أمام معركة السرطان القاسية التي يخوضها العديد من الأطفال في
لبنان، يختار البعض أن يحارب على طريقته الخاصة. منهم من يرفع صوته نحو السماء، ومنهم من يحاول طلب المساعدة من أي جهة كانت لتوفير العلاج، ومنهم من يقرر أن يقطع آلاف الكيلومترات على دراجة هوائية ليجمع التبرعات ويزرع الأمل في قلوب الصغار. هكذا ولدت مبادرة رياضيين لبنانيين قررا أن يحوّلا الرياضة إلى وسيلة حياة، عبر رحلة طويلة من
باريس إلى
بيروت دعماً لمركز سرطان الأطفال في لبنان.
"مرحباً، نحن رالف الخوري وكارلا جبور، دراج محترف وعداءة محترفة، نخوض مهمة لمكافحة مرض السرطان بالطريقة الوحيدة التي نعرفها: بالعمل والقلب وقوة الناس". هذه العبارة اختارها الرياضيات للإعلان عن مبادرتهما، حيث أوضحا أنه "في أيلول الجاري، سنقطع مسافة 5000 كيلومتر عبر الدراجة من باريس إلى بيروت لزيادة الوعي وجمع التبرعات للأطفال المصابين بالسرطان في لبنان.
وفي حين أشار كل من خوري وجبور إلى أنه لبنان أصبح بلداً بات فيه الحصول على العلاج شبه مستحيل بالنسبة للعديد من العائلات، قالا: "لسنا مدعومين من المؤسسات، بل أنتم تدعموننا".
هذه المبادرة الإنسانية، التي أُعلن عنها في مؤتمر صحافي عقدته وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع مركز سرطان الأطفال، تحوّل الرياضة إلى وسيلة تضامن ورسالة أمل. وفي التفاصيل، تنطلق المبادرة التي أطلقها الرياضيان رالف خوري وكارلا جبور في 21 أيلول الجاري من العاصمة
الفرنسية، تزامناً مع الشهر العالمي للتوعية على سرطان الأطفال، وتختتم في 22 تشرين الثاني في بيروت، على أن يعود ريعها بالكامل لدعم مهمة مركز سرطان الأطفال عبر التبرعات الإلكترونية.
وخلال المؤتمر الصحافي، شددت وزيرة الشباب والرياضة نورا بايراقداريان في كلمتها على أن الرياضة تتجاوز كونها منافسة، لتصبح "رسالة حياة وتضامن"، مؤكدة أن الأطفال المصابين بالسرطان هم "الأبطال الحقيقيون" الذين يستحقون كل أشكال الدعم. وأعلنت أن الوزارة تضع إمكاناتها في خدمة المبادرة، باعتبارها مثالاً على أن "التضامن يصنع الفرق ويضيء شمعة أمل في ظلمة المرض".
من جهته، أكد
وزير الصحة ركان ناصر الدين أهمية المبادرة، مشيداً بدور المركز في رعاية المرضى، ومعلناً بدء الوزارة بتغطية عمليات زرع نقي العظم إلى جانب توسيع دعم الأدوية.
أما وزيرة السياحة لورا لحود الخازن، فرأت أن المركز يشكّل "منارة أمل للأطفال وعائلاتهم"، معتبرة أن المبادرة تجسّد "قصة إنسانية نبيلة عنوانها الإرادة والتضامن".
في ظل تقاعس الدولة عن توفير متطلبات الحياة للمرضى في لبنان، لا سيما الصغار منهم، تثبت هكذا مبادرات أن الإرادة
اللبنانية الحقّة قادرة على إضفاء روح الأمل بشكل يوميّ في جميع زوايا حياة المواطنين، حتى ولو بدا هذا الأمر مستحيلاً في الكثير من الأحيان.