نشر موقع "التلفزيون العربي" تقريراً مفصلاً تحدث فيه عن تاريخ الحضور الأميركي في لبنان، وذلك من البعثات التبشيرية إلى النفوذ الدبلوماسي.
وتناول التقرير تطور دور الولايات المتحدة في لبنان منذ بداية القرن الـ18 وحتى الوضع الراهن، متحدثاً عن مراحل أساسية حكمت الحضور الأميركي في بلاد الأرز.
معلومات في نقاط
- بدأ الوجود الأميركي في لبنان منذ أوائل القرن التاسع عشر مع وصول المبشّرين البروتستانت عام 1819 تقريبًا. وكان هدفهم نشر التعليم والطب، ما أدى إلى إنشاء الجامعة الأميركية في بيروت، ومستشفى الجامعة الأميركية، إضافة إلى مدارس إرسالية في جبل لبنان وبيروت وصيدا وطرابلس.
- لم تكن الولايات المتحدة قوة استعمارية في المشرق مثل فرنسا أو بريطانيا، ولم يكن لها وجود عسكري أو استيطاني.
- افتتحت أميركا قنصلية في بيروت منذ منتصف القرن التاسع عشر (1850)، وكان عملها الأساسي حماية مصالح المبشّرين والتجّار الأميركيين، في وقت بدأت بعض الشركات الأميركية دخول السوق اللبنانية عبر مرفأ بيروت أوائل القرن العشرين، خصوصًا في تجارة القطن والمنتجات الصناعية.
- مع فرض الانتداب الفرنسي، تراجع الدور الأميركي السياسي المباشر، لكن نفوذه الثقافي والتعليمي بقي قويًا. ففرنسا كانت تنظر بحذر إلى الوجود الأميركي، واعتبرت الجامعة الأميركية منافسًا لمشروعها الثقافي المتمثل بالجامعة اليسوعية.
- خلال الحرب العالمية الثانية، كان لبنان وسوريا مسرحاً لتنافس بريطاني - فرنسي - ألماني، فيما لعب الأميركيون دوراً جانبياً عبر البعثات الدبلوماسية والضغط على فرنسا للاعتراف باستقلال لبنان.
- منذ إعلان استقلال لبنان عام 1943، أخذت العلاقات مع واشنطن بعداً سياسياً ودبلوماسياً متزايداً ارتبط مباشرة بتوازنات الحرب الباردة والتحولات العربية بقيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر. آنذاك، فتحت الولايات المتحدة سفارتها في بيروت، وجعلت من العاصمة مركزاً لنشاط دبلوماسي وإقليمي واسع.
- انصبّ الدور الأميركي حينها على تعزيز استقلال لبنان وتشجيع نمو مؤسساته، لكن مع صعود الناصرية وازدياد نفوذ الاتحاد السوفياتي في المنطقة، بدأت واشنطن ترى في لبنان خط تماس لا بدّ من حمايته. وهكذا تعمّقت العلاقة بين البيت الأبيض وقصر بعبدا، إذ كان الرئيس كميل شمعون الميال إلى الغرب الشريك المثالي لواشنطن.
- عام 1957، أعلن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور مبدأه الشهير، متعهداً بمساعدة الدول المعرّضة للتهديد السوفياتي أو الناصري، وكان لبنان أول اختبار عملي لذلك المبدأ.
- مع تفاقم الاضطرابات الداخلية عام 1958 وطلب شمعون العون الأميركي، نزلت على شاطئ خلدة في 15 تموز أول دفعة من مشاة البحرية الأميركية (1700 جندي)، ارتفع عددها لاحقاً إلى أكثر من 14 ألفاً مدعومين من الأسطول السادس.
- العملية، التي حملت اسم "بلو بات"، كانت أول إنزال عسكري أميركي كبير في الشرق الأوسط، هدفها المعلن حماية مطار بيروت والمرافق الحيوية، لكن رسالتها السياسية كانت واضحة: واشنطن لن تسمح بانزلاق لبنان إلى المحور الناصري.
- بوساطة الموفد الأميركي روبرت مورفي، تم التوصل إلى تسوية قضت بانتخاب قائد الجيش فؤاد شهاب رئيسًا للجمهورية، فيما بدأ انسحاب القوات الأميركية تدريجيًا حتى اكتمل في تشرين الأول 1958.
- في 25 تشرين الأول 1958، غادر آخر جندي أميركي بيروت، تاركاً وراءه رسالة واضحة: الولايات المتحدة مستعدة للهبوط عسكرياً في أي لحظة ترى فيها مصالحها مهدّدة.
- بانسحاب المارينز، بدا أن التدخل العسكري انتهى، لكن الوجود الأميركي استمر بشكل مختلف، فقد عززت السفارة في عوكر موقعها لتصبح من أكبر بعثات واشنطن في المنطقة، وتحولت إلى غرفة عمليات تراقب تفاصيل الداخل اللبناني.
- في عهد فؤاد شهاب (1958–1964)، دعمت واشنطن مشروعه الإصلاحي وبنت شراكة عبر مساعدات اقتصادية من الوكالة الأميركية للتنمية. لكن مع نهاية الستينيات تغيّر المشهد: رحيل شهاب، وصول شارل حلو، ثم صعود المقاومة الفلسطينية بعد هزيمة 1967، وعندها ازداد دور السفارة السياسي وضغطها لضبط الحدود الجنوبية.
- رغم غياب وجود عسكري مباشر، استمر التعاون الأمني والعسكري عبر تدريبات محدودة للجيش ونشاط واسع لوكالة الاستخبارات الأميركية (CIA) التي ركزت على الفلسطينيين والحركات اليسارية والسوفييت.
- خلال الفترة الممتدة حتى 1975، ظلت ملفات مثل الصراع العربي-الإسرائيلي واتفاق القاهرة (1969) وأحداث أيلول الأسود (1970) هاجساً دائماً لواشنطن في لبنان.
- مع اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، اكتفى الأميركيون بحماية رعاياهم وإجلائهم، إلى أن جاء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 الذي دفع واشنطن إلى الانخراط سياسياً وعسكرياً عبر القوة المتعددة الجنسيات.
- تمركزت قوات المارينز في بيروت الغربية لدعم حكومة الرئيس أمين الجميّل، لكن عام 1983 شكّل ذروة الوجود الأميركي: تفجير السفارة في عين المريسة في نيسان (63 قتيلًا) وتفجير مقر المارينز في مطار بيروت في تشرين الأول (241 قتيلًا).
- أدّت هذه الهجمات إلى صدمة داخلية في الولايات المتحدة وإلى تراجع التأييد الشعبي لاستمرار المهمة. ومع تصاعد الهجمات ضد القوات الأميركية والفرنسية، قررت إدارة رونالد ريغان سحب المارينز تدريجياً في أوائل 1984، مكتفية بالدعم البحري والجوي من الأسطول السادس في شرق المتوسط.
- في موازاة الحضور العسكري، دفعت واشنطن بقوة نحو توقيع اتفاق 17 أيار 1983 بين لبنان وإسرائيل، الذي نصّ على انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق مقابل ترتيبات أمنية، ولعبت الإدارة الأميركية دور الوسيط والحامي للاتفاق عبر مبعوثها فيليب حبيب ثم موريس درايبر. لكن الاتفاق سقط سريعاً بفعل رفضه من معظم القوى اللبنانية وضغط دمشق، ما مثّل انتكاسة للدبلوماسية الأميركية.
- في سياق الأحداث المتتالية ومع انسحاب المارينز، تراجع الوجود العسكري المباشر، لكن الأميركيين بقوا منخرطين عبر ملفات حساسة، أبرزها أزمة الرهائن الأميركيين الذين اختُطفوا على أيدي جماعات لبنانية مدعومة من إيران (حزب الله) بين 1984 و1988، حيث تركزت الأزمة خلال هذه الفترة على احتجاز عدد من الأميركيين الغربيين، وشهدت ضغطًا عاماً لإطلاق سراحهم ما أدى إلى انهيار سياسة "لا تفاوض" الأميركية.
- كان الدافع الأساسي لاحتجازهم هو ردع أي تدخل عسكري أميركي أو انتقام من حزب الله بعد تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983.
- أما سياسياً، فاستمرت السفارة الأميركية كقناة اتصال رئيسية مع الرئاسة اللبنانية، لكنها بقيت عاجزة عن التأثير الفعلي على مسار الحرب، خصوصاً مع تصاعد النفوذ السوري والإيراني.
- بعد تلك الأحداث، ومع المبادرة العربية بقيادة السعودية، دعمت واشنطن اتفاق الطائف عام 1989، الذي وضع أسس إنهاء الحرب الأهلية، وكان الدور الأميركي في هذه المرحلة داعماً غير مباشر، عبر تشجيع السعودية وحلفائها العرب، فيما تُرك التنفيذ الميداني لسوريا التي فرضت حضورها العسكري والسياسي في لبنان.
- بحلول عام 1990، ومع انتهاء الحرب الأهلية، كان الوجود الأميركي قد انحصر في بعثة دبلوماسية محدودة في بيروت.
- مع نهاية الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990 وتطبيق اتفاق الطائف برعاية إقليمية ودولية، وجدت الولايات المتحدة نفسها أمام مشهد جديد في لبنان: بلد خرج من حرب مدمرة، لكنه خضع عملياً لوصاية سورية مُعترف بها دولياً ضمن ترتيبات "الشرعية العربية" ومؤتمر مدريد للسلام. في هذا السياق، أعادت واشنطن رسم سياستها تجاه لبنان بشكل حذر، معتمدة على أدوات الدبلوماسية والمساعدات أكثر من التدخل المباشر.
- أعادت السفارة الأميركية في عوكر نشاطها، مع تعزيز البعثة لتصبح واحدة من أكبر بعثات واشنطن في المنطقة، واعتمدت مقاربة مزدوجة: قنوات رسمية عبر سوريا، وقنوات غير مباشرة عبر شخصيات لبنانية وازنة، أبرزها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي رأت فيه واشنطن مشروعاً حداثياً - اقتصادياً قادراً على فتح لبنان أمام الاستثمارات الغربية.
- في هذه الفترة، لم يكن هناك وجود عسكري أميركي مباشر، واقتصر النشاط على برامج مساعدات عسكرية للجيش اللبناني، لكنها بقيت متواضعة بسبب الفيتو السوري الذي كان يحدّ من تسليح الجيش خشية أن يتحول إلى قوة مستقلة. وبالتالي، ظلّ التنسيق الأمني بين واشنطن وأجهزة الدولة اللبنانية محدودًا، لكنه لم ينقطع.
- تعزز هذا الدعم عبر عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) بشكل بارز في مشاريع إعادة الإعمار (مياه، كهرباء، تعليم، صحة)، وغالبًا ما كانت هذه المساعدات توجَّه عبر حكومات الحريري المتعاقبة، في انسجام مع رؤية "لبنان مركز مالي-تجاري" متحرر من آثار الحرب.
- في المقابل، تجنّبت واشنطن أي مواجهة مباشرة مع سوريا بشأن ملفات الفساد أو النفوذ داخل المؤسسات اللبنانية.
- بقي الحال على هذا النحو حتى انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في أيار 2000 من دون اتفاق سلام، ما عزّز موقع حزب الله سياسياً وعسكرياً.
- رأت واشنطن أن هذا التطور يعزّز محور إيران - سوريا - حزب الله، فبدأت بإعادة النظر في سياستها "المهادِنة" تجاه دمشق، وطرحت ملف "سيادة لبنان" في الأمم المتحدة تدريجياً، لكنها لم تصطدم مباشرة مع سوريا.
- مع وصول إدارة جورج بوش الابن (2001) إلى السلطة، تبنّت واشنطن خطابًا أكثر تشددًا ضد حزب الله ودمشق، خصوصًا بعد هجمات 11 أيلول، حيث أدرجت حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية العالمية، وبدأت تدريبات محدودة مع الجيش اللبناني في مجال مكافحة الإرهاب، كما تبادلت الأجهزة الأميركية مع بعض المسؤولين الأمنيين اللبنانيين معلومات استخباراتية تتعلق بتنظيم القاعدة في المنطقة.
- استمرت المساعدات الأميركية عبر USAID، وتركزت على تعزيز المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، فيما ربطت واشنطن بعض هذه المساعدات بالإصلاحات المالية التي طالب بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لكنها اصطدمت بممانعة الطبقة السياسية اللبنانية.
- في 14 شباط 2005، هزّ اغتيال رفيق الحريري التوازن اللبناني وفتح الباب لتصعيد دولي ضد سوريا، فدعمت واشنطن في هذه المرحلة ودفعت بقوة نحو تطبيق القرار 1559 (2004) الذي صدر قبل أشهر، للمطالبة بانسحاب الجيش السوري ونزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية.
- برزت أسماء كالسفيرة الأميركية ميشيل سيسون ولاحقًا جيفري فيلتمان، وهما من الأشخاص الذين لعبوا أدوارًا مركزية في التواصل مع القوى اللبنانية، خصوصًا تحالف 14 آذار الذي تشكّل حينها للضغط نحو الانسحاب السوري من لبنان، مقابل تحالف 8 آذار الذي اصطفّ مع سوريا وحزب الله.
- ساهم الضغط الأميركي-الفرنسي المشترك حينها في انسحاب الجيش السوري في نيسان 2005.
- للمرة الأولى منذ الحرب الأهلية، بدأت واشنطن برامج دعم مباشر للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي (تدريب، تجهيزات مراقبة واتصالات)، وشرعت بالتنسيق الأمني مع فرع المعلومات، واستخدمت نفوذها لتمكين حكومة فؤاد السنيورة، واعتبرت بقاءها ضرورة لحماية "الديمقراطية الناشئة" بعد خروج السوريين.
- لم يتسنَّ للبنان التقاط أنفاسه حتى اندلعت حرب تموز، أو حرب لبنان الثانية كما يسمّيها الإسرائيليون، عام 2006، وذلك بعد عملية نفذها حزب الله في 12 تموز، لتردّ إسرائيل بعملية عسكرية واسعة النطاق شملت قصفاً جوياً وبحرياً وبرياً على لبنان استمر 33 يوماً.
- في الأيام الأولى، اعتبرت إدارة جورج بوش الابن أنّ إسرائيل "تدافع عن نفسها" ضد "إرهاب حزب الله"، ورفضت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الدعوات لوقف فوري لإطلاق النار، ووصفت الحرب بأنها "مخاض ولادة شرق أوسط جديد"، فعطّلت الولايات المتحدة في مجلس الأمن محاولات عدة لوقف النار سريعًا، معتبرة أنّ أي وقف لإطلاق النار يجب أن يرافقه نزع سلاح حزب الله وتطبيق القرار 1559.
- واشنطن نسّقت أيضًا وبشكل مباشر مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، لكنها بقيت حذرة في الضغط على إسرائيل خلال العمليات، إنما دعمت في المقابل تل أبيب عسكرياً عبر تسريع شحنات من الذخائر والقنابل الذكية.
- مع اندلاع الحرب، وجد عشرات آلاف المواطنين الأميركيين أنفسهم في مناطق النزاع المباشر، خصوصاً في بيروت وجنوب لبنان، فتم تفعيل عملية الإجلاء غير القتالية (Non-Combatant Evacuation Operation – NEO)، وهي واحدة من أكبر عمليات الإجلاء في تاريخ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث تم تشكيل القوة المشتركة - لبنان (Joint Task Force Lebanon) ومقرّها الرئيسي قبرص، مع دعم بحري وجوي مباشر من الأسطول الأميركي السادس في البحر المتوسط. وكانت مهمتها الأساسية تنسيق عملية الإجلاء، حماية المواطنين، وتأمين القنوات اللوجستية للوصول إلى السفارة الأميركية في بيروت.
- تم استخدام السفن البحرية لنقل الأميركيين من الموانئ اللبنانية، خصوصًا بيروت وجبيل، واستخدام المروحيات والطائرات العسكرية لإجلاء المواطنين من المناطق الأكثر خطورة أو غير القابلة للوصول برًا. كذلك تم تجهيز مراكز استقبال مؤقتة في قبرص قبل نقل المواطنين إلى مطارات أميركية أو وجهات آمنة أخرى، وقد أُخلي خلال الأسابيع الأولى من الحرب عشرات الآلاف من الأميركيين. وعملت القوات الأميركية بالتنسيق مع السفارة الأميركية لضمان تسجيل جميع المواطنين وتوفير المساعدة الطبية والغذائية أثناء الإجلاء.
- بعد 33 يوماً، أقرّ مجلس الأمن القرار 1701 بضغط أميركي - فرنسي مشترك، الذي نصّ على وقف الأعمال القتالية وتعزيز قوات اليونيفيل وانتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني.
- واشنطن اعتبرت أنّ الحرب أضعفت حزب الله على المدى القصير، لكن التقييمات اللاحقة أظهرت أنّ الحزب خرج أكثر قوة سياسياً وشعبياً.
- بعد حرب 2006، دفعت واشنطن بقوة عبر مجلس الأمن لإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (2007) للتحقيق في اغتيال الحريري، كما تعهّدت في مؤتمر باريس 3 كانون الثاني 2007 بتقديم نحو 770 مليون دولار مساعدات للبنان، موزعة على:
- دعم مباشر للجيش وقوى الأمن.
- مساعدات إنسانية وإعادة إعمار.
- برامج تنموية بإشراف الـUSAID.
أمنيًا، بدأت برامج طويلة الأمد لتسليح الجيش اللبناني بأسلحة خفيفة ومتوسطة، ومركبات هامفي، وتجهيزات اتصالات. وازداد التنسيق الاستخباراتي ضد "القاعدة" في مخيم نهر البارد (2007) بدعم لوجستي واستخباراتي أميركي مباشر.
- منذ عام 2007 تحوَّل دور الولايات المتحدة في لبنان من وجود أمني مباشر إلى مجموعة أدوار متداخلة، فقد ظلّت السفارة الأميركية في بيروت النقطة المركزية لكل مفاصل الوجود: حماية المواطنين الأميركيين، إصدار نصائح سفر وإخلاءات وقت الأزمات، وإدارة برامج المساعدات والدبلوماسية العامة.
- عملت واشنطن في هذه الفترة على بناء قدرات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي عبر برامج تدريبية ومساعدات تسليح وتدريب وفرق مستشارين، حيث سعت واشنطن إلى جعل الجيش قوة وطنية قادرة على مواجهة الإرهاب، تأمين الحدود، ومكافحة تهريب السلاح.
- في سياق الأزمة الاقتصادية اللبنانية المستفحلة (منذ 2019) والأزمات المتتابعة (جائحة كوفيد-19، انفجار المرفأ 2020)، كانت الولايات المتحدة من الجهات المانحة الأساسية، فقد قدّمت مساعدات طبية وغذائية وإغاثية فورية عبر الـUSAID وبرامج إنسانية أخرى، وحزمت الدعم لقطاع الصحة والتعليم والبنية التحتية، إضافةً إلى برامج دعم المؤسسات المدنية.
- عسكريًا، لا تملك واشنطن قواعد عسكرية دائمة في لبنان، لكن حضورها البحري والجوي في شرق البحر المتوسط تصاعد في أوقات التوتر، خصوصًا منذ تصعيدات 2023–2024.
- أما سياسة الضغط المالي والقانوني فكانت سلاحًا مفصليًا في مقاربة واشنطن. فعبر وزارة الخزانة وOFAC ووزارات أخرى، استهدفت الولايات المتحدة أفرادًا وشركات متهمة بتمويل أنشطة حزب الله وشبكات التهريب عبر لبنان وسوريا. وفي 2024-2025 شهدنا جولات جديدة من العقوبات والتصنيفات، بالإضافة إلى قضايا جنائية وأحكام في محاكم أميركية تتعلق بغسيل أموال وانتهاك عقوبات.
- استُخدِمت هذه العقوبات لكبح موارد مالية حيوية لمن تصفهم واشنطن بأنهم مجموعات إرهابية أو شبكات تهريب أو حلفاء لإيران في لبنان كحزب الله.
- مع ذلك، حافظت الولايات المتحدة على قنوات استخبارية وتعاونية مع الأجهزة اللبنانية لمراقبة ومكافحة الإرهاب وتعقّب تمويل الشبكات المتطرفة، وتضاعف هذا التعاون خلال سنوات الدخول والاشتباكات مع تنظيمات على الحدود السورية، لكن طبيعته غالبًا ما بقيت سرية وغير معلنة.
- في الأشهر الماضية كثّفت الولايات المتحدة مساعداتها الأمنية للجيش اللبناني (حزم مالية وتسليمات استثنائية)، وأعلنت عن دعم إضافي لتطبيق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل والحدّ من انزلاق الاشتباك. (التلفزيون العربي)