في كأس العرب الجارية في قطر، لم يقتصر المشهد على تشجيع المنتخبات داخل الملاعب، بل تمدّد إلى "ترند" واضح على منصّات التواصل.. مقاطع تُظهر لبنانيين يرفعون صوتهم للأزرق الكويتي ويكرّرون عبارات محبة للكويت، في ردّ فعل تلاقى سريعاً مع تعليقات كويتية تُبادل اللبنانيين الودّ وتستحضر صورة الجالية اللبنانية كـ"حضور راقٍ"في المجتمع الكويتي.
هذا الميل العاطفي لا يأتي من فراغ. فخلف الهتاف، تقف ذاكرة اغتراب طويلة وعلاقة عمل وتعليم وإعلام واقتصاد نسجتها الجالية
اللبنانية في
الكويت عبر عقود. ووفق سردية موثّقة عن بدايات الوجود اللبناني هناك، تُسجَّل محطة مبكرة عام 1915، قبل أن تتسارع موجات الحضور مع مطلع الخمسينيات، حين كان عدد اللبنانيين يقارب الألف، ثم ارتفع في الثمانينيات إلى عشرات الآلاف، ووصل في 2017 إلى نحو 50 ألفاً.
أما تقديرات الحجم الحالي للجالية فتدور عادة في نطاق 40 إلى 50 ألفاً، مع الإشارة إلى غياب رقم "مدقّق" نهائي بسبب حركة رجال الأعمال والتنقّل بين
دول الخليج، ما يجعل الأرقام مرنة بطبيعتها.
وفي ما يشبه "شهادة رسمية" على صورة الجالية، كان
وزير الداخلية الكويتي الشيخ
فهد اليوسف قد قال من
قصر بعبدا إن "أقل جالية لديها مشاكل في الكويت هي الجالية اللبنانية"، مبدياً تمنّيه أن يزيد عدد أفرادها في بلاده، وهو توصيف يصفه كثيرون كترجمة مباشرة لفكرة أن اللبنانيين من الأقل مخالفة للقانون والأكثر التزاماً بالنظم العامة هناك.
هكذا، تحوّل تشجيع منتخبٍ في بطولةٍ كروية إلى مرآةٍ لعلاقةٍ أعمق.. اغترابٌ قديم يراكم الثقة، وحنينٌ لبناني يردّ الجميل بطريقته الأكثر شعبية… من المدرّج إلى الشاشة.