نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً جديداً تحدثت فيه عن مدى وجود إمكانية لاندلاع حرب جديدة في لبنان، متحدثة مع خبراء بهذا الشأن.
التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" يقول إن "الغارات الإسرائيلية الأخيرة في الأيام الماضية، أدت إلى مقتل عناصر من حزب الله في مناطق متعددة من لبنان، بما في ذلك البقاع والجنوب، فيما أفيد عن هجوم آخر قرب الناقورة، مما يُبرز كيف تحول الصراع إلى نمط من العنف اليومي المحدود رغم بنود وقف إطلاق النار. وحتى 27 تشرين الأول 2025، لا تزال الجبهة تُدار بغارات ودوريات يومية مُعدّلة، بدلاً من آليات وقف إطلاق النار الرسمية".
وتابع: "تزامن ذلك مع بؤرة توتر نادرة شملت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. فخلال عطلة نهاية الأسبوع قرب كفركلا، أسقطت دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) طائرة استطلاع إسرائيلية مسيرة، وقالت اليونيفيل إن الطائرة حلقت بشكل عدواني فوق دوريتها".
وأكمل: "بعد ذلك بوقت قصير، ألقت طائرة مسيرة قنبلة يدوية، وأطلقت دبابة إسرائيلية النار باتجاه قوات حفظ السلام ولم تُبلغ عن إصابات. من ناحيته، صرّح الجيش الإسرائيلي بأن الطائرة المسيرة التي أُسقطت كانت في مهمة استطلاع روتينية، ونفى تعريض قوات حفظ السلام للخطر، واصفاً القنبلة اليدوية بأنها إجراء لمنع دخول الموقع".
وأضاف: "تُبرز الروايات المتضاربة مدى ضآلة هامش الخطأ على طول الخط الأزرق. يُكلّف قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 (الصادر عام 2006) لبنان بنشر القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب، وتقييد الأسلحة غير المصرّح بها، واحترام الخط الأزرق، بينما تدعم اليونيفيل التنفيذ وفضّ الاشتباك، حيث يُدار هذا الأخير من خلال اجتماعات اليونيفيل الثلاثية في الناقورة مع الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وهو أمرٌ مفيدٌ لإدارة الأزمات حتى في ظلّ ضعف التنفيذ".
ويقول التقرير إنّ "المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس وصلت إلى بيروت لإجراء محادثات تركز على نزع سلاح حزب الله بموجب اتفاق 2024، وذلك بعد أيام من تكثيف الضربات الإسرائيلية"، وتابع: "تأتي زيارة أورتاغوس عقب مشاورات في إسرائيل وجولات حدودية مع مسؤولين عسكريين، في إطار تحول أوسع نطاقاً يعتمد على قنوات أميركية مباشرة، في ظل توتر أطر العمل الأممية".
ووصف إيال زيسر، نائب رئيس جامعة تل أبيب والمتخصص في العلاقات اللبنانية السورية الإسرائيلية العربية، لصحيفة "ميديا لاين"، صراعاً مستقراً يحكمه تكتيكات يومية وليس خططاً كبرى، وقال: "منذ تشرين الثاني 2024، لا يزال الوضع على حاله، فوقف إطلاق نار غير ملزم من أيٍّ من الجانبين. على الجانب الإسرائيلي، نرى حرية التصرف على المستوى التكتيكي. إنها ليست حرباً كبرى، ولا حدثاً دراماتيكياً، ولكن كل يوم هناك هجوم محدود هنا وهناك، يُسفر عن مقتل عضو واحد من حزب الله، لا أكثر ولا أقل. ... من حين لآخر، هناك اشتباك مع الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، ولكنه محدود ومُحتوى من كل الأطراف"، كما قال.
وبشأن احتمال اندلاع حملة عسكرية إسرائيلية أوسع، جادل زيسر بأن عتبة التوتر لا تزال مرتفعة، وقال: "ما دام حزب الله لا يردّ ويبقي مستوى ردّه منخفضًا، فهذه هي سياسته، فلن يحدث شيء... ما دام لا شيء يتغير على الأرض، أعتقد أن الوضع سيستمر على ما هو عليه الآن".
وفي ما يتعلق باليونيفيل والجيش اللبناني، صرّح زيسر قائلاً: "اليونيفيل لديها أقل من عام؛ سترحل. لا أحد يعتبرها فعّالة أو لاعباً. إنها لا تُعيق ولا تُساهم؛ ليس لها معنى، ويتم تجاهلها عموماً. كذلك، فإن اللبناني ربما يكون بوابةً لمستقبل أفضل، لكنه في الوقت الراهن لا يفعل شيئاً".
وأكمل: "تأمل الحكومة اللبنانية أن ينزع حزب الله سلاحه بنفسه، لكنه لن يفعل... ولأنه لا يفعل شيئاً، فلا يوجد ضغط على إسرائيل من الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى لوقف أنشطتها ضد هذه التهديدات".
ومن بيروت، قال عزام، وهو محلل سياسي لبناني طلب عدم الكشف عن هويته إلا من خلال اسمه الأول، لصحيفة "ميديا لاين" إن "تصاعد الأعمال العدائية في أيلول 2024 حطم أي قواعد عملية للاشتباك، تاركًا واقعاً يحكمه الردع الخام".
وذكر أن "حزب الله اعتمد مستوى أقل في الجنوب مع الاحتفاظ بالعمق في كل أنحاء البلاد"، في حين ردت إسرائيل "بحملة ضربات بلا حدود" تستهدف أصول حزب الله في كل أنحاء البلاد.
وأشار إلى أن الجيش اللبناني يحاول إعادة تأكيد وجود الدولة من دون مواجهة حزب الله بشكل مباشر، ويعتمد على الغموض للحفاظ على التماسك الداخلي.
وقال أيضاً إن التنسيق بين اليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية قد تحسن من الناحية الإجرائية، والدوريات المشتركة، وتخفيف حدة الصراع مع الجيش الإسرائيلي في الناقورة، لكنه يعمل "أكثر للسيطرة على الأضرار من التنفيذ القوي"، وهي النقطة التي أثبتتها حادثة الطائرة من دون طيار في نهاية الأسبوع.
وحذر من أن "الانسحاب المخطط له من قبل اليونيفيل يترك الجنوب معرضاً لخطر فراغ الردع الذي لا تمتلك القوات المسلحة اللبنانية القدرة على ملئه".
وفي ما يتعلق بأهداف أي تحرك إسرائيلي مستقبلي، زعم أن إسرائيل لن تسعى فقط إلى تدهور الذخائر، بل أيضاً إلى تفكيك "البيئة المواتية".
وأشار إلى أن "أهداف الحملة ستتجاوز إضعاف ترسانة حزب الله، إلى تفكيك البيئة المواتية: الغطاء السياسي، والبنية التحتية المدنية، والأنظمة اللوجستية التي تدعم نموذج الردع لحزب الله".
المحلل يقول إنه "مع الهدوء النسبي في غزة، يتجه انتباه إسرائيل نحو الشمال، ونافذة لبنان للتحرك هي أسابيع، لا أشهر"، ويتضيف: "التخطيط للطوارئ يعكس هذه التوقعات القاتمة؛ إذ يستعد الجيش الإسرائيلي لحملة ضربات سريعة وعالية الكثافة تهدف إلى فرض قواعد ردع جديدة؛ وفي الوقت نفسه، يقوم حزب الله بتفريق أصوله ويستعد لمعركة طويلة الأمد؛ ومن غير المرجح أن يتدخل الجيش اللبناني، الذي يعاني من نقص التجهيز والمحاصر سياسياً، بشكل حاسم".