Advertisement

لبنان

ما بين لبنان وغزة قواسم أميركية مشتركة

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
03-10-2025 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1424668-638950788979260453.png
Doc-P-1424668-638950788979260453.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
إذا أراد أي مراقب إجراء مقارنة متأنية بين الورقة الأميركية، التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية بعد إدخال تعديلات طفيفة عليها، وبين خطّة دونالد ترامب لقطاع غزة، يلاحظ أن الهدف الرئيسي لهذه الخطّة ولتلك الورقة هو سعي الولايات المتحدة الأميركية إلى إحلال السلام في المنطقة المتوترة منذ قيام الكيان الإسرائيلي، وإن كان هذا السعي يختلف بمدلولاته عمّا يراه الغزاويون وبعض اللبنانيين، الذين يضعون واشنطن وتل أبيب في المقياس ذاته، من حيث اعتبارهما مكّملان لبعضهما البعض حيال ما يُتهمان به بمعاداة جميع الذين يعتبرون أن إسرائيل هي أساس كل بلاء.
Advertisement

قد لا تكون مجرد مصادفة أن تتزامن مبادرات دولية كبرى في ساحات مشتعلة كلبنان وغزة. فالمتابع لمجريات الأمور لا بدّ له من أن يلحظ أن الورقة الأميركية، وخطة ترامب لقطاع غزة تحملان قواسم مشتركة أساسية، على رغم التباين الكبير في السياقين، وعلى رغم اختلاف الظروف والمقاييس، وإن كانت حركة "حماس" و"حزب الله" يلتقيان على رفض أي تسوية تأتي من الجانب الأميركي من حيث المبدأ، وذلك قبل أن يلمسا أي إشارة إيجابية من قِبل النظام الإيراني، الذي لا يزال يعتقد أن في إمكانه استعمال تلك الورقتين كعامل ضغط في مفاوضاته غير المباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية.

فإذا أردنا أن نفنّد ما بين الورقة الخاصة بلبنان والخطّة المقرّرة لغزة نجد أن ثمة نقاط التقاء بينهما. فكلا المشروعين ينطلقان من هدف أميركي مركزي واحد، وهو إنهاء حالة السلاح خارج سلطة الدولة.  ففي لبنان، تتحدث الورقة عن حصر السلاح بيد الشرعية وتكليف الجيش وضع خطة تنفيذية لذلك، فيما وضعت خطة ترامب بند نزع سلاح "حماس" كشرط لا غنى عنه لأي وقف نار دائم في غزة.

ويلاحظ أن في الورقة الأميركية كما في خطّة غزة توافق على منح القوى النظامية دوراً محورياً في آليات "حصرية السلاح"، إذ تناط هذه المهمة في الحالة الأولى للجيش، فيما تُسند في الحالة الثانية ترتيبات الأمن إلى قوة مشتركة عربية ودولية. لكن الأهم من كل ذلك أن كليهما يستندان إلى غطاء وضمانات دولية وإقليمية، إذ لا يمكن لأي من المشروعين أن يسلك طريقه من دون دعم أو ضغط خارجي.

مع ذلك، فإن التشابه لا يلغي الفوارق العميقة بين "الورقة" والخطّة". ففي لبنان هناك دولة قائمة بمؤسساتها، وإن كانت مثقلة بالأزمات، بينما في غزة فالقضية تتعلق بمصير منطقة محاصرة تتداخل فيها عناصر الاحتلال والشرعية والحوكمة.

كذلك تختلف آليات التنفيذ. ففي بيروت أوكلت إلى الجيش هذه المهمة، حيث يُنتظر أن تقدّم قيادته أول تقرير إلى مجلس الوزراء عن نتائج أول مرحلة التي تشمل المنطقة الجغرافية الواقعة جنوب نهر الليطاني، على أن يستكمل تنفيذ ما تبقّى من المرحلة الأولى في نهاية السنة الجارية، مع الإشارة إلى أن مسؤولي "حزب الله" لا يزالون يردّدون بأنهم لن يسلموا سلاح "المقاومة" أيًّا تكن الظروف وحجم الضغوطات عليهم. أما خطة ترامب فاعتمدت على ترتيبات إقليمية ودولية معقدة تتجاوز الفلسطينيين أنفسهم.

كذلك الأمر بالنسبة إلى النتائج السياسية التي هي متباينة أيضًا. في لبنان أي فشل في تنفيذ ما سبق أن قررته الحكومة بالنسبة إلى موضوع "حصرية السلاح" يعني اهتزاز ما تبقى من سلطة للدولة ولهيبتها. وقد يكون ما حصل في موضوع إضاءة صخرة الروشة من بين مؤشرات كثيرة عن احتمال الوصول إلى مرحلة المراوحة السياسية. أمّا في غزة فإن أي إخفاق في التنفيذ قد يلامس مباشرة حق تقرير المصير لشعب بأكمله.

أمّا ما يجمع بين هاتين التجربتين فهو أن التجريد القسري من السلاح من دون توافق داخلي واسع يحمل بذور فشل أو انفجار داخلي. كما أن أي خطة، مهما كانت مدعومة دولياً، ستظل عُرضة للتعطيل إذا افتقدت إلى القبول الشعبي والسياسي.

من هنا، يمكن القول إن واشنطن قدّمت في الحالتين نموذجاً متشابهاً في الشكل، من حيث تثبيت التهدئة عبر إنهاء الازدواجية العسكرية، لكنها ستصطدم حتمًا بالكثير من العقبات، من بينها الخصوصيات المحلية، التي من شأنها أن تجعل التطبيق أكثر تعقيداً من مجرد ورقة أو خطة.

فما بين بيروت وغزة قواسم مشتركة في معادلة السلاح والدولة، لكن المسافة شاسعة بين التصور والتنفيذ.  فالتجارب تثبت أن الحلول المستوردة مهما بدت متكاملة، ستظل ناقصة إذا لم تُترجم إلى توافق داخلي راسخ يراعي هواجس المجتمع ويستند إلى شرعية سياسية لا تُختزل في دعم الخارج وحده.
 
المصدر: خاص لبنان24
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas