نشر معهد "ألما" الإسرائيليّ تقريراً جديداً مطولاً قال فيه إن إيران خططت على مدى سنوات لتنفيذ غزو متزامن على إسرائيل بين جبهات مُختلفة، لكن لم يجرِ تنفيذ سوى غزو واحد.
ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنّ الهجوم الذي شنته حركة "حماس" يوم 7 تشرين الأول 2023 على إسرائيل، أصاب الأخيرة بالدهشة، ليس فقط بسبب وحشيته غير المسبوقة، ولكن أيضاً بسبب المفاجأة الاستخباراتية والعملياتية، وأضاف: "الآن، وبعد عامين من الهجوم، يبرزُ سؤال محوري.. ما مدى التنسيق بين حماس وحزب الله وراعيهما، إيران، في الفترة التي سبقت الهجوم، وما الذي يفسر حقيقة أن حزب الله، على الرغم من تورطه العميق في المحور، لم ينضم بشكل كامل إلى الهجوم في الساعات الحرجة يوم 7 تشرين الأول 2023؟".
التقرير يقول إنّ تحليل المعلومات المتُراكمة، بما في ذلك تقارير استخباراتية ووثائق مديانية وتحليل أنماط العمليات، تشيرُ إلى صورة معقدة، وتابع: "بينما لم تكن قيادة حزب الله على علم، على الأرجح، بتاريخ ووقت بدء هجوم حماس، إلا أنه لا شك تقريباً في أن تنسيقاً وثيقاً واستراتيجياً ومسبقاً جرى، بتوجيه وتمويل من إيران، في إطار مبدأ وحدة الساحات".
وتابع: "شمل هذا التنسيق اجتماعات رفيعة المستوى، وإقرار خطط عملياتية، وتخصيص موارد، واستعدادات ميدانية في الساحات الرئيسية في قطاع غزة ولبنان (وكذلك في ساحات أخرى: سوريا والعراق واليمن)، على مدى أشهر، بل وسنوات، سبقت الهجوم. لماذا، على ما يبدو، لم تُنفذ الخطة كاملةً في ذلك الصباح؟ قد لا نعرف ذلك على وجه اليقين، لكن من الواضح أن خطأً ما حصل في التنفيذ التكتيكي أو أن هناك شيئاً ما تغيّر في اللحظة الأخيرة".
واستكمل: "الفكرة الرئيسية التي وجهت المحور الشيعي بقيادة إيران هي وحدة الساحات. في الواقع، تنص هذه العقيدة على وجوب مهاجمة إسرائيل جواً وبحراً وبراً، من عدة جبهات في آن واحد، باستخدام وكلاء إيران المختلفين (حزب الله في لبنان، والجماعات في سوريا والعراق، والحوثيين في اليمن، وبالطبع حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية)، وذلك بهدف استنزاف إسرائيل وتقسيم قواتها، وفي نهاية المطاف، التسبب في انهيارها".
وذكر التقرير أن هذه العقيدة "تجلّت علناً في نيسان 2023"، مُشيراً إلى أنّ "فعاليات يوم القدس الإيراني ذاك العام، حملت شعاري وحدة الساحات والدفاع عن القدس"، وأضاف: "حتى قبل ذلك، وفي نيسان 2023، نُشر فيديو دعائي لحزب الله يُشدّد على وحدة الساحات. أيضاً، نشرت حركة النجباء العراقية، التابعة لإيران، فيديو دعائيّ في نيسان 2023 ربطت فيه الساحات المختلفة (العراق، سوريا، لبنان، اليمن) بالصراع ضد إسرائيل، إلى جانب دعوة من زعيم حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، إلى عمل موحد من جانب العراق والأردن".
وتابع: "حتى بعد اندلاع الحرب، تناول نائب قائد الحرس الثوري الإيراني المسألة بطريقة أثبتت أنه رغم كل ما حدث، لم تتخلَّ إيران عن فكرة الغزو البري لإسرائيل، وأضاف أن هذا أهم بالنسبة له من هجوم صاروخي آخر من إيران على إسرائيل".
ماذا حصل عام 2022؟
ويتحدث التقرير عن أن الاستعدادات العملية لهجوم مُنسّق بدأت قبل تشرين الأول 2023 بوقتٍ طويل، وأضاف: "ابتداء من صيف 2022، اتُخذت خطوات لتنسيق الجبهتين من لبنان وغزة. وفي حزيران 2022، صرّح خليل الحية، القيادي البارز في حماس بأنَّ الأخيرة لم تعد قوة دفاعية، بل قوة هجومية، هدفها تحرير الأرض واحتلال أراضٍ دولة إسرائيل، فيما أشار إلى أنه لدى الحركة خطة لتحرير فلسطين، وأنّ المهم هو نقل المعركة العسكرية المقبلة إلى قلب إسرائيل".
وأكمل التقرير: "لاحقاً، ووفقًا لوثيقة استولى عليها الجيش الإسرائيلي ونُقل عنها في تقرير موسع صادر عن مركز مائير عميت للاستخبارات ومعلومات الإرهاب (استراتيجية حماس لتدمير إسرائيل: من الرؤية إلى الواقع)، أطلع إسماعيل هنية يحيى السنوار على اجتماع سري نظمه سعيد إيزادي مع أمين عام حزب الله السابق السيد حسن نصرالله وممثلين من حماس خلال شهر تموز 2022. وإيزادي هو رئيس فرع فلسطين في فيلق القدس الإيراني، المعروف باسم الحاج رمضان، الذي اغتيل لاحقًا في حزيران 2025 على يد إسرائيل. وفي هذا الاجتماع، قدم ممثلو حماس سيناريوهات لحملة ضد إسرائيل. ووفقاً لهنية، أعرب نصر الله عن دعمه للسيناريو الأول (الحملة الاستراتيجية الكبرى)، واصفاً إياه بأنه واقعيّ، وتم الاتفاق على عرض الأمر على المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي".
وتابع: "في الشهر نفسه، تموز 2022، نُشر تقريرٌ لمركز ألما الإسرائيلي يفيد بأن نصر الله كان يُفكّر (وربما اتخذ قراراً استراتيجياً) بخوض حربٍ في الأشهر المقبلة، عقب خطاباتٍ ورسائل تهديدية. وفي خطابٍ ألقاه في 13 تموز 2022، استهل نصر الله خطابه باقتباس آياتٍ من القرآن الكريم من سورة الحج (الآيتان 39-40)، والتي تعني أن الله سينصر المسلمين الذين يقاتلون من ظلمهم. في الواقع، يبدو أن نصرالله كان يُهيئ القلوب ويُقدّم مبرراتٍ أيديولوجيةً دينيةً للصراع مع إسرائيل".
التقرير يضيف: "تشيرُ هذه الإشارة من نصرالله، والمشاركة المباشرة لمسؤول كبير في فيلق القدس، إلى بداية ترسيخ خطة ملموسة لهجوم متعدد الجبهات في وقت مبكر من صيف عام 2022".
واستكمل: "في رأينا، فإنَّ اتفاق الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل يعكس في الواقع التغيير الذي حدث في استراتيجية حزب الله، إذ هدد نصر الله بأنه إذا لم يكن هناك اتفاق، فسوف يذهب إلى الحرب، وحتى أنه أطلق في بداية تموز 2022 ثلاث طائرات من دون طيار (تم اعتراضها) باتجاه حقل كاريش للغاز، والذي قال لبنان أنه يقع جزئيًا في المنطقة المُتنازع عليها".
وتابع: "كان هناك استعدادٌ للمخاطرة بالحرب، وإن لم تُخاطر إسرائيل وتُساوم على خط الحدود، وهو ما حدث بالفعل، فإن حزب الله سيُرسّم الحدود وفقاً للموقف اللبناني. ابتداءً من عام 2022، بدأنا نلاحظ تواجداً متزايداً ومعلناً لحزب الله على طول الحدود. ومع هذا التواجد المتزايد، بدأت الاستفزازات على طول الحدود".
واستكمل: "في مطلع أيلول 2022، نشرنا أن حزب الله قد دخل في حالة تأهب قصوى استعداداً لصراع محتمل مع إسرائيل. لقد استندنا في ذلك، من جملة أمور، إلى نص منشور داخلي لحزب الله، وصل إلينا آنذاك، يبدو أنه يخاطب عناصره ويشجعهم دينياً وروحياً ونفسياً استعداداً لأي قتال محتمل. وجاء في المنشور أن النصر قريب، وأن القادة والعناصر على أهبة الاستعداد، كما قيل إن إسرائيل خائفة ومرعوبة وترتجفُ في عقر دارها".
ماذا عن عام 2023؟
التقرير يقول إنَّ ربيع عام 2023 شهد تصعيداً إضافياً، وأضاف: "ابتداءً من آذار 2023، بدأت أحداثٌ دلت على تدهورٍ وتنسيقٍ متزايدٍ واستعدادٍ لحملةٍ عسكرية. وفي آذار 2023، تسلل شخصٌ من لبنان عبر السياج الحدودي وتحرك داخل الأراضي الإسرائيلية وزرع عبوة ناسفة على جانب الطريق عند مفترق مجدو، والتي انفجرت وأصابت سيارة مدنية كانت تمر بالمفترق يوم 13 آذار. كل هذا كان تحت إشراف حزب الله (قوة رضوان ووحدة عمليات لبنان فلسطين)".
وأكمل: "في 21 آذار، وأثناء أعمال بناء الحاجز الحدودي في منطقة عيتا الشعب/شتولا، انفجر لغم مضاد للأفراد، ما أدى إلى إصابة جنديين من الجيش الإسرائيلي. كان الحادث عرضياً، وسببه لغمٌ إسرائيلي زُرع منذ سنوات عديدة. ومع ذلك، في وثيقة نشرناها فور وقوع الحادث ، حذّرنا من أنه على الرغم من أن الحادث الحالي كان عرضياً، إلا أننا نلاحظ تغييراً جذرياً في توجيهات حزب الله في ما يتعلق بإدارة المخاطر تجاه إسرائيل، بما قد يؤدي إلى تدهور الوضع إلى حرب، ومن المحتمل أن يكون هناك إجراء استباقي من جانب حزب الله ضد قوات الجيش الإسرائيلي على الحدود في المرة المقبلة".
وتابع: "في نيسان 2023، جرى إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل، ومن نفذ هذه الخطوة هي حركة حماس من الأراضي اللبنانية برعاية حزب الله. كان هذا على ما يبدو جزءاً من عملية أوسع، حيث تم الاستيلاء على المزيد من الصواريخ في اليوم التالي في مناطق مختلفة في لبنان من قبل الجيش اللبناني من دون إطلاقها. يبدو أن حزب الله فوجئ بأن إسرائيل لم ترد بقسوة. وبعد يومين (8-9 نيسان)، تم إطلاق 6 صواريخ من جنوب سوريا باتجاه مرتفعات الجولان، على ما يبدو من قبل عناصر فلسطينية (من المرجح أن تكون موجهة من قبل حماس) تعمل من هناك. كذلك، أظهرت هذه الأحداث عملياً فكرة وحدة الساحات".
واستكمل: "بعد 3 أيام من إطلاق الصواريخ، وتحديداً في 9 نيسان 2023، عقد نصر الله اجتماعاً مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري، في بيروت. كان هذا ثاني اجتماع لكبار المسؤولين الفلسطينيين خلال ذلك الأسبوع. وفي وقت سابق، في 6 نيسان 2023، التقوا أيضاً بالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة".
أيضاً، خلال عام 2023، أجرى "حزب الله" مناورة إستعراضية وثقت قيام "قوة الرضوان" التابعة لـ"حزب الله" وهي تُحاكي تنفيذ غزو لمناطق الجليل في إسرائيل، وأضاف: "كما ذكرنا سابقاً، لاحظنا خلال الجولات التي أجريناها على طول الحدود خلال تلك الفترة، بما في ذلك توثيق جولة لقادة قطاعات حزب الله بالقرب من السياج، ثقةً ظاهرةً بالنفس وحضوراً عسكرياً صريحاً واستفزازياً للمنظمة".
وتابع: "في تقريرٍ لليونيفيل استعرض انتهاكات القرار 1701 بين شباط وحزيران 2023، يتبين وقوع 600 حالة عبور للخط الأزرق من لبنان إلى إسرائيل. قد يعكس هذا العدد الهائل في هذه الفترة القصيرة استعداداتٍ للحرب وتشمل جمع معلومات استخباراتية أولية، اختبار سرعة رد فعل الجيش الإسرائيلي، والتحقق من صحة مسارات التسلل".
وأكمل: "منذ حزيران 2023، يبدو أن حزب الله بدأ يُطبّق عمليًا روح كلام نصرالله بشأن الاستعداد لخوض حرب حول المناطق الحدودية المتنازع عليها. لقد نفّذ حزب الله أعمالاً استفزازية، بل وهجومية، في العديد من هذه المناطق المتنازع عليها، مُظهراً نمطاً واضحاً وغير عرضي من الأعمال، حتى في توقيته. وفي أوائل حزيران 2023، نصب حزب الله خياماً عند الحدود بين لبنان وإسرائيل وتحديداً في مزارع شبعا، وأوت حوالى 8 عناصر مسلحين من حزب الله".
وتابع: "في 5 تموز 2023، عبر عناصر حزب الله الخط الأزرق في منطقة أخرى متنازع عليها - منطقة ميس الجبل، بالقرب من بلدة المنارة. وفي 6 تموز 2023، أُطلق صاروخ مضاد للدبابات على السياج في محيط قرية الغجر، أثناء مرور دورية إسرائيلية هناك، لكن الصاروخ أخطأ هدفه. وللإشارة، تُعدُّ قرية الغجر منطقةً رئيسيةً متنازعاً عليها".
واستكمل: "في 12 تموز 2023، اقتربت 4 عناصر من حزب الله من السياج في منطقة البستان (القطاع الغربي) وحاولوا تخريبه، وتُعتبر منطقة عملهم أيضاً منطقة متنازع عليها بشأن ترسيم الحدود".
وقال التقرير: "بناء على سلسلة الأحداث المذكورة أعلاه، فقد قدرنا اقتراب المرحلة التالية، والتي من المتوقع أن تشهد تصعيداً آخر ومحاولة لإلحاق أضرار جسيمة بجنود الجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود".
وتابع: "إلى جانب التنسيق الاستراتيجي والأيديولوجي، قدّمت إيران التمويل والدعم اللوجستي اللازمين للخطة. وفي 6 نيسان 2025، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، استناداً إلى وثائق ضُبطت في أنفاق حماس في غزة، ويعود تاريخها إلى ما قبل الهجوم، بأن إسرائيل تملك مراسلات بين قيادة حماس (محمد ضيف ويحيى السنوار) وسعيد إيزادي، قائد فرع فلسطين في فيلق القدس. ووفقاً للوثائق، طلب الضيف والسنوار من إيزادي 500 مليون دولار لغرض تدمير دولة إسرائيل والنضال ضد الولايات المتحدة، فردّ إيزادي بالإيجاب".
وأردف التقرير: "فعلياً، ضخّت طهران مبالغ طائلة من المال لحماس، لأن هدف تدمير إسرائيل يتصدر أولويات النظام الإيراني. وبشكل أساسيّ، فإنَّ التورط المالي المباشر لإيران في خطة حماس التدميرية، التي كان هجوم 7 أكتوبر جزءًا منها، حقيقة ثابتة".
إلى ذلك، حصلت سلسلة من اللقاءات والمقابلات والتصريحات في لبنان بين ممثلي إيران وحزب الله وحماس في سياق النشاط الهجومي ضد إسرائيل في صيف عام 2023. وتضع سلسلة اللقاءات نصر الله كمحور مركزي ينسق من خلاله الإيرانيون والفصائل الفلسطينية، وفق ما يقول التقرير الذي أضاف: "كذلك، عُقدت اجتماعات أخرى، واحد منها على الأقل في طهران. وفي حزيران 2023، أي قبل نحو أربعة أشهر من هجوم حماس، أفادت التقارير بأن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس سابقاً، سافر من قطر إلى إيران للقاء قادة النظام لمناقشة التطورات الجديدة في المنطقة".
لغز 7 تشرين الأول: لماذا تردد حزب الله؟
يقول التقرير إنه "إذا كان التنسيق الاستراتيجي وثيقاً إلى هذه الدرجة، وكانت خطط حماس لشن هجوم شامل قد حظيت بموافقة أعلى المستويات في طهران وبيروت، فلماذا لم يشن حزب الله هجوماً شاملاً على الحدود الشمالية في الساعة 6:29 من صباح 7 تشرين الأول، بالتزامن مع غزو حماس؟ ربما يكون هذا هو السؤال المحوري الذي لا يزال مفتوحاً، ويمكن طرح عدة فرضيات:
- مفاجأة تكتيكية من حماس: من المحتمل أن تكون حماس قد قدّمت الموعد المتفق عليه أصلاً، أو غيّرت تفاصيل الخطة في اللحظة الأخيرة، مما فاجأ ليس إسرائيل فحسب، بل شركاءها في المحور، بما في ذلك حزب الله، في توقيتها، ولكن ليس في العملية نفسها.
وفي مقابلة مع وكالة "تسنيم"، قال إسماعيل قاآني إنه وصل إلى بيروت في 7 تشرين الأول 2023، بعد الظهر. وفي تشرين الأول 2025، أي هذا الشهر، نُشرت صورة يُزعم أنها التقطت في بيروت مساء 7 تشرين الأول 2023، ويظهر فيها قاآني وإيزادي وحسن مهدوي مع زياد النخالة، فيما يقول قاآني إنه التقى أيضاً بنصرالله مساء 7 تشرين الأول لمناقشة تورط حزب الله في الحرب، وتعكس الصورة بوضوح التورط والتنسيق الإيراني".
- حزب الله لا يمكن أن يكون "مساعداً": عندما فوجئ حزب الله بتوقيت هجوم حماس، قرر عدم الانضمام إلى صيغة الغزو الفوري (على الرغم من أنه كان جاهزاً لذلك من الناحية العملية)، لأسباب تتعلق بالشرف. فحزب الله الشيعي لن يكون مساعداً لحماس السنية الفلسطينية. أراد حزب الله أن يميز نفسه في هذا السياق عن حماس، ولذلك انضم عن بُعد في اليوم التالي (8 أكتوبر/تشرين الأول 2023) واحتفظ بخيار الغزو لوقت لاحق.
- على الصعيد العملياتي، دفع نجاح حماس الباهر، من وجهة نظرها، في الساعات الأولى من الهجوم، والصدمة التي أصابت إسرائيل، نصرالله والإيرانيين إلى إعادة حساباتهم. من المحتمل أنهم قرروا التضحية" بحماس، وتركها تستنفد إنجازها الأولي، والاحتفاظ بقوة الرضوان التابعة لحزب الله كاحتياط استراتيجي لمرحلة لاحقة، أو كقوة ردع تمنع إسرائيل من الرد بقوة مفرطة في غزة أو من مهاجمة إيران مباشرة.
- فقدان عنصر المفاجأة في الشمال: بينما كانت المفاجأة في غزة شاملة، أتيحت للجيش الإسرائيلي في الشمال مع لبنان فرصة لتصحيح تقصيره في الجاهزية ودفع قوات كبيرة بسرعة إلى الحدود. كذلك، تم إخلاء سريع للتجمعات السكنية القريبة من السياج في الشمال بعد اندلاع الهجوم من غزة. كل هذا حَيّد عنصر المفاجأة الذي اعتمد عليه حزب الله في إعداد خطة غزو الجليل. خلال شهر تشرين الأول 2023، أعلنت إيران وحزب الله أنه إذا دخل الجيش الإسرائيلي غزة براً، فسيغزوها حزب الله من الشمال. ربما كان هذا التصريح يهدف إلى كسب الوقت وتحسين إعداد قواته، ولكنه أيضاً ألغى تأثير المفاجأة الأولي.
وختم: "مهما كان التفسير، فلا شك في وجود خطة منسقة، فالأدلة على التنسيق الاستراتيجي، والاجتماعات، والموافقة على الخطط، والتمويل الإيراني واضحة لا لبس فيها. إن عدم تنفيذ الخطة التكتيكية كما هو مخطط لها بالكامل، أو تعديلها في اللحظة الأخيرة، لا ينفي خطورة التهديد المشترك ونوايا عناصر المحور الإيراني".