يستحوذ ملف التجديد لقوات "اليونيفيل" العاملة في جنوبي على اهتمام دولي، حيث تتواصل الاجتماعات والاتصالات داخل مجلس الأمن، وقد بات معروفًا، أن التجديد لـ "اليونيفيل" سيكون مشروطًا بعدم التمديد لها في العام 2026.
ونقلت "الديار" عن مصادر ديبلوماسية قولها إن مسألة التمديد للقوات الدولية باتت شبه محسومة، بعدما تم ادخال فِقرة جديدة الى القرار المقتضب الذي سيصدر تضمنت الاشارة الى «التمديد مرة اخيرة لمدة سنة، الا في حال فرضت الضرورة غير ذلك»، وفقا للمسوّدة غير الرسمية التي تبلغها الجانب اللبناني، وتابعت المصادر بان قائد قوات اليونيفيل، أدّى دوراً اساسياً في هذا الخصوص.
ونقلت مراسلة "النهار" في باريس رندة تقي الدين عن مصدر ديبلوماسي دولي، أن ما يجري الآن من تفاوض بين أعضاء مجلس الأمن حول التجديد لقوة اليونيفيل هو حول مدة بقائها حصراً.
وكانت
الأمم المتحدة نصحت الرئيس اللبناني جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام بتوجيه رسالة إلى مجلس الامن للتعبير عن إرادة البلد ببقاء قوة اليونيفيل في الجنوب، ورسالة
لبنان من دون شك مفيدة لأن أحداً ليس بأمكانه استبدال مهمة لبنان بالنسبة للإصرار على بقاء القوة.
وقال المصدر إنه لا يعتقد أن سيناريو الفيتو الأميركي على التجديد هو الأكثر احتمالاً، لكنه قال "إنني لا استبعد شيئاً من هذا النوع"، خصوصاً وأن البعض في أميركا يستمعون لإسرائيل التي تريد سحب اليونيفيل، لكن توم برّاك يرى أن بقاء اليونيفيل مهم لمساعدة الجيش على القيام بمهمته حالياً، علماً أن غيره في الإدارة يرى أنه ينبغي إنهاء عمل اليونيفيل. أما باريس، فتعوّل على ثقل برّاك إلى جانب ترامب للتجديد لهذه القوة.
ووصف المصدر المفاوضات بين دول مجلس الامن بأنها صعبة، لكن باقي الأعضاء قالوا إنهم يلتزمون الإرادة
اللبنانية، من بينهم الصين والروس الذين يرون ضرورة بقائها، وكوريا والمجموعة العربية التي تقودها الجزائر أيضاً.
وأضاف المصدر أن مغادرة مفاجئة لقوة حفظ السلام الدولية من جنوب لبنان لن تحظى بقبول باقي أعضاء مجلس الأمن. وقال إن فرنسا تبذل جهوداً كبيرة لإقناع
الأميركيين والبريطانيين وإيطاليا، فيما باكستان والدنمارك لا تريان أي مشكلة في تأييد التجديد والأفارقة أيضاً.
كذلك، قال المصدر أن ما هو غير واضح بالنسبة للموقف الأميركي إزاء اليونيفيل انهم إذا قرروا التجديد لليونيفيل لسنة واحدة فقط، ماذا يعني ذلك عملياً؟ فإذا كانت مهلة سنة لنهاية عمل اليونيفيل في لبنان معنى ذلك أن تاريخ بداية انسحابها يكون قبل سنة.
وأوضح المصدر أن نتائج المفاوضات في مجلس الأمن لم تظهر بعد لأنها ما زالت جارية وهي صعبة. وعلمت "النهار" أن دولاً صديقة فاعلة في مجلس الأمن اتصلت بالسفير اللبناني الجديد ناصحة إياه بالتعبئة من أجل بقاء القوة وأملت بأن تتجاوب الإدارة الأميركية مع المطلب اللبناني وألا ترضخ للموقف
الإسرائيلي.
وكان رئيس الجمهورية جوزاف عون اكد لسفير بريطانيا هاميش كاول أن "لبنان يتمسك بوجود "اليونيفيل" ويولي أهمية كبرى لدعم بريطانيا في التمديد لمهمتها حتى استكمال تنفيذ الـ1701 وانتشار الجيش على كامل الحدود".
وأكد قائد قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) في جنوب لبنان اللواء ديوداتو أبانيارا أن "مهمتنا الاساسية ترتكز على مساندة الجيش لتمكينه من بسط سلطته وتحقيق الأمن والأمان وحماية الجنوبيين".
كلام أبانيارا جاء خلال زيارته محافظ الجنوب منصور ضو، في مكتبه في سرايا صيدا، في لقاء بروتوكولي هو الأول بعد تسلمه مهامه لقيادة اليونيفيل حيث أكد "وجوده للعمل على تدعيم أسس السلام والاستقرار في جنوب لبنان"، وقال: "أشكر السلطات المحلية الجنوبية لتعاونها وللدعم الذي تقدّمه في سبيل تأدية دورنا كما يجب، لذلك علينا جميعاً القيام بمهامنا كفريق لتحقيق الهدف الأساس ألا وهو استتباب الأمن والاستقرار في الجنوب".
ورداً على سؤال عن أولويات اليونيفيل في المرحلة المقبلة بعد التمديد، قال: "كلنا يعلم أن مجلس الأمن يجري الكثير من الاستشارات لاتخاذ القرار المتعلق بالتجديد لقواتنا.. إن مهمتنا واضحة والتي تقوم على تسجيل وتوثيق كل الانتهاكات وتطبيق قرار الأمم المتحدة 1701".
وكتب جيرار ديب في "اللواء": دخل موضوع التجديد للقوات الدولية في لبنان «بازار» الجدلية بين الفرنسي والإسرائيلي المدعوم أميركياً. إذ تحتاج فرنسا الى عمل هذه القوات لإرساء الاستقرار والمساهمة في دور القوة الأمنية اللبنانية في بسط سلطتها في جنوب لبنان، ليس من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين، بل من أجل ضمان عمل شركاتها في لبنان، تحديداً شركة توتال
الفرنسية التي استحوذت على مناقصة من وزارة الطاقة اللبنانية للتنقيب واستخراج النفط والغاز من البلوك رقم 9 على الحدود اللبنانية -
الفلسطينية المحتلة.
أمام الحاجة الفرنسية إلى التمديد وبسط السلطة اللبنانية سيادتها على كافة الأراضي مع دعم قرار الحكومة اللبنانية الصادر في 5 و 7 آب الجاري في شأن حصرية السلاح، يجد الإسرائيلي أن عدم وجود قوات يونيفيل على الحدود المشركة مع لبنان، يعطي جيشه حرية التحرك والانتشار، خصوصاً بعدما اتهم في حرب الـ66 يوم التي خاضها مع
حزب الله، أن هذه القوات شاركت في عرقلة عملية الانتشار لهذا تعمّد الجيش الإسرائيلي في أكثر من مرة إلى قصف المواقف لليونيفيل بهدف الترهيب والترحيل.
لم تتوقف الاتهامات
الإسرائيلية بحق القوات العاملة الدولية في الجنوب بالعرقلة، بل أيضا غضت النظر في أكثر من مرة عن تحركات الحزب وتوسيع انتشاره. إذ بحسب التقارير العسكرية ابان الحرب، استهدفت
إسرائيل مواقع لحزب الله متلاصقة للمواقع لقوات اليونيفيل.
رغم استبعاد الموافقة الأميركية على التمديد، لكن هذا الموقف قابل للتغيير في حال تمكّنت الحكومة اللبنانية من الانتقال من مرحلة القرار إلى مرحلة التنفيذ في شأن حصرية السلاح ووضع المؤسسة العسكرية جدولا زمنيا لسحب السلاح والانتشار العملاني في كافة المناطق اللبنانية تحديداً الجنوبية. تحتاج واشنطن إلى آلية جديّة لإرساء الهدوء والاستقرار على الجبهة الجنوبية، لهذا ترى إدارة ترامب من رابط مباشر بين الموافقة على التجديد وبين المساعدة التي من الممكن أن تقدمها هذه القوات في ضبط تحركات الحزب لمنع إعادة ترتيب أوراقه.