نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقريراً جديداً قالت فيه إن إسرائيل ما زالت عالقة في الوحل منذ بدء حرب غزة قبل نحو عامين، وتحديداً يوم 7 تشرين الأول 2023.
وفي التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24"، قالت الصحيفة إنّه "لدراسة الخطوات التالية في غزة، من المناسب أولاً التطرق إلى الجبهات الأخرى التي تواجهها إسرائيل"، وأضافت: "في
الشمال، شُنّت حرب على
حزب الله ، الذي انضم إلى الحرب التي شنّتها حركة حماس في تشرين الأول 2023. لم يكن هدف الحرب الإسرائيلية تدمير حزب الله، بل كان الهدف المحدود هو العودة الآمنة لسكان الشمال إلى ديارهم. في هذه الحرب، تلقّى حزب الله ضربةً قاسية، لكن لم يُحقّق نصرٌ كامل، فحزب الله لا يزال قائماً رغم ضعفه".
وأقر التقرير بأن "إسرائيل لا تستطيع تدمير حزب الله؛ فسيكون ذلك إهداراً للقوة، وستتكبّد تل أبيب أضرارًا جسيمة إذا حاولت ذلك. الخطوة التالية الآن سياسية. في
لبنان، هناك قوى تُعارض حزب الله، وتُحاربه، وتدعمها
الولايات المتحدة".
وتابع: "كانت
سوريا في يوم من الأيام خصماً خطيراً لإسرائيل. ولكن في عام 2011، اندلعت حرب أهلية في سوريا، ولم يكن لهذا أي علاقة بإسرائيل. لقد دمرت هذه الحرب سوريا، وقُتل مئات الآلاف، وغادر ملايين اللاجئين البلاد. نجا نظام بشار الأسد مؤقتاً بفضل الدعم الروسي والإيراني، وأيضاً بفضل مساعدة حزب الله. فعلياً كان هذا تطوراً متناقضاً، فعندما كانت سوريا في أوج قوتها، كانت تسيطر على لبنان، لكنها باتت بحاجة إلى مساعدة حزب الله".
وأضاف: "في أواخر العام الماضي، انهار نظام الأسد، فهرب إلى
روسيا. سوريا في حالة من الفوضى، ويحكم دمشق حالياً أحمد الشرع. هنا أيضًا، من الواضح أن استمرار الصراع يجب أن يكون سياسياً، بهدف التوصل إلى اتفاق مع الحكومة
السورية يضمن، قدر الإمكان، السلام على الحدود وحماية الدروز".
وأكمل: "مؤخراً، اندلع قتال مباشر بين إسرائيل وإيران. في هذه المواجهة، حققت إسرائيل إنجازات هائلة، لكننا تلقينا ضربات موجعة من جانبهم. دُمّر مستشفى سوروكا ومصافي النفط في حيفا، ولحقت أضرار جسيمة بمعهد وايزمان، ودُمّرت مئات الشقق، وشُرّد آلاف الأشخاص. لحسن حظنا، أمر الرئيس الأميركي
دونالد ترامب بإنهاء هذه الحرب بعد 12 يوماً.. هذا الأمر جنّبنا حرب استنزاف، كانت ستُلحق بإيران دماراً كبيراً، لكن إسرائيل ستتلقى ضربات كبيرة".
وقال: "انتهت هذه الحرب أيضًا دون نصرٍ كامل. لم تستسلم إيران، ولا تزال تُخصّب اليورانيوم، وليس من المؤكد أنها تخلّت عن حلمها النووي، وتواصل التخطيط وإنتاج الصواريخ. لكن الخطوة التالية ضدها هي الدبلوماسية. دعونا نأمل في تحقيق نتائج مُرضية، لكن هذا ليس مؤكداً".
وأضاف: "للحرب في غزة طابع مختلف. إنها الحرب الوحيدة المستمرة منذ نحو عامين دون أي جانب سياسي. في الواقع، كانت غزة دولةً تسيطر عليها حركة حماس. لقد سمحت إسرائيل، بقيادة بنيامين نتنياهو، لهذه الحركة بالنمو والازدهار وتعزيز قوتها. لقد دفعنا الثمن في السابع من تشرين الأول، وما زلنا ندفعه. في المقابل، فقد دفعت حماس ثمنًا باهظًا في الحرب المُشنَّة عليها، كما دفع سكان قطاع غزة ثمناً باهظاً، لكن النصر الكامل ليس في الأفق (كما لم يكن في الجبهات الأخرى). إسرائيل، دفعت ولا تزال تدفع ثمناً باهظًا في هذه الحرب من قتلى وجرحى وخطف، وتدمير كامل لوضعها السياسي. السؤال هو: ما الذي تسبب في هذه النتائج السيئة في غزة؟ وما الذي لا يزال بالإمكان فعله؟".
وأكمل: "تُظهر المقارنة مع الجبهات الأخرى، أولًا وقبل كل شيء، أن الحرب في غزة تُشنّ على المستوى العسكري فقط، دون أي جانب سياسي. الصراع هناك عسكري، ومن ظنّ أن حماس يمكن
القضاء عليها بالوسائل العسكرية وحدها، فهو مخطئ تماماً. القضاء على حماس تماماً أمرٌ مستحيل، تماماً كما لا يمكن القضاء على حزب الله. كان الهدف هو حرمان حماس من قوتها، مع إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بقدراتها العسكرية، إلا أن استراتيجية الحرب التي انتهجتها حكومة 7 تشرين الأول الفاشلة لم تحقق هذه النتيجة. ولتحقيق ذلك، كان لا بد من الجانب السياسي أولًا، أي بناء نظام حكم بديل لحماس".
وأضاف: "لم يحدث هذا، كما لم تحاول الحكومة الإسرائيلية وضع أي آلية للتعامل مع سكان غزة، الذين تعتبرهم حماس دروعاً بشرية، وترى إسرائيل فيهم مصدر إزعاج. خلال الحرب، اكتفت إسرائيل بشن غارات على الأراضي التي تسيطر عليها حماس، وضرب عناصر التنظيم في طريقها. بعد انتهاء الغارات، عاد الجيش
الإسرائيلي إلى مواقعه، وتعافت حماس أيضاً. الآن، بعد عامين من القتال، تذكرت الحكومة فشلها في استبدال استراتيجية الغارات باستراتيجية الاستيلاء على الأراضي. لكن من بين عيوب هذه الحكومة أيضاً قصور في إدراك الوقت وفهم معناه. ما كان يمكن فعله قبل عامين لم يعد ممكناً اليوم، والوضع السياسي
في إسرائيل على شفا كارثة، بعد أن تكبدنا خسائر فادحة في القتلى والجرحى، وبعد أن قاتلت قوات الاحتياط لأشهر طويلة، بعضها لأكثر من عام".
وقال: "الفكرة المطروحة حالياً في إسرائيل هي إخلاء سكان غزة، واحتلال المدينة، وتدمير عناصر حماس وبنيتها التحتية. يمكننا توقع ما ستفعله حماس، ومن المفترض أن جزءاً كبيراً من عناصر الحركة سيُخلون أيضاً مع السكان. سيبقى جزء فقط من القوة في غزة، والتي ستشن حرب عصابات ضدنا. في جنوب القطاع، سيتمركز أكثر من مليون نسمة، بينهم آلاف من عناصر حماس متنكرين بزي مدني. من الممكن تقدير تأثير الصور التي ستُنشر عالمياً لهذا التمركز السكاني على إسرائيل. علاوة على ذلك، حتى لو افترضنا أن إسرائيل أنشأت عدداً كافياً من مراكز توزيع الغذاء.. فمن سيضمن ألا يصل الطعام إلى أعضاء أعضاء حماس ويأخذ هؤلاء ما يستطيعون؟ بشكل عام، من سيدير المخيمات؟ من سيهتم بالنظافة، ومكافحة الجريمة، والخدمات الصحية (ناهيك عن التعليم، الذي لم يعد موجوداً على الإطلاق)؟ في غياب حكومة أخرى، يُفترض أن حماس ستستمر في الاهتمام بكل هذه الأمور، وإن كان ذلك جزئياً بسبب ضعفها، لكنها ستظل حماس".
وختم: "خلاصة القول هي أننا يجب أن نسعى جاهدين لتقليل الأضرار، وهذا يعني التوصل إلى أفضل اتفاق ممكن لإعادة الرهائن، وإنهاء الحرب، واستخدام الوسائل الدبلوماسية لمنع حماس من حكم قطاع غزة، وتشكيل حكومة بديلة.على سبيل المثال، من الممكن التأثير على حقيقة أن إعادة إعمار قطاع غزة لن تتم طالما أنَّ لحماس حصة في الحكومة. بشكل عام، ينبغي أن تكون إعادة الإعمار مشروطة بوجود حكومة في قطاع غزة تُعارض الإرهاب، وتُثقف ضده، ومستعدة للعيش بسلام مع إسرائيل. في الوقت نفسه، يجب أن نعمل
على استعادة مكانة إسرائيل السياسية قبل فوات الأوان"، على حد وصف التقرير.