كتبت امل شموني في"نداء الوطن": في واشنطن، توقف الخبراء الأميركيون في سياسات
الشرق الأوسط عند الموقف اللبناني الذي تمثل بتصريحات الرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام بفتح
لبنان باب السلام، حتى لو كان شقًا صغيرًا. واعتبروا أن الحوار، وإن كان مترددًا ومتقطعًا، أصبح الآن جزءًا من الخطاب الرسمي. غير أنهم أكدوا أن نجاح هذه الخطوة يتطلب قيادةً ورؤيةً مستدامتين، بالإضافة إلى استعدادٍ لمواجهة المحرمات التاريخية والمصالح الراسخة.
وتشير مصادر في الخارجية الأميركية إلى أن آفاق السلام بين لبنان وإسرائيل تأتي في مواجهة مزيج غير مسبوق من إرهاق الحرب، والمبادرات الدبلوماسية، والضغوط الدولية والداخلية المتزايدة. لكن العقبات الاستراتيجية لا تزال هائلة وأهمها نزع سلاح "
حزب الله".
ومع بروز هذا الاحتمال الواعد، يظل التدخل الأميركي محوريًا، إذ يعمل كقوة استقرار تُسهّل التقدم من خلال دور واشنطن الضامن لأمن
إسرائيل والمحفز للإصلاح اللبناني. إذ تمتلك
الولايات المتحدة ترسانة فريدة من الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية التي يمكنها الضغط على كل من لبنان وإسرائيل نحو حوار هادف.
تسعى إدارة ترامب إلى التعامل مع تعقيدات الديناميكيات الداخلية والإقليمية في الشرق الأوسط من خلال مزيج من الضغط (العصا) والحوافز (الجزرة). وبالنسبة للبنان، فقد صعّدت الولايات المتحدة الضغط الدبلوماسي، مطالبةً بإجراء "محادثات جوهرية مع إسرائيل والالتزام بمعايير نزع السلاح"، مؤكدةً أن المساعدات الاقتصادية الدولية مشروطة بإحراز تقدم ملموس. وتشير مصادر قريبة من البيت الأبيض، إلى أن ترامب لا يعارض فكرة فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون "آفاق التفاوض وبالتالي إمكانية التوصل إلى التطبيع"، على أنه تتويج لـ "اتفاقات أبراهام" ونقطة انطلاق لـ "شرق أوسط جديد".
ويُعدّ اتفاق الحدود البحرية الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في عام 2022 بمثابة معيار لفهم الفعالية المحتملة للوساطة الأميركية. من هنا، ولتسهيل المحادثات المستقبلية، تقول غدار، يمكن للوساطة الأميركية وضع إطار عمل منهجي يربط الانسحابات
الإسرائيلية من المناطق الحدودية المتنازع عليها بالانتشار الأمني المقابل للجيش اللبناني واتخاذ خطوات ملموسة نحو نزع سلاح "حزب الله"، وإشراك الدول العربية الحليفة والشركاء
الأوروبيين في العملية، سواءً بالدعم المالي أو بممارسة الضغط من وراء الكواليس، وربط أي تسوية تفاوضية بالآليات الدولية، ما قد يؤدي إلى توسيع جهود مراقبة وقف إطلاق النار وربط المساعدة الاقتصادية طويلة الأجل بالتقدم المحرز في التنفيذ.
غير أن الوساطة الأميركية ليست خالية من التحديات. فمقاومة
بيروت للضغوط الدولية، إلى جانب المشهد السياسي المجزأ في لبنان وانعدام الثقة المتجذر بين لبنان واسرائيل، يُعقد عملية التفاوض. لذلك، يشير مصدر دبلوماسي إلى أن نجاح الوساطة سيعتمد على الالتزام الأميركي المستمر، والدبلوماسية المبتكرة، والاستعداد لتطبيق المواعيد النهائية ومعايير الامتثال دون إثارة المزيد من التصعيد.