كتب محمد دوغان في" اللواء": في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، اختار «حزب الله» أن يوجّه كتاباً مفتوحاً إلى الرؤساء الثلاثة وإلى اللبنانيين كافة، معلناً تمسّكه بخيار المقاومة ورفضه لأي مسار تفاوضي جديد مع إسرائيل.
رسالة الحزب جاءت لتؤكد أن السلاح ليس مطروحاً للتفاوض، وأن السيادة لا تُناقش تحت الضغط، في موقف يعيد رسم حدود اللعبة السياسية بين الدولة والمقاومة، ويمهّد لمرحلة جديدة من التوتر البارد على خط
لبنان - إسرائيل.
الكتاب الذي حمل لهجة وطنية جامعة، جاء ردًّا على ما وصفه الحزب بـ«محاولات جرّ لبنان إلى مفاوضات تخدم مصالح العدو».
فالحزب يؤكد أن لبنان ليس معنياً بأي مسار تفاوضي جديد بعد وقف النار، وأن أي ضغوطا أو وساطات أميركية لن تغيّر موقفه من الثوابت الاستراتيجية.
وكتب الان يركيس في" نداء الوطن": تشغل المفاوضات التي أطلق مسارها رئيس الجمهورية جوزاف عون الرأي العام اللبناني. وتعتبر مصيريّة لأنها قد تُقرّر مستقبل لبنان والمنطقة، فإذا سارت بإيجابية ستنعم البلاد باستقرار تفتقده منذ نكبة 1948. لكن "
حزب الله" يعمل بسلبية بعد بيان الأمس ويرفض التفاوض.
وفي هذا السياق، تعيش الدولة
اللبنانية مرحلة تخبّط لا مثيل لها، فقمة الإحراج بالنسبة إليها هي عدم موافقة "حزب الله" على الذهاب إلى المفاوضات، وهذا ما أظهر عجزها الفعلي ولا تستطيع حينها فعل أي شيء أو مخاطبة المجتمع العربي والدولي.ولا يتوقف الأمر على جواب "حزب الله" السلبي وحده، بل الطرف المعني بالمفاوضات أي إسرائيل، وحتى الساعة لم تُبلغ الدولة اللبنانية بردّها على طرح
الرئيس عون الذهاب إلى التفاوض، ولا تزال تدرس الموضوع ولم تُحدّد مطالبها بعد أو أي إطار تفاوض تريده ومستوى وشكل هذا التفاوض.
ويطرح تأخير الردّ
الإسرائيلي علامات استفهام عن النوايا التي تختزنها، وهناك تخوّف داخل الدولة اللبنانية عبّرت عنه مصادر متابعة للملف اللبناني - الإسرائيلي وهو أن تلاقي مسألة التفاوض المصير نفسه الذي أتى بعد طرح ورقة برّاك.
من هنا، يبقى لبنان معلقًا على خشبة الانتظار، لأن تل أبيب هي اللاعب الأقوى و"الحزب" يلعب بمصير البلاد ولا قدرة للدولة على الذهاب إلى أي مفاوضات من دون رضاه.
وكتب غاصب المختار في" اللواء": وبرأي جهات سياسية رصدت بدقة كتاب الحزب الى الرؤساء والشعب اللبناني، ان الحزب رفض في كتابه صيغة التفاوض التي يطرحها
الاميركي والاسرائيلي.
وترى الجهات السياسية ان موقف الحزب من التفاوض يساند عملياً ولا يعرقل موقف الحكم، لأنه موقف رافض للتفاوض المباشر وبخاصة السياسي منه، كما هو موقف لبنان الرسمي، ورافض لكل الاملاءات والشروط الاسرائيلية، وما يُسرَّب عن املاءات وشروط اميركية، وهو امر يُعزّز ما تردّد عن موقف
مصري أبلغه مدير المخابرات اللواء حسن رشاد الى لبنان برفض الشروط الاسرائيلية والتمسك بمواقفه لتقوية وضعه خلال التفاوض اذا تم.
وحسب مصادر مرجع رسمي كبير، فإن التفاوض لمعالجة الوضع جذرياً في الجنوب هو البديل الوحيد عن الحرب، وإن الحكم يقوم بالاتصالات شبه اليومية مع الجانب الاميركي بشكل خاص لا سيما مع «المستشارة» مورغان اورتاغوس المشرفة السياسية على عمل لجنة الميكانيزم، وتبين خلال الاتصالات معها أن لا صحة لكثير من المعلومات التي يتم تسريبها عن التوجهات الاميركية، وانها دعت الحكم والحكومة الى التروي وإنتظار تسلّم السفير الاميركي الجديد في
بيروت ميشال عيسى مهامه رسمياً، لأنه يملك مفتاح خزنة أسرار التوجهات الاميركية الجديدة حيال لبنان، مع تأكيد مصادر المرجع المذكور بأن الغموض ما زال يلف صيغة وعناوين وشكل المفاوضات المحكي عنها، لكن كل هذا سيتبين عند وصول السفير عيسى الى بيروت ليُبنى الموقف اللبناني الرسمي النهائي على الموقف الاميركي الرسمي والتفاصيل التي يحملها السفير. بينما لم يعد من دور مباشر او غير مباشر للموفد طوم برّاك في لبنان، على الاقل في هذه المرحلة وربما في مراحل لاحقة وقد لا يعود الى لبنان بعد وصول السفير عيسى.
وقد عبّر رئيس الجمهورية جوزيف عون اكثرمن مرة بأن «التفاوض هو خيار الدولة الوحيد في هذه الظروف الصعبة لأننا جربنا الحرب»، لكن هذا لا يعني التفريط بحقوق لبنان الوطنية وسيادته، فكل الذي يطلبه الرئيس عون هو تحرير الارض واستعادة النقاط المحتلة وتحرير الاسرى اللبنانيين وتثبيت الحدود البرية جنوباً لبناء الاستقرار الذي يحتاجه البلد.