Advertisement

لبنان

الحدث ما بعد زيارة البابا إلى لبنان

Lebanon 24
24-10-2025 | 22:35
A-
A+
Doc-P-1433747-638969691153112165.webp
Doc-P-1433747-638969691153112165.webp photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتب جيرار ديب في " اللواء": حدث الزيارة لا يقلّ أهمية عن توقيتها في وقت تشهد الساحة الداخلية في لبنان مزيداً من التوتر والتأزّم نتيجة ممارسة واشنطن الكثير من الضغوط على السلطات المعنية الرسمية للذهاب بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل. لقد أثارت تصريحات المبعوث الأميركي توم باراك، موجة قلق حول خطورة الجمود السياسي القائم واحتمال تحوّل الهشاشة الأمنية إلى مواجهة عسكرية واسعة.
Advertisement

رغم إن قداسته لم يصرّح حول جدول زيارته، إلّا أنّ إصراره على الزيارة في ضوء التسريبات التي تناولت ما خرج على لسان الملكة رانيا، ملكة الأردن من الطلب من قداسته عدم تخصيص الزيارة إلى لبنان. إلّا أنّه من الواضح أن الزيارة تحمل تأكيداً بابوياً على دور لبنان التاريخي الذي ذكره البابا الراحل، جان بول الثاني، عندما قال «لبنان أكثر من بلد، إنه رسالة»
هذا ما سيحمله البابا لاوون، ويريد التأكيد عليه، ونشره بين عواصم العالم، إضافة إلى دعم مبدأ حيادية لبنان عن كرة النار في المنطقة. ولكنّ التعقيدات الداخلية اللبنانية التي وصلت إلى حدّ إحداث شرخاً عامودياً بين اللبنانيين، أفقد هذا البلد رسالته وأدخله في صلب الصراعات الدولية، واصبح ساحة لإيصال الرسائل والتناحر بين الدول على حساب مصالحه. فإيران التي تجد فيه ورقة ضغط في ملفاتها مع الغرب، خرجت إسرائيل لتخبرنا عن «منطقة ترامب» الاقتصادية في المناطق الحدودية اللبنانية، في دلالة على إن ما يقوم به جيشها بمنع العودة للقرى المحاذية مع فلسطين المحتلة، تدخل ضمن استراتيجية أميركية بتنفيذ إسرائيلي قد لا تتوقف في جنوب لبنان، بل في قطاع غزة وربما أبعد.
لا تفاوض ولا سلام، هذا يعني أن لا خرق محتمل للخروج من عنق الزجاجة، ما يؤكد على فرضية العودة إلى الحرب ولكن بتساؤل حول التوقيت، هل سيفتتحها الإسرائيلي قبل الزيارة الأمر الذي سيقطع على لبنان فرصة وضعه في دائرة الاهتمامات الدولية؟ أم بعدها على أن يكون لدى الإسرائيلي متسع من الوقت لإنهاء ملف غزة التي يخرق اتفاقيتها بين الحين والآخر، رغم تأكيد الطرفان على الالتزام ببنودها؟
وكتب ميشال نصر في" الديار": مصادر في الحاضرة البابوية اشارت الى ان زيارة البابا ليست مجرّد محطة رعوية، بل حدث سياسي بامتياز، اذ تعكس قلق الفاتيكان المتزايد من تراجع الوجود المسيحي في الشرق، مؤشرة إلى محاولة لإعادة التوازن في بلدٍ كان يوماً "ميزان المنطقة"، قبل أن يتحوّل إلى مسرح لتصادم المصالح الإقليمية والدولية.
وتابعت المصادر بان الدوائر المعنية في الحاضرة البابوية، التي تتابع الوضع اللبناني بدقة وعن قرب، تدرك مدى انكشاف الدور المسيحي داخل الدولة ومؤسساتها، نتيجة الخلافات الشخصية والطموحات الفردية لقادة الأحزاب والتيارات، التي لطالما ادّعت تمثيل المسيحيين، فيما القواعد الشعبية غارقة في لامبالاة واستسلام لواقع انتج غربة وهجرة، وهو واقع لا يعالج بخطابات الشكوى، بل بإعادة الاعتبار إلى مفهوم الشراكة الوطنية. فالمسيحيون كانوا دوماً عنصر التوازن في الدولة اللبنانية، وانكفاءهم يعني سقوط فكرة لبنان ككل، لا مجرد خسارة طائفة من مكوّناته، وهو ما ستركز عليه عظات وكلمات الحبر الاعظم.
لذلك، املت المصادر أن تصل رسالة الزيارة بوضوح إلى العواصم الإقليمية، من طهران إلى الرياض مروراً بدمشق والقاهرة، ومفادها أن حماية التنوّع ليست ترفاً غربياً، بل شرط من شروط الاستقرار الحقيقي. فلبنان بالنسبة إلى الفاتيكان، ليس جزيرة مسيحية، بل نموذجٌ للعيش المشترك، إذا انهار انهارت معه فكرة الشرق المتنوّع. ومن هنا خشية الفاتيكان أن يُترك لبنان لمصيره، وأن يتحوّل إلى ورقة تفاوض هامشية في "الصفقات الكبرى"، كما حصل سابقا، لذا يسعى البابا إلى إعادة إدراجه على الاجندة الدولية كقضية هوية ورسالة، لا كعبء سياسي.
وختمت المصادر بالقول، الزيارة لن تكون احتفالاً كنسياً بقدر ما هي إنذار سياسي من أعلى سلطة روحية في العالم المسيحي ، ومحاولة فاتيكانية لإنقاذ ما تبقّى من "لبنان الرسالة". فالكلمة التي سيقولها البابا، مهما كانت ديبلوماسية، ستكون صرخة في وجه الطبقة السياسية اللبنانية "لانقاذ البلد قبل أن يفقد نهائياً"، لان الوقت يضيق، فيما تبقى الرسالة الاهم  لكل من باريس وواشنطن ، ومفادها ان "لبنان ليس مجرد ملف صغير في السياسة الشرق أوسطية، بل مساحة رمزية يجب الحفاظ عليها كجسر بين الحضارات، إذا سقط فإنّ الشرق الأوسط كلّه سيتحوّل إلى فضاء من الأحادية الدينية والثقافية". يبقى السؤال الأعمق: هل سيترجم هذا الأمل فعلاً على الأرض؟ أم ستبقى الزيارة مجرّد لحظة عاطفية عابرة، سرعان ما تذوب في واقعية السياسة اللبنانية المعتادة؟ فالتجربة تُثبت أن أي دعم خارجي، مهما كان معنويا، لا يمكن أن يثمر من دون إرادة داخلية جدية للإصلاح والمصالحة. فهل يسمع اللبنانيون صوت الفاتيكان، قبل أن تُقرع الأجراس على وطنٍ يحتضر؟  
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك