في تقرير له، اعتبر موقع "يونايتد برس إنترناشونال" أنّ الجيش اللبناني، الذي يعتبر أحد أكثر المؤسسات الموثوقة في البلاد، يواجه تحديات هائلة في تنفيذ مهمته الحساسة.
وقال الموقع:" لقد أوكلت إليه مهمة تأمين الاستقرار الوطني بعد الحرب من خلال السيطرة على مواقع
حزب الله وأسلحته لردع
إسرائيل، وتعزيز الحدود الشرقية مع
سوريا، ومكافحة الإرهاب والتهريب. وتزايد دوره بشكل كبير بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه
الولايات المتحدة وفرنسا، في 27 تشرين الثاني 2024، مما أنهى حربًا مدمرة استمرت 14 شهرًا بين إسرائيل وحزب الله. وكانت مهمة الجيش هي الانتشار في منطقة القتال في جنوب
لبنان بمجرد أن بدأت إسرائيل سحب قواتها في 18 شباط وفقا لمهلة وقف إطلاق النار الممتدة التي أقرتها واشنطن بناء على طلب إسرائيل. كما أعد خطة مرحلية لضمان احتكاره للأسلحة، وهو ما يعني نزع سلاح حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى، وهو شرط أميركي رئيسي للحصول على التمويل الدولي والخليجي العربي الذي تشتد الحاجة إليه لدعم إعادة إعمار لبنان وانتعاشه الاقتصادي".
أضاف الموقع:" ولكن الحرب لم تنته حقا، إذ واصلت إسرائيل غاراتها الجوية على المواقع التابعة لحزب الله في جنوب وشرق لبنان، ولم تنسحب إسرائيل بشكل كامل، بل احتفظت بخمسة مواقع استراتيجية في جنوب لبنان، وعرقلت انتشار الجيش وعودة السكان النازحين إلى قراهم، التي دمر معظمها بفعل الغارات الجوية والقصف
الإسرائيلي المكثف. ورغم نقص التمويل وافتقار الجيش إلى المعدات المتقدمة الضرورية، فقد أشاد مسؤولون لبنانيون وأجانب بالتقدم الناجح الذي أحرزه في الانتشار في جنوب لبنان، فضلاً عن انضباطه واحترافيته. والأمر الأكثر أهمية هو أن هذا القرار حاز على قلوب ودعم متزايد من الشعب اللبناني، الذي كان يتوق منذ فترة طويلة إلى سلطة الدولة بعد عقود من حكم الميليشيات، وسيطرة سوريا، وهيمنة حزب الله، مقتنعاً بأن الجيش والدولة القوية فقط هما القادران
على استعادة القانون والنظام والأمن. وفي الآونة الأخيرة، تم رفع لافتات كُتب عليها "نحن جميعا معك"، والتي تظهر جنديا لبنانيا والعلم الوطني، على طول الطريق إلى مطار
بيروت ــ وهي المنطقة التي هيمنت عليها منذ فترة طويلة صور حزب الله.
وحسب الموقع، يعكس هذا المشهد الجديد، الذي كان من غير المحتمل أن نشهده قبل بضعة أشهر فقط، الدعم الشعبي المتزايد للجيش باعتباره الحامي الموثوق للبلاد. وقال مصدر في الجيش لوكالة يونايتد برس إنترناشونال: "الشعب اللبناني، على عكس سنوات الحرب، بات يدرك الآن أنه لا حل ولا سلطة فوق الجيش والدولة".
تابع الموقع:" وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ارتفع الإنفاق العسكري لإسرائيل بنسبة 65% في عام 2024، ليصل إلى 46.5 مليار دولار، في حين زاد الإنفاق العسكري في لبنان بنسبة 58%، ليصل إلى 635 مليون دولار بعد عدة سنوات من خفض الإنفاق بسبب الأزمة الاقتصادية والاضطرابات السياسية. وقال مصدر عسكري: "إسرائيل متفوقة بكل ما تملكه من أسلحة، وتحظى بدعم الولايات المتحدة وأوروبا بأكملها. جيشنا ليس ضعيفًا. لدينا العزيمة والإرادة، لكننا نفتقر إلى المعدات ونواجه قيودًا كثيرة".
وأضاف المصدر الذي أوضح أن الجيش الذي يبلغ عدده 80 ألف جندي "يحتاج إلى مزيد من القوات وأسلحة أفضل"، أن التحدي الأكبر هو استمرار وجود الجيش الإسرائيلي في أجزاء من جنوب لبنان.
وأكد أن المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني تم تطهيرها من الأسلحة ومخازنها، من دون "أي مساعدة أو تدخل أو منع" من حزب الله. ومع ذلك، تستمر عمليات البحث في القرى عن المزيد من الأسلحة.
وأوضح المصدر أن الأسلحة والذخائر التي ضبطها الجيش يتم مصادرتها أو إتلافها إذا تبين أنها معيبة أو غير صالحة للاستخدام.
أضاف الموقع:" يعتمد الجيش اللبناني بشكل كبير على المساعدات الخارجية والتمويل الدولي لمواصلة عملياته نظرًا لمحدودية الموارد المحلية والتحديات الاقتصادية المستمرة. ويشمل هذا الدعم التدريب العسكري والمعدات والمساعدات اللوجستية والمالية، ويأتي معظمها من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية والخليجية. في ذروة الانهيار المالي في لبنان عام 2019، انخفضت رواتب الجنود الشهرية إلى 50 دولارا، مما دفع قطر إلى تقديم الدعم المالي، والمملكة العربية
السعودية إلى تقديم المساعدات الإنسانية، وفرنسا إلى تقديم مساعدات غذائية ووقود طارئة. وتعتبر الولايات المتحدة، التي تنظر إلى الجيش اللبناني باعتباره قوة استقرار، أكبر مانح له، حيث تزوده بالأسلحة وطائرات الهليكوبتر الهجومية الخفيفة وأنظمة الاتصالات والتدريب".
في السياق، أكد الخبير العسكري اللبناني والعميد السابق في الجيش هشام جابر أن الثقة بالجيش زادت، مشيرا إلى أنه يواصل تنفيذ مهام عديدة رغم قدراته اللوجستية والعسكرية "المحدودة جدا"، مثل مكافحة الإرهاب بنجاح والحفاظ على الاستقرار الداخلي وإغلاق معظم المعابر غير الشرعية على طول الحدود الشرقية مع سوريا.
وقال جابر إن الجيش يتعامل أيضاً مع "القضية الحساسة للغاية" المتمثلة في حزب الله، ويدعم القيادة السياسية في معالجة نزع سلاحه دون إثارة المواجهة أو الحرب الأهلية أو الانقسامات داخل صفوف الجيش.
وعزا رفض حزب الله نزع سلاحه إلى غياب الضمانات بأن إسرائيل لن تهاجم لبنان مرة أخرى.
وقال جابر لوكالة يونايتد برس انترناشونال إن "أسلحة حزب الله المتبقية هي مصدر قوة وورقة قوية يمكننا استخدامها ولا ينبغي لنا أن نتخلى عنها"، مضيفا أنها يمكن أن تعزز الجهود الدبلوماسية
اللبنانية للضغط على إسرائيل للانسحاب الكامل ووقف اعتداءاتها وربما الموافقة على استعادة اتفاقية الهدنة لعام 1949 بين البلدين.
ولكن آخرين يختلفون مع هذا الرأي، حسب الموقع، ويتساءلون عما إذا كان ذلك من شأنه أن يوقف إسرائيل، التي تتصرف بلا هوادة وتستهدف دولة عربية تلو الأخرى، بما في ذلك قطر، الحليف
الرئيسي للولايات المتحدة، في محاولتها لتحقيق رؤية "إسرائيل الكبرى" والاستيلاء على المزيد من الأراضي العربية.