كتب عيسى يحيي في" نداء الوطن": مع مرور عام على اندلاع الحرب الأولى بين
إسرائيل و "حزب اللّه"، يعود الحديث بقوّة عن احتمال توسّع المواجهة مجدّدًا وتوجيه إسرائيل ضربة جديدة، ما يعيد إلى الواجهة السؤال عن الاستعدادات المحلية في المناطق الأكثر عرضةً للخطر، لا سيّما في بعلبك الهرمل المحافظة الأكبر مساحة، والتي شكّل فيها التضامن بين الأهالي
النازحين والبلدات المضيفة خلال الحرب الماضية نموذجًا يحتذى به شعبيًا، وينتقد سياسيًا بسبب تصريحات المسؤولين وتخوين البيئات المضيفة وراعيها السياسي على مدى عام. في أكثر من بلدة، يتحرّك رؤساء البلديات بصورة فردية أو بالتعاون مع فاعليات محلية لوضع تصوّر أوّليّ يشمل تحديد مراكز استقبال، أو تلك التي كانت مستخدمة سابقًا، من مدارس وقاعات، والتواصل مع المنظمات الدولية لتأمين المساعدة الطارئة عند الحاجة. لكن هذه التحرّكات تبقى محدودة، من دون خطة وطنية واضحة وشاملة تحدّد آلية الإخلاء والتموين والإيواء، فالبلديات تواجه نقصًا في الإمكانيات المالية واللوجستية.
رئيس بلدية بعلبك أحمد الطفيلي قال : "على الرغم من كلّ الأجواء المتشنجة والتوقعات بعدوان صهيوني قريب، إلّا أننا لا نعتقد أن عدوانًا كهذا سيحصل فعلًا ضمن الظروف الحالية، غير أن بلدية بعلبك تعمل من باب الاحتياط على تأمين الجهوزية لأي حالة طارئة، ولن توفر أيّ جهد وفقًا للإمكانيات المتاحة والمتوفرة حاليًا والاستفادة من الخبرات السابقة. وعليه، قامت البلدية بالتنسيق مع وحدة الحدّ من مخاطر
الكوارث في
الصليب الأحمر، بتدريب
أعضاء المجلس وكوادر من الموظفين والعمّال ليكونوا على جهوزية للعب أدوار في حال حدوث أي طارئ، كما قامت بتوزيع المهام اللازمة، وهي تعمل مع الوحدة على استكمال خطة الطوارئ، كذلك، فالبلدية على تنسيق دائم مع إدارة الكوارث في المحافظة ومع كافة الأجهزة المعنيّة بأعمال الإغاثة من أجهزة أمنية وإسعاف ودفاع مدني وغيره".
وأكد أن البلدية تقوم بصيانة دوريّة لتأهيل الآليات التي يمكن أن تستخدم خلال أيّ طارئ، داعيًا إلى اعتماد اللامركزية في الاستجابة لأي طارئ وعدم ربط هذه المساعدة والاستجابة بالإدارة المركزية.
بدوره، قال رئيس بلدية بتدعي جان فخري ورئيس اتحاد بلديات دير الأحمر لـ "نداء الوطن": "إن تجربة النزوح في منطقة دير الأحمر خلال ستة وستين يومًا العام الفائت كانت لها نقاط قوة ونقاط ضعف، ولا نخاف على ناسنا لأنه عند المصائب والأزمات يتكاتف الناس مع بعضهم البعض، فستون بالمئة من النزوح كان نحو المنازل، لكن السؤال: هل
الدولة اللبنانية أجرت قراءة لما حدث خلال الحرب الماضية؟ وهل تحضرت لتكون المدارس والمراكز مجهّزة في فصل الشتاء بالتدفئة والطاقة وغيرهما؟ من هنا، نطلق نداءً جديدًا للدولة
اللبنانية وإدارة الكوارث أن يتمّ تحضير هذه المراكز ليكون بوسعها استقبال الناس. أما النقطة الثانية، فتتعلق بمستودعات للمواد الغذائية والطبية وفرش وحرامات، فهل هناك مستودعات في المناطق الآمنة؟ نحن أثبتنا نجاحنا في إدارة الأزمة، لكن يبقى الدور الأساسي على الدولة اللبنانية أن تقوم بعملها لتهيئة المراكز وغير ذلك".
من جهته، صرّح رئيس بلدية القاع بشير مطر قائلًا: "إن هناك حديثًا عن تصعيد عسكريّ يفوق المرة الماضية، ما ينعكس على سلامة البلد اقتصاديًا وغير ذلك، ومن جهة أخرى، نسمع عن احتمال توغل سوري عبر
البقاع لعدّة أسباب". أما عن الاستعدادات فيشير إلى "أن ذلك في التفكير فقط، ولم نلمس أي استعدادات على مستوى الحكومة والدولة ككلّ، فلا تطوير لمراكز الدفاع المدني، ولا إنشاء مراكز دم، ولا تطوير للمستشفيات بسبب النقص الموجود في الطاقم الطبي والمعدات الطبية، وصولًا إلى أزمة المياه والجفاف".
إذًا، وفي ظلّ تضاعف المخاوف والكلام المتزايد في الأوساط الشعبية عن احتمال انقطاع المواد الأساسية، ما يضع المواطنين أمام هواجس جديدة تتعلّق بواقعهم المعيشي وليس فقط بسلامتهم، تبدو الدولة والبلديات مطالبة معًا بالتحرّك السريع ولو ضمن الإمكانات المتاحة، تفاديًا لتكرار مشاهد الفوضى والنزوح العشوائي التي شهدها البقاع قبل عام.