Advertisement

لبنان

"عمل عن بُعد ولكن لدولٍ متخاصمة"... لبنانيون يتحدون العقوبات

جاد حكيم - Jad Hakim

|
Lebanon 24
23-08-2025 | 02:30
A-
A+
Doc-P-1408031-638915366215755301.webp
Doc-P-1408031-638915366215755301.webp photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
يتّسع في الأشهر الأخيرة نطاق اللبنانيين العاملين عن بُعد لشركات أوروبية أو آسيوية، تخضع لعقوبات، من دون انتقال جسدي ومن دون عقود عمل تقليدية. الحركة يقودها عرضٌ متزايد من وظائف في مجال التقنيات والترجمة والتصميم تبحث عن كفاءات بكلفة معقولة وسرعة تسليم، ويقابلها جانب لبناني مستعد للتوقيع فورًا في مقابل دخل بالدولار يُسدَّد على دفعات منتظمة. الظاهرة لم تعد معزولة؛ منصّات التوظيف ومجموعات التواصل المحلية تسجّل يوميًا طلبات لمطوّرين ومترجمين ومحرّري محتوى باللغتين العربية والإنكليزية، مع اشتراط العمل الحر و"التسليم عن بُعد". 
Advertisement

طريقة التعاقد تبدو بسيطة للوهلة الاولى، ولكن معقّدة في التفاصيل. معظم الشركات لا توقّع من عنوانها الأصلي بل عبر كيان وسيط في دولة ثالثة، فيُرسل العقد الإلكتروني بنطاق عمل محدّد وساعات تقديرية وأجر بالدولار، على أن يجري الدفع كل أسبوعين أو شهريًا. جزء من المدفوعات يصل عبر محافظ رقمية بعملة مستقِرّة مثل USDT ثم يُصرف محليًا عبر وسطاء، وجزء آخر يمرّ من شركات دفع معتمدة. هذا المسار يقلّل الاحتكاك مع الأنظمة المصرفية التقليدية ويُسرّع التصفية، لكنه يضع عبء التدقيق القانوني كاملًا على العامل الفرد.
 
على خط المخاطر، تبرز العقوبات بوصفها العنوان الأوضح. العمل لشركة مسجّلة في روسيا أو لإحدى الشركات الإيرانية غير المصرفية مثلا، لا يعني تلقائيًا مخالفة، لكن أي ارتباط غير مباشر بكيان مُدرَج على لوائح أميركية أو أوروبية يمكن أن يجرّ متاعب حقيقية، من إقفال حساب مصرفي إلى منع تحويلات لاحقة. محامون مختصون بالامتثال يؤكدون لـ"لبنان24" أن المشكِلة لا تقع فقط عند التعامل مع جهة حكومية أو مصرف معاقَب، بل قد تظهر أيضًا حين يكون "العميل النهائي" للمشروع جهة ذات استخدام مزدوج أو طرفًا مدرجًا لا يَظهر في العقد الأساسي. لذلك بات بعض المترجمين والمطوّرين يطلبون تعهّدًا خطيًا من الشركة بأنّها غير مدرَجة وأن المشروع لا يطال قطاعات محظورة.
 
 في الميدان المصرفي، الحذر ظاهر.

المصارف المحلية تتعامل بصرامة مع أي إيداع غير موثّق المصدر، وتطلب عقودًا وفواتير ورسائل بريدية تُثبت طبيعة الخدمة. عاملون عن بُعد يروون أن "سمعة الحساب" أصبحت رأسمالًا بحدّ ذاته: وثائق مرتّبة، قصّة عمل متسقة، ومبالغ لا تدخل فجأة بكميات كبيرة. من دون ذلك، يتعذّر على صاحب الحساب إجراء عمليات لاحقة أو فتح اعتماد صغير، حتى لو كانت الأموال "نظيفة" بالمعنى المهني.
 
الشقّ الضريبي حاضر أيضًا. الدخل الناتج عن خدمات تُقدَّم من لبنان يُعدّ خاضعًا للتكليف ولو كان الدافع شركة أجنبية. مستشارون ضريبيون يلفتون إلى أن التصريح السنوي وفوترة المشروع باسم فردي أو شركة ناشئة صغيرة يوفّران مظلة قانونية تُبعد الاشتباه وتسهّل لاحقًا شراء أصل كبير أو تسوية تعاملات خارجية. الامتناع عن التصريح قد يبدو خيارًا سريعًا، لكنه يصبح مكلفًا عند أول تدقيق أو محاولة توسيع النشاط.
 
البُعد الأمني الرقمي لا يقل أهمية. العمل لجهات متخاصمة يرفع احتمالات التصيّد والاختراق وتنازع الملكية الفكرية. عاملون محترفون باتوا يفصلون حسابات المشاريع الحسّاسة عن حساباتهم الشخصية، ويضعون شروط وصول دقيقة لمستودعات الشيفرات، ويتجنّبون خلط محافظ العملات الرقمية مع أجهزة العمل المشتركة. هذه الاحتياطات لا تمنع التعاقد، لكنها تقلّل كلفة أي حادثة محتملة.
 
في المحصلة، يوفّر "العمل عن بُعد لدول متخاصمة" منفذًا واسعًا للدخل بالدولار لمئات الكفاءات اللبنانية، لكنه يجرّ خلفه أسئلة قانونية ومصرفية لا يمكن تجاهلها. المعادلة الواقعية تتلخّص بوضوح: السرعة التي تمنحها قنوات الدفع البديلة لا تعفي من التدقيق في هوية العميل، والدولار الذي يصل بسرعة لا يصبح "نظيفًا" إلا بوثيقة، وعقد، ومسار يمكن شرحه عند الحاجة. بين الحاجة الاقتصادية والخرائط السياسية المعقّدة، يختبر اللبنانيون يوميًا قدرة المهنة على العبور الآمن من شاشة بيروت إلى أسواق متخاصمة… من دون أن تعلق في شبكة العقوبات أو في باب مصرف مغلق.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

جاد حكيم - Jad Hakim