كتب أندريه مهاوج في"نداء الوطن": تعيش الدبلوماسية
الفرنسية حالة من القلق المتزايد إزاء التطورات العسكرية الأخيرة في جنوب
لبنان، بعد سلسلة من الهجمات
الإسرائيلية بطائرات مسيّرة استهدفت مواقع قريبة من قوات
الأمم المتحدة الموقتة (اليونيفيل). فرنسا، التي تُعتبر أحد أبرز المساهمين في هذه القوة الدولية، عبّرت عن استنكارها الشديد لهذه الاعتداءات المتكررة، واعتبرتها انتهاكًا صارخًا لقرار
مجلس الأمن رقم 1701 ولوقف إطلاق النار الموقع في تشرين الثاني 2024. وفي بيان صادر يوم أمس الاثنين دانت الخارجية الفرنسية إطلاق النار
الإسرائيلي الذي استهدف "اليونيفيل" في 26 من الشهر الحالي، وأكد البيان أن احترام وقف إطلاق النار المبرم في 26 تشرين الثاني 2024 واجب على كل الأطراف من دون استثناء، ضمانًا لأمن المدنيين على جانبي الخط الأزرق، وتدعو
إسرائيل إلى الانسحاب الكامل من الأراضي
اللبنانية كافة .
في بياناتها الأخيرة، أظهرت باريس لهجة حازمة تجاه إسرائيل، مطالبةً إياها بوقف الهجمات الجوية وسحب قواتها من كامل الأراضي اللبنانية، مؤكدة أن حماية قوات حفظ السلام هي "واجب قانوني وأخلاقي" على جميع الأطراف.
لكن خلف هذا الخطاب الصارم، يدرك صانعو القرار في باريس أن هامش المناورة الفرنسي محدود. ففرنسا لا تملك أدوات ضغط فعلية على تل أبيب، ولا على "
حزب الله". لذلك يصف دبلوماسي فرنسي رفيع الموقف الحالي بأنه "مزيج من الغضب والعجز".
في الجوهر، تسعى فرنسا إلى تثبيت معادلة دقيقة: وقف الاعتداءات الإسرائيلية من جهة، وتعزيز سيادة الدولة اللبنانية من جهة أخرى. وهي ترى أن استمرار وجود سلاح "حزب الله" خارج سلطة الدولة يعرقل تطبيق القرار 1701 ويُضعف قدرة
الجيش اللبناني على فرض سيطرته في الجنوب.
من هنا، تواصل باريس دعمها لمشاريع تعزيز الجيش اللبناني وتوسيع انتشاره بالتعاون مع "اليونيفيل"، معتبرةً أن نزع سلاح "الحزب" أو على الأقل تحجيم دوره العسكري، هو شرط أساسي لأي استقرار طويل الأمد، وهي تواصل مساعيها مع
المملكة العربية السعودية لعقد مؤتمر لدعم الجيش اللبناني وتحث في الوقت نفسه السلطة اللبنانية على العمل يدًا واحدة لتنفيذ قرارات الحكومة بشأن حصر السلاح من دون تأخير لأن الوقت ليس لصالح لبنان.