كتب داوود رمال في" نداء الوطن": تكشف المعطيات الدبلوماسية أن الزيارة غير المعلنة الأهداف الحقيقية لسفراء الدول الأعضاء في
مجلس الأمن إلى
بيروت كانت في جوهرها عملية استكشاف دقيقة لكيفية تحريك المجلس نحو مقاربة نهائية للصراع اللبناني -
الإسرائيلي، وهي زيارة خرجت بخلاصات أولية يجري العمل على بلورتها بوتيرة متسارعة نظرًا لدقة اللحظة الإقليمية وتداعيات الحرب على الجبهات المحيطة.
في خلفية هذه التحركات، تبرز نقاشات جدية في أروقة القرار الدولي حول صوغ قرار جديد في مجلس الأمن يجبر
إسرائيل على الانسحاب الكامل من النقاط التي احتلتها في الحرب الأخيرة وتثبيت الحدود البرية استنادًا إلى اتفاقية نيو - كامب، بما يعيد الاعتبار للسيادة
اللبنانية على كامل أراضيها ويُسقط الذرائع التي لطالما استخدمتها إسرائيل لتبرير اعتداءاتها. ويرى أصحاب هذا الطرح أن استكمال تحديد الحدود البرية، كما حصل بحكم الأمر الواقع مع الحدود البحرية، يشكل المدخل الطبيعي لإقفال ملف النزاع الحدودي الذي تحوّل إلى نقطة ارتكاز في كل جولات التصعيد.
وتقترن هذه المقاربة بفكرة موازية تقوم على أن صدور قرار كهذا لن يكون فعّالًا ما لم يتزامن مع احتضان دولي وعربي للواقع اللبناني، بما يضمن انتقالًا منظمًا وسريعًا نحو مرحلة حصرية السلاح. فاستعادة الدولة دورها الأمني والسيادي تتطلب، وفق هذا المنطق، غطاءً إقليميًا يعالج شبكة المصالح والصراعات التي تشكلت حول السلاح، ويمنع الفراغ أو الفوضى خلال الانتقال، خصوصًا أن أي نموذج ناجح لحصرية السلاح يحتاج إلى منظومة دعم سياسي واقتصادي يُعيد الثقة بالدولة ومؤسساتها.
لكن البعد الأكثر حساسية في هذه النقاشات يرتبط بالدور
الإيراني، إذ يدرك
المجتمع الدولي أن حصر السلاح في
لبنان لا يمكن أن يتحول واقعًا ما لم يُمارَس ضغط جدّي وكبير على طهران لفك ارتباط قرار السلاح بها. وتدور مداولات في عدد من العواصم حول أشكال الضغط الممكنة، من سياسية واقتصادية وغيرها، لإجبار
إيران على القبول بتسوية تخرج لبنان من دائرة نفوذها العسكري المباشر، باعتبار أن قرار سلاح "
حزب الله" لا ينفصل عن حساباتها الإقليمية، ولا يمكن إخضاعه لمعادلة لبنانية داخلية صِرفة.
إلا أن الأخطر، وفق ما يُناقش في بعض الأروقة الدولية الضيقة، هو السيناريو الذي يفترض أن يقرّ هذه الطروحات أو جزء منها، ثم تواجه الدولة اللبنانية مماطلة أو عرقلة في تنفيذ مسار حصرية السلاح. عندها يُطرح احتمال وضع لبنان تحت الفصل السابع، بما يعني عمليًا نقل الملف من يد الدولة إلى ولاية دولية مباشرة، وفتح الباب أمام إجراءات تتجاوز الإرادة اللبنانية، من عقوبات مشددة إلى ضغوط سياسية وربما ترتيبات أمنية على الأرض. وهو احتمال لا يُطرح بوصفه تهديدًا بل كخيار أخير مطروح على الطاولة في حال فشل لبنان في الالتزام ببنود التسوية الشاملة.