Advertisement

لبنان

إذا لم تكن واشنطن قادرة على لجم تل أبيب فمن يستطيع؟

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
21-10-2025 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1432014-638966339557022400.webp
Doc-P-1432014-638966339557022400.webp photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
"خدوها من الأخر". هذا هو الموقف الرسمي للرؤساء الثلاثة حيال إمكانية استعداد لبنان للتفاوض غير المباشر مع إسرائيل على غرار المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة الأميركية مرتين: الأولى في ترسيم الحدود البحرية، والثانية في اتفاق وقف إطلاق النار. وفي هذين المشهدين كان للرئيس نبيه بري الدور الرئيسي والمحوري في هذه المفاوضات غير المباشرة مع عدو لبنان التاريخي.
Advertisement
وهذه "من الأخر" تعني بالترجمة الديبلوماسية للموقف اللبناني أنه إن لم توقف إسرائيل اعتداءاتها اليومية وتبادر إلى الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة فإن أي شكل من أشكال التفاوض لن يؤدّي إلى أي نتيجة، وستبقى الأمور على حالها، وسيبقى الجنوب من دون حركة لإعادة الحياة إليه من خلال إعادة إعمار ما تهدّم، وعودة الأهالي إلى قراهم المهجورة.
و"من الأخر" تعني أيضًا أن لواشنطن دورًا محوريًا. ومن دون هذا الدور الحيادي والايجابي غير المنحاز لن يستطيع لبنان أن يواجه الغطرسة الإسرائيلية لوحده. من هنا فإنه مع مجيء السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى لتسّلم مهامه الجديدة يُنتظر أن تأخذ الأمور المعقدّة منحىً مغايرًا عمّا كانت عليه هذه الأوضاع قبل قمة شرم الشيخ في 13 تشرين الأول، وقبل أن يسري مفعول وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد الانتهاء من مرحلة تسليم حركة "حماس" كامل جثامين الاسرى الإسرائيليين.
ولا نذيع سرًّا عندما نشير إلى أن دوائر القصر الجمهوري تلقت إشارات إيجابية عن ارتياح أميركي وفرنسي تحديداً إلى ما أعلنه الرئيس عون عن استعداد لبنان للتفاوض غير المباشر مع إسرائيل كترجمة فورية لموقف متقدّم من شأنه أن يضع لبنان على المسار الصحيح في ورشة المسيرة السلمية، التي بدأت بغزة، ولن تتوقف عندها بالطبع، بل ستشمل لبنان وسوريا في مرحلة لاحقة، خصوصًا إذا استطاعت واشنطن أن تمارس الضغط الكافي على تل أبيب. وهذا ما يعّول عليه لبنان، الذي لا تزال تراوده الريبة في إمكانية إقدام الإدارة الأميركية على اتخاذ خطوات متقدمة في هذا المجال.
إلاّ أن ما تبلّغه لبنان من أفكار أميركية أولية لصيغة الحل الأشمل قد يبدّد بعض الهواجس اللبنانية، وبالأخصّ بالنسبة إلى الرئيس بري، الذي يُعتبر "الأخ الأكبر" لـ "حزب الله". وهذا ما سمح للجانب اللبناني بأن يكون على استعداد تام لمواكبة أي حركة أميركية إيجابية بالنسبة إلى ما يمكن توقعه من نتائج المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية برعاية أميركية. وقد بدأ الرؤساء الثلاثة بالفعل التشاور بشأن هذه الأفكار التمهيدية توصلًا إلى موقف لبناني موحّد، وتحديد ما يريده لبنان من خلال هذه المفاوضات.
فما يقترحه لبنان من أفكار لانطلاقة سليمة لهذه المفاوضات سبق أن وافقت الحكومة اللبنانية عليها، وهي تقوم على النقاط التالية بالتدرج الزمني: وقف لإطلاق النار لمدة شهرين، يبدأ خلالها التفاوض على الانسحاب الإسرائيلي ووقف نهائي للعدوان وترسيم الحدود البرّية بين لبنان وإسرائيل، وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلّها، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، والاتفاق على منطقة خالية من السلاح بعد إنجاز الجيش خطته لسحب سلاح "حزب الله" نهائيًا من جنوب الليطاني.
المؤشرات الأولية توحي بأن مبادرة رئيس الجمهورية تستند إلى الواقعية السياسية المحكومة بالمسار العام في المنطقة، والذي لا يمكن للبنان أن يكون خارجه، خصوصًا أن ليس أمام لبنان سوى هذا الخيار.
ووفق هذه المؤشرات، فإن الرئيس عون قد استند في مقاربته إلى واقعين: الأول ميداني، والذي لا يزال أسير المراوحة في ضوء الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة بأشكال مختلفة، وآخرها استهداف اقتصادي في العمق الجنوبي. أمّا المقاربة الواقعية الثانية فهي ما سبق أن قام به لبنان من مفاوضات غير مباشرة في التجربة التفاوضية البحرية. وتضاف إلى هاتين المقاربتين مقاربة أخرى تلتقي من حيث أهدافها مع الرؤية العربية لحل النزاعات في المنطقة.
فالتفاوض لا يعني بالضرورة تطبيعًا مع العدو، وليس بالطبع سلامًا من المبكر الغوص في تفاصيله قبل التأكد في المرحلة الأولى بأن نوايا إسرائيل حيال الوضع في غزة سليمة. وأول شروط هذا التفاوض الاّ يتم تحت النار، أي بمعنىً آخر إلزام إسرائيل قبل أي شيء آخر بتطبيق حرفي لاتفاق وقف إطلاق النار، إذ أن لبنان يرفض التفاوض في ظل الاحتلال واستمرار الاعتداءات. وهذا الموقف متفق عليه بين الرؤساء الثلاثة، وقد جاء لقاء الرئيسين عون وبري أمس لتأكيد المؤكد، وبالتالي وضع الكرة في الملعب الأميركي، خصوصا مع اعلان بري ليلا فشل المسار التفاوضي الذي كثرت التحليلات حوله في الايام القليلة الماضية، كاشفا ان الحكومة الاسرائيلية رفضت الفكرة، وابلغت المبعوث الاميركي توم براك بانها غير معنية بذلك.فإذا لم تستطع واشنطن لجم تل أبيب فمن غيرها يستطيع؟  
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas