ الـقُـدُس، لا تَـرَى في هَـذا العِـيدِ مُجَـرَّدَ ذِكْـرى لِحَدَثٍ مَـضَى بَـلْ إِعْلانًا عَـنْ رَجائِـنا في الـمَسـيحِ الـقائمِ مِـنْ بَـيْـنِ الأَمْـواتِ، والجاعِـلِ مِـنْ جَـسَـدِ أُمِّـهِ، الَّـذي مِنْهُ أَخَـذَ جَـسَـدَهُ عُـرْبُـونًا لِـتَـمْجِـيـدِ جَـسَـدِ كُـلِّ الَّـذِيـنَ يُحِـبُّـونَه، هذا الجَسَدِ الذي هو إناءٌ للروحِ القُدُس. رُقـادُ والِـدَةِ الإِلَـهِ تَـذْكِـيـرٌ لَـنا بِـأَنَّ الـمَـوْتَ، بَعْـدَ قِـيـامَـةِ الـرَّبِّ، لَـمْ يَـعُـدْ سَـيِّـدًا يُـخِـيـفُ الـنُّـفـوس، بَـلْ صـارَ، كَـمـا يَـقُـولُ الـقِـدِّيـسُ يُـوحَـنّـا الـذَّهَـبِـيُّ الـفَـم: «جِـسْـرًا نَـعْـبُـرُ بِـهِ مِـنْ هَـذِهِ الـحَـيـاةِ إلـى الـحَـيـاةِ الأَبَـدِيَّـة». شـاءَ الـرَّبُّ بِـحِـكْـمَـتِـهِ أَنْ يَـحْـفَـظَ جَـسَـدَ أُمِّـهِ مِـنْ فَـسـادِ الـقَـبْـر، وأَنْ يَـنْـقُـلَـهـا إلـى الـسَّـمـاءِ بِـكُـلِّ كِـيـانِهـا، لأَنَّهـا حَـمَـلَـتْـهُ في أَحْـشـائِهـا تِـسْعَـةَ أَشْـهُـرٍ، وفي قَـلْـبِهـا إلى الأَبَـد، ووَقَـفَـتْ عِـنْـدَ الـصَّلـيـبِ تُـشـارِكُهُ آلامَـهُ بِـلا تَـرَدُّدٍ، كَـمـا تَـنَـبَّـأَ سِـمْعـانُ الـشَّـيْخُ قـائِـلًا: «وأَنْـتِ أَيْـضًـا يَـجُـوزُ في نَـفْـسِـكِ سَـيْـفٌ» (لو 2: 35). هـذا الـسَّـيْـفُ صـارَ لَـهـا إِكْـلـيـلَ مَجْـدٍ في مَـلَـكُـوتِ ابْـنِهـا".

وتابع: "كـانَـتِ العَـذْراءُ، بِـشَـهـادَةِ الـكِـتـابِ الـمُـقَـدَّس، مُـمْـتَـلِـئَـةً نِـعْـمَـةً، وقَـدْ وَجَـدَتْ حُـظْـوَةً عِـنْـدَ الله (لـو 1: 28-30). إِمْـتِـلاؤُهـا نِـعْـمَـةً لَـمْ يَـكُـنْ حَـدَثًـا عـابِـرًا، بَـلْ مَـسِـيـرَةٌ دائِـمَـةٌ مِـنَ الـطَّـاعَـةِ الـكـامِـلَـةِ لِـلـمَـشِـيـئَـةِ الإِلَـهِـيَّـة. يَـقـولُ الـقِـدِّيـسُ إيـريـنـاوس إِنَّـهـا «حَـلَّـتْ عُـقْـدَةَ عِـصْـيـانِ حَـوَّاء بِـطـاعَـتِـهـا»، وهَـكَـذا، كَـمـا دَخَـلَ الـمَـوْتُ إلى العـالَـمِ بِعِـصْـيانِ حَـوَّاءَ الأُولى، دَخَـلَـتِ الحَـياةُ بِـطـاعَـةِ حَـوَّاءَ الـثَّـانِـيَـة. لِـذَلِـكَ، لَـمْ يَـكُـنْ مُـمْـكِـنًـا أَنْ يَـبْـقَـى الـجَـسَـدُ الَّـذي صارَ هَـيْـكَـلًا للهِ أَسِـيـرَ الـفَـسـادِ، بَلْ كانَ لائِـقًـا أَنْ يُـكَـرِّمَـهـا ابْـنُهـا بِـنَـقْـلِهـا إلى الحَـيـاةِ الأَبَـدِيَّـة. يُـعَـلِّـمُـنـا الـقِـدِّيـسُ يُـوحَـنّـا الـدِّمَـشْـقِـيُّ أَنَّ «الَّـذي حَـفِـظَـهـا عَـذْراءَ في وِلادَتِـهـا، حَـفِـظَ جَـسَـدَهـا مِنْ الـفَـسـادِ بَعْـدَ مَـوْتِهـا ، وأَكْـرَمَهُ بِـالإنْـتِـقـالِ إلى الـنُّـورِ الإِلَهِـيّ». هَـذا لَـيْـسَ فِـكْـرَةً لاهُـوتِـيَّـةً جَـمِـيـلَـةً، بَـلْ إِعـلانٌ عَـنْ مَـصِـيـرِ كُلِّ مُـؤْمِـنٍ يَـثْـبُـتُ في الـمَـسـيح، لأَنَّ ما حَـدَثَ لِلـعَـذراءِ مَـرْيَـمَ هُـوَ صُـورَةٌ مُـسْـبَـقَـةٌ لِـمـا سَـيَـنـالُـهُ كُـلُّ مَـنْ يُحِـبُّ الـرَّبَّ ويَحْـفَـظُ وَصايـاه. فَـقَـد أصْـبَـحَـتْ الجِـسْـرَ الَّـذي مِـنْ خِلالِـهِ جاءَ اللهُ إلى الـبَـشَـرِ والـبابَ الَّـذي عَـبَـرَ مِـنْهُ الـبَـشَـرُ إلى الله. الـرُّقـادُ الَّـذي نَحْـتَـفِـلُ بِـهِ الـيَـوْمَ لَـيْـسَ مَـوْتًـا يَـبْـتَـلِـعُ الحَـياة، بَـلِ انْـتِـقـالٌ نَحْـوَ الحَياةِ الَّـتي لا تَـزول. الـعَـذْراءُ لَـمْ تَعْـرِفِ الـمَـوْتَ كَـقَـصاصٍ لِـلـخَـطِـيـئَـة، لأَنَّهـا وإِنْ كـانَـتْ إِنْـسانَـةً مِـثْـلَـنـا، إلاّ أنّهـا تَـنَـقَّـتْ بِـكُـلِّـيَّـتِـهـا بِـفِـعْـلِ الـنِّعْـمَة، فَعَـرَفَـتِ الـمَوْتَ كَعُـبورٍ، كَما عَـبَـرَ ابْـنُها قَـبْلاً، لِـتَـدْخُـلَ مَعَـهُ في الـمَجْـد. لافِـتٌ أَنَّ الـتَّـقـلـيـدَ يُخْـبِـرُنـا أَنَّ الـرُّسُـلَ الذين كانوا مُـوَزَّعِـيـنَ فـي أَقْـطـارِ الأَرْضِ اجْـتَـمَـعـوا بِـأُعْـجُـوبَـةٍ في أُورَشَـلِـيـمَ لِـيَـشْـهَـدُوا انْـتِـقـالَـهـا. كانَ هَـذا، بِحَـسَـبِ الـقِـدِّيـسِ أَنْـدَراوسَ الكـرِيـتيِّ، «إِشـارَةً إلى أَنَّ مَـرْيَـمَ هِـيَ أُمُّ الـكَـنِـيـسَةِ الجامِعَـةِ، وأَنَّ رُقـادَهـا هُـوَ حَـدَثٌ يَخُـصُّ جَـسَـدَ الـمَـسِـيحِ كُـلَّـه». فَـكَـمـا كـانَـتْ حَـيـاتُهـا على الأَرْضِ في قَـلْـبِ الـكَـنِـيـسَةِ الأُولى، كَـذَلِـكَ صـارَتْ حَـيـاتُـهـا الـمُـمَجَّـدَةُ فـي الـسَّـماءِ ضَمانَةً وحِمـايَةً لِـلـكَـنِـيـسَةِ في كُـلِّ زَمانٍ".

واضاف: "نَجِـدُ في هَـذا الـعِـيـدِ دَعْـوَةً واضِحَةً لِـلعَـيْـشِ في انْـتِـظـارِ رُقـادِنـا، لا كَـأَمْـرٍ نَخافُـهُ، بَـلْ كَـمَـوْعِـدِ لِـقـاءٍ مَعَ الـرَّبّ. يَـقـولُ الـقِـدِّيـسُ أَثَـناسـيـوسُ الكَـبـيـرُ: «الـمَـسِـيحِيُّ لا يَـمُـوتُ، بَـلْ يَـنـامُ في الـرَّبِّ ويَـنْـتَـقِـلُ إِلَـيْـه». فَـكَـمـا عَـبَـرَتْ والِـدَةُ الإِلَـهِ، مِـثـالُ الـنَّـقـاوَةِ والـطَّـاعَـةِ، مِـنْ هَـذا العـالَـم، نَحْـنُ أَيْـضًـا مَـدْعُـوُّونَ لِـنَـتَـهَـيَّـأَ لِـذَلِـكَ الـعُـبورِ بِـتَـوْبَةٍ صادِقَـةٍ وإِيمانٍ عـامِـلٍ بِالـمَحَـبَّـة، وكُـلَّـمـا اقْـتَـرَبْـنـا مِـنْهـا بالصَّلاةِ، اقْـتَـرَبْـنـا مِـنِ ابْـنِهـا، لأَنَّها لا تَحْـتَـفِـظُ بِـشَـيْءٍ لِـنَـفْـسِهـا، بَـلْ تَـقُـودُ كُـلَّ مُـلْـتَـجِـئٍ إِلَـيْهـا نَحْـوَ الـمَـسـيح. إِنَّهـا لا تَـنْـسَـى أَوْلادَهـا الـمُجاهِـدِيـنَ عـلى الأَرْض، بَـلْ تَـظَـلُّ حـاضِـرَةً في حَـياتِـهِـم. ولَعَـلَّ أَبْهَـى ما نَـراهُ فـي أَيْـقُـونَةِ الـرُّقـادِ هُـوَ صُـورَةُ الـمَـسـيحِ حامِلًا بَـيْـنَ يَـدَيْـهِ نَـفْـسَ أُمِّـهِ على شَـكْـلِ طِـفْـلَـةٍ صَـغِـيـرَةٍ، كَـأَنَّـهـا تُـولَـدُ مِـنْ جَدِيـدٍ إلى الحَـياةِ الأَبَـدِيَّة. هَـذا يُـذَكِّـرُنا بِأَنَّ الـمَـوْتَ لَـيْـسَ الـنِّـهـايَةَ، بَـلْ بِـدايَةُ الـمِـيلادِ الـثَّـاني في الـسَّـماء، وهُـوَ أَيْـضًـا عَـلامَةُ رَجاءٍ لَـنـا بِأَنَّـنا سَـنَقِـفُ أَمامَ الـمَسـيحِ في ذَلِـكَ الـيَـوْم، إِذا ثَـبَـتْـنـا في الإِيـمانِ، لِـيَحْـمِـلَـنـا إلى مَـلَـكُـوتِـهِ كَـمـا حَـمَـلَ أُمَّـهُ".

وختم عوده: "إذًا، فـي رُقـادِ الـعَــذراءِ لا نَحْـزَنُ كَـمَـنْ لا رَجـاءَ لَـهُـمْ، بَـلْ نَـفْـرَحُ لأَنَّـنـا نَـرى فـي مَـصِـيـرهـا مَـصِـيـرَنـا نَـحْـنُ إِنْ سِـرْنـا فـي طَـرِيـقِ الـرَّبّ. بِهَـذا الـرَّجـاءِ نَحْـيـا، إلى أَنْ نَـبْـلُـغَ ذاكَ الـفَـرَحَ الأَبَـدِيَّ حَـيْـثُ لا مَـوْتَ ولا حُـزْنَ ولا تَـنَـهُّـد، بَـلْ حَـيـاةٌ لا تَـزُولُ، آمـيـن.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك