ذكر موقع "Tehran Times"
الإيراني أن "الأحداث الدراماتيكية التي هزت بيت جن فجر الجمعة أحيت سؤالاً طالما تردد في الأوساط الأمنية الإقليمية: هل يقف جنوب
سوريا على أعتاب تطوير نموذج
المقاومة الخاص بها على غرار
جنوب لبنان؟ لقد كشف التصعيد غير المسبوق الذي أطلقته
إسرائيل، بعد اشتباك مباشر مع خلية مسلحة محلية، عن أنماط تذكرنا بالأيام الأولى للصحوة
اللبنانية المناهضة للاحتلال. وبدأت المواجهات عندما قامت دورية إسرائيلية بدخول الأراضي
السورية لاعتقال ثلاثة مواطنين محليين، إلا أن مجموعة صغيرة من الأشخاص نصبوا كمينًا للدورية، وأصابوا الجنود وكادوا أن يأسروهم بعد تعطيل مركبتهم".
وبحسب الموقع، "أثار فرارهم رد فعل كاسح وعقابي، إذ أدت ساعات من الضربات الجوية والمدفعية إلى تدمير حوالى عشرين منزلاً مدنياً، مما أجبر العائلات على الفرار تحت وطأة القصف. وبحلول منتصف النهار، قُتل ثلاثة عشر مدنياً، ومن المتوقع أن يزداد الرقم نظراً لبقاء الجثث تحت الأنقاض. وسارعت وسائل إعلام إسرائيلية إلى تأكيد خطورة الحادث، ونُقل خمسة جنود جرحى جواً إلى مركز شيبا الطبي، ثلاثة منهم في حالة حرجة. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوجود إحباط داخل القيادة الشمالية، منتقدةً سوء التخطيط الذي ترك الدورية "مكشوفة". واعترفت إحدى الصحف بصراحة: "لا يزال جنوب سوريا منطقةً يستهدفنا فيها أي شخص يحمل سلاحًا على الفور"."
ورأى الموقع أن "هذا الاعتراف مهم، فهو يعكس بدقة ما وصفته إسرائيل ذات مرة في جنوب
لبنان خلال سنوات الاحتلال: مشهدٌ يستحيل السيطرة عليه، وشعبٌ يرفض الاستسلام، وحدودٌ ترفض التهدئة. والأهم من ذلك، أن أحداث بيت جن حطمت وهمًا نقديًا. فلسنوات، حاول إسرائيل تطبيع غزواتها: أعمال صغيرة، ثابتة، متعمدة، دون أي اعتراض، تهدف إلى تدريب السكان على الصمت القسري. لكن كمين يوم الجمعة أحدث أثرًا معاكسًا: تمزقًا نفسيًا. فقد أظهر أنه رغم الإرهاق والنزوح وتآكل سلطة الدولة، لا تزال المجتمعات المحلية قادرة على توليد مقاتلين، والعمل باستقلالية، وتحدي العدوّ دون انتظار تأييد سياسي".
وتابع الموقع، "هذا ما حدث بالضبط في جنوب لبنان في ثمانينيات القرن الماضي. فلم تولد المقاومة اللبنانية بقرار رسمي، بل نشأت بسبب غياب الدولة، ووحشية المحتل، وقرار الشعب حماية كرامته في وقت لم يستطع فيه أحدٌ غيره ذلك. وتتمتع منطقة جنوب سوريا اليوم بالعديد من المكونات عينها: سلطة مركزية ضعيفة، ومجتمعات ريفية تتعرض بشكل متكرر للعنف عبر الحدود، وشبكات اجتماعية متجذرة قادرة على إنتاج تشكيلات دفاعية محلية. إن أكبر مخاوف اسرائيل هو أن تصبح بيت جنّ نموذجًا يُحتذى به. فكل قرية تقاوم تُشجع أخرى، لا سيما تلك التي لها تاريخها الخاص".
وأضاف الموقع، "لقد حذر محللون إسرائيليون بالفعل من أن السماح حتى لمجموعة صغيرة بالعمل بحرية على الحدود السورية من شأنه أن يشكل "خطأ استراتيجيا قاتلا"، وهي العبارة التي استخدمت مرة واحدة، حرفيا تقريبا، لوصف الخلايا المبكرة لحزب الله في جنوب لبنان. إن نجاح جنوب سوريا في محاكاة نموذج جنوب لبنان بالكامل يعتمد على عامل حاسم واحد: إرادة الشعب عندما تعجز الدولة عن حمايته. وتشير المؤشرات الصادرة من بيت جن إلى أن هذه الإرادة تستيقظ، بهدوء ولكن بلا شك".
وبحسب الموقع، "إن الضغوط التي قد تُحطم مجتمعًا تُنشئ بدلاً من ذلك أقوى مُدافعيه. وبهذا المعنى، يقف الشباب السوري تمامًا كما وقف شباب جنوب لبنان سابقًا: مُواجهين للخطر، ومع ذلك مُفعمين بوعيٍ عميق بأن الدفاع عن الأرض لم يعد خيارًا، بل واجب. إذا كانت بيت جن مجرد لمحة، فالرسالة جلية: سينتصر الشباب السوري، ليس لأنهم يسعون إلى الحرب، بل لأن الحرب فُرضت على منازلهم وشوارعهم ووجودهم. ومثل شباب جنوب لبنان من قبلهم، قد يُقررون قريبًا أن التاريخ لا ينتظر الإذن، بل يصنعه أولئك الذين يرفضون العيش بلا كرامة"