كتبت" الديار": يبدو ان فترة السماح انتهت مع عودة
واشنطن الى لغة التحذير من الاسوأ، مع اقتحام المبعوث
الاميركي توم براك للمشهد اللبناني، عبر حزمة من التغريدات العالية السقف، بعد فترة من الانكفاء العلني المقصود، الذي اخفى وراءه حركة ناشطة في الكواليس، ارتفعت وتيرتها بعد لقاء رئيس الجمهورية بوزير الخارجية الاميركي ماركو روبيو، على هامش اجتماعات الـ 80 للهيئة العامة للامم المتحدة في نيويورك، بمشاركة براك واورتاغوس، مع ما حملته معها من اشارات بالغة الدقة، «تجاهلها المسؤولون اللبنانيون، وفقا لمصادر اميركية - لبنانية، كاشفة ان لقاء عون - روبيو، تبعته جلسات من النقاش بين المسؤولين في الادارة الاميركية على اكثر من مستوى، من اكثر من جهة، خلصت الى ما اعلنه براك على طريقته، بالاتفاق مع
وزير الخارجية، الذي يتولى حاليا الاشراف على الملف اللبناني، الى حين استلام مساعده لشؤون الشرق الادنى مهامه، بعد الانتهاء من فترة الاغلاق.
وتابعت المصادر بان الجانب اللبناني الرسمي، قرأ كلام الرئيس
دونالد ترامب من اسرائيل في غير موقعه الصحيح، مسقطا «الربط المشروط الذي وضعه»، والذي يصب في اطار كلام براك نفسه، وان جاء بصيغة اكثر عمومية، مؤكدة ان
بيروت مقبلة على ايام صعبة، على كافة المستويات، ذلك ان ما كان مقبولا اميركيا قبل اشهر ورفض لبنانيا، لن يكون مقبولا اليوم، وبالتالي على السلطة
اللبنانية ان تتعامل بواقعية مع فشل اتفاق وقف النار الموقع في 27 تشرين 2024، بكل تداعياته.
وختمت المصادر بان «ترويكا» الحكم في بيروت تتصرف من منطلق انها تقدم حبل النجاة للادارة الاميركية لاخراجها من «الورطة اللبنانية»، وهو ما يجافي الحقيقة تماما، اذ ان «المحشور» هو
لبنان، ومن يحتاج للخروج من المربع الذي يراوح فيه هو بيروت.
ومن باريس، التي «غرد» منها براك على منصة» اكس»، عقد اجتماع بين الاخير ووزير خارجية فرنسا جان - نويل بارو، تناول الملفين اللبناني والسوري، وشؤون المنطقة، حيث جرى نقاش مفصل في مضمون الكلام الذي اعلنه الموفد الاميركي، ساده بعض التمايز لجهة مقاربة الاهداف والنتائج، وفقا لمصادر دبلوماسية مواكبة، مشيرة الى ان مؤتمر دعم الجيش «المتعثر»، احتل مساحة مهمة من النقاش، حيث كان اتفاق على ضرورة الحصول على لوائح مفصلة ودقيقة لحاجات الجيش وفقا لاولويات مراحل الخطة.
وتابعت المصادر، بان باريس تحاول احداث خرق في هذا المجال، عبر «تليين» الموقف الاميركي، والذي ظهر واضحا خلال لقاءات بارو الاسبوع الماضي مع مسؤولين سعوديين، تناولت دعم الجيش والتي انتهت الى خلاصة «سلبية»، في ظل العجز عن تحديد موعد ومكان عقد المؤتمر، وسط صعوبة تامين مشاركين من الجهات المانحة، حيث بينت الاتصالات وجود هوة كبيرة بين اولويات الدول وساحات المساعدات.
مصادر سياسية لبنانية لفتت الى ان لا خلاف «رسمي» مع الثنائي حول مبدأ التفاوض الذي طرحه رئيس الجمهورية، بناء لاقتراح من رئيس الحكومة نواف سلام، الذي عرض فكرة التفاوض وفق النموذج الذي جرى خلال اتفاق الترسيم البحري عام 2022، عبر وساطة «الدبلوماسية المكوكية» التي تولاها في حينه الموفد الرئاسي اموس هوكشتاين، تاركا لرئيس الجمهورية تامين الاجماع الداخلي حول الخطوة، في رد على الطروحات الاميركية المتتالية والضاغطة باتجاه حوار مع تل ابيب، ثابته ان يكون مباشرا.
واشارت المصادر إلى أن لبنان بات اليوم أمام واقع جديد ومغاير عن المراحل السابقة، كاشفة ان المفاوضات التي قيل إنها جاءت من خلال عرض قدم لرئيس الجمهورية في نيويورك لا صحة لها، بل هناك جدية أميركية في دفع لبنان نحو المفاوضات مع
إسرائيل، في ظل تنسيق أميركي -
سعودي، قد يكون لبنان لاحقا على أجندته، متوقعة زيارة للموفد الاميري السعودي يزيد بن فرحان الى بيروت خلال الايام المقبلة.
وتتابع المصادر بان ثمة وجهة نظر في البلد لا يستهان بها، تنطلق من ضرورة اعتماد بيروت مقاربات اكثر مرونة في التعامل مع المتغيرات الاقليمية، خصوصًا مع ضيق الوقت والضغوط الأميركية المتزايدة لتحديد مسار واضح قبل نهاية العام الحالي، في حين تواصل إسرائيل تصعيدها الميداني على الحدود، ما يجعل أي تأخير إضافي مكلفًا سياسيًا وأمنيًا.
قاسم ينتقد
في المقابل، وفب توقيت لافت، هاجم
الأمين العام لـ "
حزب الله" الشيخ نعيم قاسم وزير العدل وحاكم مصرف لبنان، فقال: "حاكم مصرف لبنان ليس موظفًا عند أميركا، كي يضيّق على المواطنين بأموالهم وعلى الحكومة أن تضع حدًا له". وقال: "وزير العدل ليس ضابطة عدلية عند أميركا وإسرائيل وعليه أن يتوقف عن منع المواطنين في معاملاتهم".
وسأل: "هل لبنان سجن لمواطنيه بإدارة أميركية؟ وقال: "عليكم أن تكونوا تحت إمرة وإدارة الحكومة اللبنانية لمصلحة الشعب اللبناني".
في موضوع السلاح شدد الشيخ قاسم على أن "من يظن أن إلغاء سلاح "حزب الله" ينهي المشكلة فهو مخطئ لأن سلاحه جزء من قوة لبنان، وهم لا يريدون للبنان القوة". وتابع متوجهًا إلى الإدارة الأميركية وتوم براك قائلًا: "كفى تهديدًا للبنان من أجل إعدام قوته وجعله جزءًا من إسرائيل الكبرى"، مشيرًا إلى أن "استقرار لبنان يتحقق من خلال كف يد إسرائيل. لا يمكن أن يعطي لبنان إسرائيل ما تريد ولا أميركا، طالما هناك شعب أبي وتضحيات كبيرة قدمت وقابلة لتقدم".
وأكد وجوب أن "يبقى لبنان سيدًا حرًا عزيزًا مستقلًا"، لافتًا إلى أن "إسرائيل لا تريد تطبيق الاتفاق وإنهاء النزاع بينها وبين لبنان لأنها تريد ابتلاع لبنان وإلغاء وجوده".