دق نقيب الاطباء البيطريين الدكتور ايهاب شعبان، ناقوس الخطر خوفاً من "الانتشار المتسارع لمرض الحمّى القلاعية في عدد من المناطق
اللبنانية. وحرصاً من نقابة الأطباء البيطريين على حماية
الثروة الحيوانية وصون الأمن الغذائي، اكد ضرورة أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر خلال هذه المرحلة الحساسة".
تحذير شعبان استدعى تحركاً سريعاً من
وزارة الزراعة التي اكدت في بيان اليوم تسجيل حالات مؤكّدة من مرض الحمّى القلاعية في عدد من مزارع المواشي، طالبة من البلديات والمستوردين، ونقابات النقل الالتزام التام بالمعايير الموضوعة في هذا الاطار، منعاً لانتشار الوباء، ومؤكدة انها وبالتنسيق مع
وزارة الداخلية والقضاء المختص والأجهزة الأمنية، ستتخذ أقصى الإجراءات القانونية بحق كل من يثبت تورّطه في تهريب أو نقل المواشي بشكل غير شرعي، لما يشكّله ذلك من خطر مباشر على الأمن الصحي الحيواني في
لبنان.
هذه التحركات السريعة تعكس حجم الخطر الصحي، لكنها في الوقت نفسه تكشف جانباً أكثر تعقيداً، إذ لم يعد المرض مجرد حدث بيطري، بل أزمة اقتصادية متصاعدة تضرب قطاع الثروة الحيوانية وتؤثر على أسعار اللحوم والألبان، وعلى استقرار الأمن الغذائي ككل.
ما هو هذا المرض؟
الحمى القلاعية، أو داء الحافر والفم، مرض فيروسي شديد العدوى يصيب الحيوانات مشقوقة الحافر. ورغم أن انتقاله إلى البشر نادر للغاية، فإن تأثيره على القطعان كبير، حيث ينتشر بسرعة هائلة بين الحيوانات، محدثاً تراجعاً حاداً في الإنتاج الحيواني، ومسبباً خسائر مالية مباشرة للمربين.
الأعراض السريرية… خسائر تبدأ من داخل الحظائر
تظهر الإصابة بأعراض واضحة تشمل ارتفاع الحرارة وفقدان الشهية، إضافة الى تقرحات مؤلمة في الفم واللسان تُعطّل قدرة الحيوانات على تناول الطعام، مصحوباً بإفراز لعابي
غزير ورائحة ، اضافة الى تورّم الأقدام وظهور فقاعات تجعل الحركة مؤلمة وتؤدي إلى العرج، وانخفاض حاد في إنتاج الحليب واللحوم.
وبحسب الاطباء البيطريين فان هذه الأعراض لا تمثل جانباً صحياً فقط، بل تشكل نقطة انطلاق لخسائر اقتصادية فورية تبدأ من تراجع الإنتاج وتنتهي بتراجع القيمة السوقية للحيوانات المصابة.
فهذا المرض يملك قدرة عالية على الانتشار خصوصاً وانه ينتقل عبر الهواء لمسافات طويلة، كما انه ينتشر من خلال الأدوات والملابس ووسائل النقل. كما ينتقل مباشرة بين الحيوانات عبر اللعاب والإفرازات التنفسية، او بطريقة غير مباشرة عبر الأعلاف أو الأدوات الملوثة، ما يجعل السيطرة عليه مهمة شديدة التعقيد.
علاج غير متوفر… والوقاية هي السلاح الوحيد
وبحسب الاطباء البيطريين لا يوجد علاج نوعي للفيروس، ما يجعل الإجراءات الوقائية هي الأساس، عبر عزل الحالات المصابة، والتطعيم الدوري للقطعان، إضافة الى تطهير الحظائر والمعدات بشكل صارم، وتقييد حركة الحيوانات بين المناطق، كما يمكن الوصول الى حد اللجوء إلى الإعدام الصحي للحد من الانتشار.
الأبعاد الاقتصادية… وجه الأزمة الأكثر خطورة
تتعدى ابعاد هذا الوباء تراجع إنتاج الحليب، انخفاض أوزان الحيوانات، وتأخر فترات التسمين، الى خسائر أكبر على المدى المتوسط بسبب تراجع معدلات الخصوبة والنمو، ما يعني ارتفاع كلفة التربية والعلاج، وانخفاض العائد من البيع، اضافة الى خسارة جزء من القطيع في حال الإعدام الإجباري.
كما ستؤدي هذه المشاكل الى ارتفاع أسعار اللحوم بسبب نقص المعروض، وارتفاع ايضاً في أسعار الألبان ومنتجاتها.
وعليه فان الحمى القلاعية ليست أزمة بيطرية يمكن عزلها داخل الحظائر، بل حدث اقتصادي واسع التأثير يمسّ أسعار الغذاء وسلاسل الإمداد وميزانيات الأسر. إعلان حالة الطوارئ يعكس فهماً واضحاً لخطورة المشهد: السيطرة على الوباء ليست فقط حماية للثروة الحيوانية، بل هي حماية لاقتصاد كامل، ودرع ضروري لصيانة الأمن الغذائي.