Advertisement

لبنان

الذكاء الاصطناعي ولبنان: سباق بين دولة متعثّرة وطاقات تبحث عن مستقبلها

مهدي ياغي - Mahdi Yaghi

|
Lebanon 24
07-12-2025 | 06:00
A-
A+
Doc-P-1451872-639007051259147208.png
Doc-P-1451872-639007051259147208.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
يشهد العالم اليوم واحدة من أسرع الثورات العلمية التي عرفتها البشرية. فالذكاء الاصطناعي لم يعد أداة تقنية تُستخدم هنا وهناك، بل تحوّل إلى قاعدة تبنى عليها الاقتصادات والأعمال والسياسات وحتى البنى الاجتماعية. الدول التي أدركت مبكراً معنى هذه الموجة، سارعت إلى بناء منظومات متكاملة تحميها وتعزز دورها، بينما الدول التي تأخرت أو ترددت وجدت نفسها عاجزة عن اللحاق بهذا الإيقاع المتسارع الذي لا ينتظر أحداً.
Advertisement
 
وفي وسط هذا التحول العالمي، يقف لبنان في موقع شديد الحساسية: بلد يعاني انهياراً اقتصادياً وبنية تحتية بالكاد تعمل، لكنه في الوقت نفسه يملك نخبة بشرية توضع في الصفوف الأولى داخل أكبر شركات التكنولوجيا ومراكز الأبحاث حول العالم.
 
وفي محاولة لفهم موقع لبنان الحقيقي داخل هذا السباق، تحدّثت مهندسة الذكاء الاصطناعي لارا وهبي إلى "لبنان24"، مقدّمة قراءة تضيء على نقاط القوة ونقاط الضعف، وعلى شكل المستقبل الذي يمكن أن ينتظر البلد إذا عرف كيف يلتقط الفرصة في اللحظة المناسبة.
 
تبدأ وهبي حديثها برسم صورة دقيقة للواقع الحالي، مشيرة إلى أن التقدم الذي نراه في لبنان على مستوى الذكاء الاصطناعي لا يأتي من الدولة ولا من المؤسسات الرسمية، بل من الأفراد، وتحديداً من الشباب الذين يصرون على التعلم بجهد شخصي كامل.
 
وتضيف إن الأطراف التي كان من المفترض أن تقود هذا التحول، مثل المدارس والجامعات والمعاهد، "لا تزال بعيدة عن المستوى المطلوب"، ما جعل الكثير من الطلاب يلجأون إلى التعلم عبر الإنترنت، وإلى الدورات "الخاصة"، وإلى مصادر متعددة محلية أو إقليمية.
 
وترى وهبي أن المشكلة ليست في القدرات البشرية، بل في غياب البيئة التي تجعل هذه القدرات قادرة على التحول إلى منظومة. وتوضح أن لبنان يفتقر إلى الحد الأدنى من البنية التحتية التكنولوجية، بدءاً من الكهرباء مروراً بالإنترنت ووصولاً إلى التشريعات المتعلقة بالبيانات.
 
وتشير إلى أن الدولة، رغم استحداث وزارة معنيّة بالذكاء الاصطناعي، "لم تدخل بعد في مسار فعلي منظم"، بينما تمكنت دول عربية أخرى كالسعودية والإمارات وقطر من تحقيق قفزات كبيرة لأنها تبنّت رؤية واضحة منذ سنوات.
 
وفي حديثها، تسلّط وهبي الضوء على الجانب الأكثر أهمية في هذا المسار، وهم الشباب الذين يشكلون نقطة القوة الأساسية في لبنان. وتقول إن غياب الدولة لم يقف عائقاً أمام إرادتهم، بل شكّل في بعض الأحيان دافعاً أقوى لهم، لأنهم نجحوا في بناء مهاراتهم بالاعتماد على مصادر خارجية، وبذلوا جهداً مضاعفاً للوصول إلى المعرفة التي يحتاجون إليها. وتصف هذا الإصرار بأنه عنصر استثنائي "يزيد من قيمة الجيل الجديد، لكنه وحده غير كافٍ لتأسيس قطاع وطني حقيقي".
 
وحين يصل الحديث إلى الجامعات اللبنانية "الخاصة و الرسمية"، تبدو وهبي أكثر وضوحاً. فهي تؤكد أن “الخطوة الأولى الحقيقية يجب أن تبدأ من هنا”، لأن أي نهضة في الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن تقوم من دون تحديث جذري للمناهج. وتشير إلى أن بعض الجامعات يقدم مواد في الذكاء الاصطناعي، لكنها لا تزال تعتمد النظريات القديمة، وتركّز على الجانب الرياضي التقليدي، في حين أن هذا القطاع أصبح اليوم مرتبطاً بتطبيقات عملية ونماذج متقدمة وهندسة بيانات وذكاء توليدي وتدريب عميق وغيرها من الأدوات التي لا تزال غائبة عن التعليم اللبناني. وتشدّد على أن الجيل الجديد لا يمكن أن يدخل المنافسة الدولية إذا لم تُمنح له المعرفة الأساسية من داخل النظام التعليمي نفسه.
 
ولدى سؤالنا عن واقع الشركات اللبنانية، توضح وهبي أن القطاع الخاص لم يصل بعد إلى مرحلة دمج الذكاء الاصطناعي بشكل منهجي داخل أعماله. وتشير إلى أن المبادرات الموجودة فردية، وبعضها يعتمد على اجتهادات شخصية، لكن لا توجد بعد بيئة عمل متطورة تتيح للشباب فرصة التدريب الفعلي أو المشاركة في مشاريع كبيرة تعتمد على البيانات أو النماذج الذكية.
 
وتضيف أن الطلاب يواجهون صعوبات كبيرة في تحديد مصادر التعلم الصحيحة، وفي التمييز بين التدريب الجيد والسطحي، ما يجعل الكثير منهم يشعر بأنه “يبدأ من الصفر كل مرة”، وفي بلد لا يقدم له اتجاه واضحاً.
 
ورغم كل هذه التحديات، ترى وهبي أن الأمل ليس غائباً. فاستحداث وزارة للذكاء الاصطناعي يمكن أن يشكل نقطة تحول إذا توفرت له رؤية واضحة وخطة قابلة للتنفيذ. وتقول إن لبنان لا يحتاج إلى ميزانيات ضخمة لبدء الانخراط في هذا المجال، بل يحتاج إلى قرار سياسي يضع التكنولوجيا في صلب أولويات الدولة، وإلى تطوير تدريجي للبنية التحتية، وإلى شراكة جادة بين الجامعات والقطاع الخاص. وتشدد على أن طاقات الشباب اللبناني “هائلة إلى حد لا يُصدق”، وأن أي دعم بسيط يمكن أن يتحول إلى نقلة نوعية إذا وُضع في المكان الصحيح.
 
وتلخص وهبي نظرتها إلى مستقبل العلاقة بين لبنان والذكاء الاصطناعي بعبارة تحمل الكثير من المعاني، إذ تقول إن السباق الحقيقي ليس بين لبنان والتكنولوجيا، بل بين لبنان القديم ولبنان الذي يمكن أن يولد من جديد. وترى أن البلد إذا بقي في موقعه الحالي، فسيجد نفسه خارج الزمن، أما إذا قرر أن يستثمر في شبابه ويمنحهم البيئة المناسبة، فإن الذكاء الاصطناعي قد يتحول إلى فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة واقتصادها ودورها.
 
 
المصدر: خاص لبنان24
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

مهدي ياغي - Mahdi Yaghi