نشرت صحيفة "arabnews" تقريراً جديداً تحدثت فيه عن المقاطع المسربة التي انتشرت مؤخراً للرئيس السوري بشار
الأسد مع مستشارته الإعلامية الراحلة لونا الشبل.
ويُعتقد أن الفيديوهات التي بثتها قناة "العربية" قد التُقطت عام 2018، وذلك خلال جولات ميدانية قام بها الأسد مع الشبل داخل
سوريا.
التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" يقول أن "الرسالة الأهم في مقاطع الفيديو يجب أن تلقى صدى لدى مؤيدي الأسد، سواء في سوريا أو
لبنان أو العراق، خصوصاً أولئك المتحالفين مع ما يُسمى بمحور
المقاومة"، وأضاف: "تكشف التسجيلات عن الأسد كقائدٍ غير مبالٍ بشعبه ومتجاهلٍ لحلفائه، مُظهرةً العقلية التي حكمت سوريا لعقودٍ وأغرقت البلاد في حربٍ أهليةٍ طويلة الأمد مع جماعاتٍ مسلحة، محليةٍ وأجنبية".
وتابع: "لقد وفر هذا المناخ أرضاً خصبة لازدهار المنظمات المتطرفة مثل
القاعدة وداعش، على الرغم من أن الأسد كان بإمكانه تجنب هذه العواقب الكارثية من خلال إصلاحات حقيقية تعمل على تحسين مستويات المعيشة وتحقيق تطلعات السوريين إلى الازدهار والاستقرار".
التقرير اعتبر أن "تلك الفيديوهات تُسهل فهم الأحداث وتُفسّر سبب هذا الانهيار السريع للنظام السوري في غضون أيام معدودة"، مشيراً إلى أن "التسجيلات تقدم نظرة كاشفة عن كيفية نظر الدائرة المقربة من الأسد إلى حلفائها وقاعدة دعمها"، وأضاف: "خلال مقطع يُظهر الأسد وهو يتجول في محيط الغوطة، فيما قالت له الشبل إن الجيش الجيش السوري طور مهاراته وهو الآن يراجعها، مشيرة إلى أن الحزب اعتاد أن يفتخر بقدراته القتالية في المناطق الحضرية، لكننا في النهاية لم نسمع منهم شيئاً".
التقرير يكمل قائلاً: "يُعدّ هذا المشهد من أكثر اللحظات كشفاً في الفيديوهات المسربة، ما يستدعي تأملاً جاداً من جانب القاعدة الشعبية
اللبنانية لحزب الله. عليهم أن يستوعبوا
التزام آلاف الشباب اللبنانيين الشيعة لسنوات طويلة بالدفاع عن الأسد في سوريا، مبررين ذلك بخطاب ديني - وهي حملة أدت إلى تآكل قدرات
حزب الله العملياتية وشرعيته الشعبية بشكل كبير. تزداد هذه المحاسبة إلحاحاً في ضوء حرب الإسناد التي اندلعت عام 2024، والتي أطلقها أمين عام الحزب الراحل حسن نصر الله دعماً لغزة، والتي لم تُحقق أي مكاسب ملموسة. لقد باتت آلاف المنازل في جنوب لبنان، والبقاع، وجنوب
بيروت، أطلالاً، في حين تواصل
إسرائيل نمطها من التوغلات اليومية وانتهاكات السيادة اللبنانية".
واستكمل: "هذا الوضع يثير سؤالاً جوهرياً: هل ذهبت كل تلك الدماء والتضحيات سدىً، دفاعاً عن نظام سوري لم يكرم شعبه ولم يمتنع عن السخرية من أكثر حلفائه إخلاصاً؟".
وأضاف: "يمثل التناقض بين التصريحات العلنية لنظام الأسد المصممة لقاعدته وتصريحاته الخاصة منظورًا بالغ الأهمية لفهم الصدى المحتمل لهذه التسريبات بين مؤيدي محور المقاومة - على الرغم من أن البعض يرفض التسجيلات باعتبارها مفبركة، وبالتالي يتجنبون الأسئلة المحرجة. أولئك الذين آمنوا برواية التحالف القوي ودور حزب الله الحاسم في الوقوف في وجه الأعداء، واجهوا فجأة تسجيلات تُظهر رئيس النظام وهو يسخر منهم ويستخدمهم كبيادق يمكن التخلص منها".
ورأى التقرير أن "توقيت نشر قناة العربية لهذه التسجيلات له دلالة بالغة الأهمية، إذ يصادف الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد وهي لحظة محورية تسعى فيها سوريا إلى صياغة هوية سياسية جديدة، بدءًا من الحكم الشعبي وصولاً إلى الأسئلة الأساسية حول هيكل الدولة وتوجهها وهدفها وعلاقاتها مع
الدول العربية في المنطقة".
وتابع: "بالنسبة لمن يدعمون القيادة
السورية الناشئة، فقد أثبتت التسريبات ما كانوا يؤمنون به منذ زمن طويل وهو أن الأسد لم يكن يستحق حكم سوريا. إلا أن الرسالة الحاسمة في هذه الفيديوهات أعمق من ذلك بكثير، فالنظام لم يسقط لمجرد الهزائم العسكرية، بل لأنه بُني على أساس من القطيعة التامة بين الحاكم والمحكوم".
وأكمل: "يتعين على الحكومة الانتقالية السورية، في المرحلة المقبلة، أن تُرسّخ سلطتها بطريقة مختلفة، وذلك من خلال انخراط حقيقي مع كل قطاعات المجتمع، والاستماع إلى احتياجاتها ومخاوفها، واحترام مختلف أشكال الوطنية، وإتاحة المجال لمشاركة سياسية حقيقية متجذرة في المواطنة وسيادة القانون والعدالة. كذلك، يجب على الدولة أن تُعيد تأكيد حقها الحصري في حمل السلاح، وأن تتصدى للتطرف من خلال استراتيجيات قانونية وتعليمية وتنموية منسقة، لا من خلال الجهاز الأمني والتهميش الممنهج الذي ميّز النظام السابق لعقود".
وختم التقرير: "لقد ظل الأسد منغلقاً على نفسه، رافضاً أي توجيهات تُقدم إليه، حتى من المقربين منه، ولم يستغل جهود المصالحة العربية أو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. مع هذا، فقد ظلّ الأسد متمسكاً بنهجه، ينظر إلى نفسه كفاتحٍ يخضع له الجميع، مُغذياً غروره بينما يتجاهل معاناة الشعب السوري. هذه الإخفاقات الجسيمة في التقدير هي التي أوصلته إلى المنفى اليوم، في حين يسعى السوريون جاهدين لبناء أمة آمنة ومزدهرة ذات روابط عربية متينة، تاركين وراءهم ماضياً غارقاً في الألم والدمار".