Advertisement

لبنان

قمة الدوحة رسمت خطوط المواجهة…والدولة اللبنانية أمام مسؤولية دقيقة

جاد الحاج - Jad El Hajj

|
Lebanon 24
16-09-2025 | 04:00
A-
A+
Doc-P-1417532-638936109769535000.webp
Doc-P-1417532-638936109769535000.webp photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لم تكن القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة مجرّد اجتماع استثنائي للتنديد باعتداء إسرائيلي جديد، بل بدت محاولة لإعادة صياغة موقف عربي جامع يضع حدّاً لمسار متسارع من الانتهاكات التي لم تعد محصورة بفلسطين وحدها. فالهجوم على قطر شكّل صدمة إضافية، دفعت العواصم العربية والإسلامية إلى اختبار جديّة تضامنها، وإلى السؤال عن مدى استعدادها للانتقال من لغة الخطاب إلى مسارٍ عمليّ يفرض وقائع جديدة.
Advertisement

وإذا كانت القمة قد شكّلت مناسبة لتظهير تضامن واسع، فإنّ المضمون الفعلي يكمن في القرارات التي دعت إلى مراجعة العلاقات مع إسرائيل واتخاذ تدابير عملية للحدّ من قدرتها على الاستمرار في عدوانها، وصولاً إلى مساءلتها أمام المحافل الدولية. غير أنّ هذا البُعد، على أهميته، يظلّ مقيّداً بالتجربة المريرة التي أثبتت أنّ الكثير من بيانات القمم ينتهي في أدراج الأمانة العامة من دون أن يغيّر في ميزان القوى. من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى متابعة حثيثة تضمن ترجمة الكلمات إلى سياسات واضحة.

في موازاة ذلك، تبيّن أنّ بعض الدول استثمرت المناسبة لتأكيد دورها القيادي عبر خطاب عقلاني ومسؤول، كما فعل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي تحدّث بوعيٍ كامل لطبيعة المخاطر المحدقة بلبنان تحديداً، رابطاً بين ما يجري في فلسطين المحتلة وما يمكن أن يطال الداخل اللبناني من تداعيات مباشرة.
وفي وقتٍ كان يُفترض أن يخرج لبنان الرسمي بموقف شرس يواجه الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة، اختزل الرئيس الموقف بسؤال موجّه إلى حكومة نتنياهو: هل تريدون سلاماً عادلاً؟!

المفارقة أنّ هذا الطرح يضع القرار في يد حكومة العدو، فيما كان يفترض صياغة موقف حاسم يفرض شروطه ويضع العالم كلّه أمام مسؤولياته. كما ان استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، كان يستدعي بطبيعة الحال موقفاً أشدّ وأوضح من جانب الدولة. ففي لحظة تُستباح فيها السيادة اللبنانية ويُستهدف الشعب بشكل مباشر، كان المطلوب، بحسب مصادر سياسية مطّلعة، خطاب سيادي واضح يواجه العدوان ويثبت موقع لبنان في معادلة الردع.

وتضيف المصادر، أنّ الإحالة الى مبادرة السلام العربية عام 2002، بعد أكثر من عقدين من الرفض العلني من قبل اسرائيل، بدت استعادة لورقة قديمة بدل البحث عن أدوات جديدة تضغط فعلياً على الاحتلال. وفي حين ذكّر الرئيس بـ"إعلان نيويورك" واعترافات دولية متزايدة بفلسطين، غاب عن خطابه أي إلزام عملي، سواء عبر تحرّك دبلوماسي منسّق أو عبر استراتيجية دفاعية تحفظ السيادة اللبنانية.

بهذا المعنى، ترى المصادر أن الخطاب كشف ثغرة جوهرية: غياب الرؤية الفعلية لما يريده لبنان الرسمي من المجتمع الدولي، والاكتفاء بلغة رمزية تُرضي المنبر من دون أن تحصّن الداخل أو ترسم خريطة طريق عملية.

في الخلاصة، القمة في الدوحة لم تكن مجرّد ردّ على اعتداء، بل محطة أظهرت حجم التباين في المواقف داخل المنطقة. وقد كان لافتاً وضوح أمير قطر حين حذّر من أنّ العدو يسعى إلى زجّ لبنان في أتون حرب أهلية، مستفيداً من الانقسام الداخلي. وهذا ما يضع الدولة اللبنانية أمام مسؤولية دقيقة تفرض مقاربة مختلفة؛ صياغة موقف رسمي متماسك يرفض أي محاولات ابتزاز، اعتماد استراتيجية دفاعية تحصّن السيادة، وإطلاق تحرّك دبلوماسي يواكب التضامن العربي ويترجمه خطوات عملية. والمطلوب اليوم ليس الاكتفاء بالبيانات، بل بناء رؤية وطنية واضحة تحمي لبنان من أن يتحوّل إلى ساحة مستباحة للصراعات الخارجية.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

جاد الحاج - Jad El Hajj