Advertisement

لبنان

بعد اشكالية صخرة الروشة...عون يرسّخ التوازن

جاد الحاج - Jad El Hajj

|
Lebanon 24
28-09-2025 | 06:00
A-
A+
Doc-P-1422465-638946577201592643.jpeg
Doc-P-1422465-638946577201592643.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في الذكرى الأولى لاستشهاد الامينين العامين لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، شكّل بيان رئيس الجمهورية جوزاف عون محطة سياسية لافتة في مرحلة شديدة الحساسية حيث يتقاطع النقاش حول موقع الدولة مع تصاعد السجال حول سلاح "الحزب"، إذ لم يقتصر البيان على إحياء ذكرى أليمة، بل حمل رسائل أبعد تتصل بدور الرئاسة في إدارة التوازنات الداخلية وسط مناخ حكومي متوتر يعكس تبايناً في مقاربة هذا الملف.
Advertisement

هذا المسار لم يكن معزولاً عن موقف سابق للرئيس، حين توقّف قبل أيام عند ذكرى اغتيال الرئيس بشير الجميّل. ففي بلد تتنازعه ذاكرات متناقضة وصراعات هوية مستمرة، شكّل البيان إشارة واضحة إلى أنّ الرئاسة لا تُختزل بذاكرة واحدة ولا تُقاس بانتماء محدّد، بل تُلزم نفسها بخطاب موجّه إلى جميع اللبنانيين، إذ إنّ تضحيات الشهداء، على اختلاف مواقعهم وخلفياتهم، تبقى جزءاً من الوجدان الوطني المشترك، لا مادة لإعادة إنتاج الانقسام. ومن هذا الباب، يكتسب موقف عون دلالته، لأنّه تزامن مع تصعيد سياسي وحكومي حول ملف السلاح، فبدا أقرب إلى محاولة تثبيت توازن ما، في ظلّ تزايد وتيرة التشنّجات.

ولعلّ النقاش الذي شهدته الجلسة الحكومية الأخيرة حول خطة الجيش لحصر السلاح كشف سريعاً حدود القدرة على المضي بهذا الاتجاه، إذ انتهت المداولات إلى تجميد فعلي بلا مهل زمنية أو آلية تنفيذية واضحة. وما جرى في السابع من أيلول أثبت أن ميزان القوى لا يسمح بفرض قرار بهذا الحجم، وأنّ "الترحيب" بالخطة كان في الواقع دليلاً على العجز عن التقدّم بخطوة عملية. حتى الموفد الأميركي توم براك، الذي سبق أن ضغط لإبقاء الملف على الطاولة، بدا وكأنه تراجع عن حماسته، ما يعني أن القرار قد أُدخل إلى الثلاجة أقله في المدى المنظور.

في هذا المشهد المتشابك، يبرز الفارق بين مقاربة رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام. فالأوّل حاول أن يقدّم نفسه كضامن للتوازن الداخلي، فأرسل إشارات تطمين إلى مختلف البيئات عبر استحضار رموز متناقضة في الذاكرة اللبنانية، في محاولة لتثبيت صورة الرئاسة كمساحة تتجاوز الاصطفافات. في حين اندفع سلام في اتجاه معاكس، فحوّل قضية إضاءة صخرة الروشة إلى مواجهة مفتوحة مع "الثنائي الشيعي"، ثم مضى في التصعيد كأنّه يراهن على كسر التوازن القائم. غير أنّ ذهابه "للآخر" انتهى إلى عدم القدرة على فرض أي تغيير في الوقائع، ليظهر أداؤه أقرب إلى مكابرة سياسية أحبطت فرص التوافق العملي بدل إحداث تغيير حقيقي، ذلك لأن الواقع الميداني أثبت أنّ ملف السلاح غير قابل للحسم في هذه المرحلة، وأنّ محاولات فرض أجندة أحادية ستصطدم بجدار صلب من موازين القوى الداخلية والإقليمية.

امام هذا الواقع، يفرض خطاب الرئيس جوزاف عون نفسه كعامل توازن في لحظة دقيقة، إذ يقدّم الرئاسة كمرجع قادر على مخاطبة مختلف اللبنانيين من موقع مسؤول لا من موقع اصطفاف. وبذلك، يحاول أن يعيد للدولة حضورها في قلب الانقسام، ويؤكد أنّ موقع بعبدا ما زال قادراً على إنتاج خطاب جامع، في وقت بدت فيه السراي الحكومي غارقة في مواجهات عقيمة. وإذا كان سلام قد اندفع إلى خيارات قصوى، فإنّ النتيجة أثبتت أنّ المعركة قد انتهت بخسارته للجولة الأولى.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

جاد الحاج - Jad El Hajj