اذا كان ترحيب عدد من القيادات السياسية المقربة من الرئاسة الأولى بخطوة التفاوض التي قرر رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون السير بها امرا طبيعيا ، فإن موقف "التيار الوطني الحر" وتحديداً رئيسه النائب جبران باسيل والذي جاء مشيدا بهذه الخطوة ايضا له مدلولاته في السياسة، لاسيما بعد العلاقة فاترة بين الطرفين. للوهلة الأولى يظن البعض ان النائب باسيل انتقل الى مرحلة جديدة عنوانها التقارب مع رئيس الجمهورية، انما عند التدقيق بالأمر يمكن القول ان ما صدر عنه يختص بهذا القرار فحسب وهو امر يستدعي الأنتباه.
منذ الإستشارات النيابية غير الملزمة في قصر بعبدا ومشاركة كتلة
لبنان القوي برئاسة النائب باسيل، لم تحصل زيارات دورية كباقي الفرقاء الى
الرئيس عون، وبدا واضحا ان
التيار سجل تحفظاته وقتها من دون شن حملات عنيفة، وفي وقت لاحق اعلن انضمامه الى صفوف
المعارضة.
يتعاطى "التيار" مع الملفات المطروحة أمامه على القطعة، فما يتوافق مع قناعته يؤيده ويعارض في الوقت نفسه حين يجد ما يخالفها.
لا يمكن القول ان ترحيب رئيس "التيار" بالخطوة الرئاسية يعني انه اصبح في الخط نفسه مع رئيس الجمهورية وفي الوقت نفسه لا يمكن الا الإضاءة عليها ، هذا ما تؤكده مصادر سياسية مطلعة ل"لبنان ٢٤" وتلفت الى ان هذا التعاطي واضح ولا يمكن أدراجه الا في اطار واقع جديد من العلاقة بين التيار والرئاسة الأولى ما يؤسس الى ترتيبها بعد فترة طويلة من التشنج، مع
العلم ان التيار يصارع حاليا من اجل اعادة اثبات حضوره على الساحة السياسية بعد مجموعة تغييرات أصابت هيكليته.
وترى هذه المصادر ان رئيس الجمهورية يتعاطى من موقعه المسؤول وسبق ان قال انه لا يقصي احدا وبالتالي هذا ينطبق على فريق
التيار الوطني الحر الذي لا تربطه علاقات قوية مع الرئاستين الثانية والثالثة باستثناء بعض التقاطعات، موضحة ان اي تقارب بين التيار البرتقالي والرئاسة الأولى ليس مضمونا حتى وان جاءت اشارة او اكثر ايجابية لاسيما ان التيار لم يعكس في وقت قريب اي توجه في هذا الصدد، اما اي موقف اعتراضي منه فيجوز التعبير عنه.
وتعتبر ان المرحلة المقبلة من شأنها ان تجيب عن اسئلة حول وقوف التيار الى جانب العهد او ان الثناء الذي عبر عنه في القرار حول التفاوض ظرفي او لا ، وفي الواقع ان رئيس الجمهورية لم يتحدث في اي مرة عن مقربين من العهد او البعيدين عنه انما ذكر انه رئيس كل لبنان، ولذلك لا يمكن الحديث عن فريق الرئيس او غيره.
انضمام التيار الى افرقاء مسيحيين قرروا دعم رئيس البلاد في توجهاته يشكل مسألة اساسية لاسيما ان العهد لا يزال في بدايته وسيحتاج الى تأبيد في السنوات المقبلة وخصوصا في استحقاقات كبيرة.