Advertisement

لبنان

ضغوط بلا حدود.. واشنطن ترفع سقف مطالبها

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
27-08-2025 | 03:00
A-
A+
Doc-P-1409521-638918840910752813.jpg
Doc-P-1409521-638918840910752813.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
حملت زيارة الوفد الأميركي إلى بيروت، برئاسة توم براك ومورغان أورتاغوس، أبعاداً سياسية، إذ توحي بأنها ربما تكون آخر جولات الدبلوماسية التقليدية التي اعتمدتها واشنطن في التعامل مع لبنان خلال السنوات الماضية. فالوفد لم يحقق خرقاً يذكر على مستوى الملفات الأساسية، لكنه أطلق مواقف وإشارات تفتح الباب أمام مرحلة جديدة في العلاقة الأميركية – اللبنانية، وربما في مقاربة ملف الصراع مع إسرائيل. لم يبلغ براك رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام جواب إسرائيل على الورقة الأميركية، بل كان صريحا حين أعلن الجيش قادر تنفيذ خطة سحب سلاح حزب الله وإذا كان غير قادر على ذلك فإن إسرائيل جاهزة لمساعدته في القضاء على سلاح حزب الله.
Advertisement

أبرز ما لفت الانتباه كان كلام براك من بعبدا، حين اعتبر أن يجب ان تكون هناك مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة معها وإنهاء حالة الحرب أو التطبيع، فقال براك"أنتم لم تتحدثوا مع إسرائيل منذ العام 1949، وهذا جنون ولن ادخل في واقع انه في نهاية المطاف سيكون عليكم التحدث مع إسرائيل إن كان حول مفاوضات او التطبيع او إتفاقية سلام. ولكن هذه هي الطريق للوصول الى الإزدهار والسلام في المنطقة: ان يتحدث الجميع مع بعضهم البعض، وان تختفي اميركا من هذه الساحة". هذا الموقف يعكس قناعة أميركية، بحسب مصادر أميركية بأن المساعي الدبلوماسية التقليدية وصلت إلى طريق مسدود، وأن المرحلة المقبلة قد تشهد ضغوطاً أكبر لدفع بيروت نحو مسار تفاوضي شبيه بالتجربة التي عرفتها بعض الدول العربية. ورغم أن الطرح ما زال في بداياته، إلا أن مجرّد وضعه علناً يعكس تبدلاً في أولويات واشنطن حيال لبنان.

وليس بعيداً قدم السيناتور ليندسي غراهام موقفاً لا يقل أهمية، إذ شدد على أن اهتمام الولايات المتحدة بلبنان ليس مرتبطاً بالغاز أو النفط، بل بتنوعه ووجوده المسيحي. هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها هذا البعد بشكل صريح ومباشر. غير أن غراهام أوضح أن أي دعم مالي للبنان، وخصوصا للجيش، لن يصرف قبل معالجة ملف سلاح حزب الله، بل ذهب أبعد من ذلك حين أشار إلى أن واشنطن ستتوقف عن تقديم مساعدات مالية للجيش، تاركة المجال أمام دعم عربي، ولا سيما سعودي، شرط أن يترافق مع خطوات ملموسة في موضوع السلاح.

المفارقة، وفق قراءة المصادر الأميركية، أن واشنطن تصر علنا على أن مسألة السلاح شأن داخلي يقرره اللبنانيون، لكنها في الوقت ذاته تدرك أن القرار النهائي ليس بيد الحزب وحده، بل بيد طهران. ورغم تأكيد الأميركيين أنهم لا يمارسون ضغوطا مباشرة على أحد داخل لبنان، إلا أن الجميع يدرك أن سلاح حزب الله ليس قراراً لبنانياً بل قرار إيراني صرف. وكشف براك من بعبدا عن وجود اتصالات مع إيران تتعلق بملف السلاح. وهذا يكشف تناقضا في الموقف الأميركي، فبينما تعتبر واشنطن الحزب مجرد ذراع إيرانية، تبدو عاجزة عن ممارسة ضغط مباشر على طهران، وتحمّل بدلًا من ذلك الدولة اللبنانية والحكومة مسؤولية ملف يتجاوز قدرتهما.

أما في ما يخص القوات الدولية في الجنوب، فقد لمح براك إلى أن ولاية اليونيفيل قد لا تمدد بعد سنة، وأن الدعم الأميركي لها سيتوقف. خطوة كهذه ستفتح الباب، بحسب المصادر، أمام فراغ أمني في الجنوب، بما يسهل لإسرائيل إعادة رسم قواعد اللعبة الميدانية. ولا يمكن فصل هذا التطور عن الحوادث التي استهدفت دوريات اليونيفيل في الأشهر الماضية، والتي نسبت إلى عناصر محسوبة على الحزب، ما سهل اتخاذ قرار أميركي بالتخلي عن التجديد للقوات.

يغادر الوفد الأميركي من دون تحقيق اختراق والارجح انه لن يعود قبل نهاية الشهر المقبل، ليبقى الرهان على انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول. فهناك سيتحدد حجم الاهتمام العالمي بالملف اللبناني مقارنة بالملف السوري، الذي يبدو أنه يتصدر الأولويات الأميركية. والحديث المتزايد عن احتمال حصول اتفاق أمني سوري – إسرائيلي، أو لقاء رفيع المستوى بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، يشي بأن لبنان قد يهمش في ضوء التحولات الإقليمية.

ويبقى أن لبنان يعيش تحت ضغط مالي وسياسي خانق، من دون أي ضمانة بأن هذه الضغوط ستفضي إلى نتيجة ما لم يفتح خط تواصل أميركي – إيراني مباشر. والسؤال الكبير هو هل تشهد نيويورك في أيلول المقبل لقاءً أميركياً – إيرانياً بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف يعيد خلط الأوراق ويمنح لبنان هامش تنفّس؟ أم أن المشهد اللبناني سيظل رهينة الاشتباك الأميركي – الإيراني، بانتظار تسويات إقليمية أكبر؟

حتى ذلك الحين، ستبقى إسرائيل متمسكة بالنقاط الخمس المتنازع عليها، فيما يواجه لبنان خطر الدخول في مرحلة جديدة من العزلة، حيث لا وجود لدعم دولي فاعل، ولا تسوية داخلية.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

هتاف دهام - Hitaf Daham